العراق الجديد والخليج هل ينتصر منطق الدولة والسيادة

العراق الجديد والخليج... هل ينتصر منطق الدولة والسيادة؟

العراق الجديد والخليج... هل ينتصر منطق الدولة والسيادة؟

 العرب اليوم -

العراق الجديد والخليج هل ينتصر منطق الدولة والسيادة

بقلم - يوسف الديني

التحولات السياسية الكبرى في العالم والمنطقة تتسارع بوتيرة تعكس حالة التأهب لأي تغيير استراتيجي محتمل لدى الولايات المتحدة، مع الإدارة الجديدة التي يقودها بايدن ضمن حزمة وعود أطلقها في مرحلة السباق الرئاسي والسجالات الانتخابية، تم التقاطها سريعاً في المنطقة على شكل مخاوف ومشروعات انبعاث، وتحركات استباقية أمنية، كان أكبرها وأكثرها بعثرة للأوراق اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، إضافة إلى التحركات الإيجابية لاستعادة استقرار العراق وعودته إلى سياقه العربي والخليجي، والتي تقودها المملكة العربية السعودية بمحفزات تستحضر استقرار العراق، وكان آخرها إعلان بغداد عن فتح منفذ ثانٍ مع السعودية (منفذ الجميمة) وما تلاه من زيارات وفود سعودية رفيعة المستوى تحمل مشروعات تنموية كبرى تهدف إلى عافية العراق، وهي الاستراتيجية الخليجية ذاتها التي تقودها السعودية، لخلق مناخات استقرار في المنطقة تعتمد على دعم مشروع أساسي، وهو الاستقرار ومنطق الدولة، واستراتيجيات الرفاه الاقتصادي وجودة الحياة، بعيداً عن مشروعات الظل والحقائب السوداء لأحلاف الأزمات.
وبإزاء الرغبة الخليجية - السعودية الملحة في تكريس «استقرار المنطقة» كمشروع تعافٍ، بعد انكسارات الربيع العربي وانعكاساته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وبعد تحدي العالم المتمثل في جائحة «كورونا»، لا تزال المشروعات المضادة تعمل على اختطاف العراق مجدداً إلى مربع الأزمات؛ خصوصاً بعد تصدر تنظيم «داعش» ملف الإرهاب، ثم تحديات ما بعد «كورونا»، والتحول السياسي المرتقب في مقاربة الإدارة الأميركية الجديدة التي مكنت ملالي طهران من التقاط حالة التنافس الانتخابي والوعود الرئاسية، ومنها العودة للاتفاق النووي وما تلاها من زيارات أمنية بين العراق وطهران بحسب تقارير أميركية، ومنها تقرير لمعهد واشنطن للسياسات حول زيارة قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني التي أتت بعد انتهاء الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على صفقات السلاح مع إيران في أكتوبر (تشرين الأول).
نهاية الحظر أتاحت لطهران استعادة جزء من حريتها المقيدة، لتستثمرها في إعادة تسويق منتجاتها الحربية للعراق بشكل أساسي، ولجهات أخرى عربية ودولية، مثل سوريا وفنزويلا، بحسب التقرير، رغم أن هذه الدول خاضعة لقيود واحترازات مالية ومصرفية، ما يعني أن الولايات المتحدة ستقوم بتعطيل هذه الصفقات. إلا أن المسألة تتجاوز مسألة العقوبات وطريقة التعامل مع مشروع الملالي في المنطقة، إلى مسألة جوهرية تتصل بالفارق بين المشروعين الخليجي والإيراني في المنطقة، وهو ما يجب أن تتضافر جهود الدول التي تغلِّب منطق الدولة برعاية سعودية للقيام بحملات مكثفة دبلوماسية وسياسية، لتغليب منطق استقرار العراق ودفعه باتجاه المستقبل والبناء والسيادة المستقلة، وتعزيز العلاقات الأمنية مع دول الجوار، وليس وضعها تحت دائرة مشروعات الظل وصفقات الأسلحة التي تحاول طهران اقتناص الفراغ الأمني المحتمل للانسحاب الأميركي في المنطقة، والمخاوف المشروعة والمحتملة من محاولة بعث الميليشيات الموالية لطهران وتنشيطها، إضافة إلى أذرع إيران في المنطقة، للعودة لها مجدداً، وتفجير الأوضاع، مما ستكون انعكاساته كارثية على الداخل العراقي والمنطقة.
التدخل الإيراني في الشأن العراقي في السابق كان لحظة إيذان بتكريس المحاصصة السياسية الطائفية، والولاءات مع آيديولوجيا ولاية الفقيه التي تحاول إيران تدويلها، كبديل لتصدير الثورة المباشرة، في العراق ولبنان واليمن، وتحويل ساحات النفوذ إلى مصادر لإنتاج الفوضى السياسية، وتقويض استقرار الدول، وخرق التوافقية بين المكونات السياسية المختلفة. وبالطبع عادة ما يجد هذا التدخل قبولاً عند الشخصيات الانتهازية، كما هي الحال في بعض التيارات السياسية في لبنان، وبعض التيارات السياسية من أنصار الإسلام السياسي الشيعي في الخليج؛ لكنه ولاء مشروط بالبحث عن دور، وليس عن قناعة بجدوى السلوك الإيراني في المنطقة الذي هو سلوك تقويضي هدمي، لا يمكن أن يسهم في بناء دولة، غير أنه قادر على مفاعيل التدمير للدول المضطربة.
الإرادة السياسية العراقية الآن في لحظة اختبار غير مسبوقة، في هذه الأوقات الحرجة التي يمر بها العالم، بين مشروع استعادة منطق الدولة والعمل على رفاه العراق الجديد المتجاوز للعبة الكراسي المتحركة والمشروعات المخترقة للسيادة، والتي تحاول طهران، عبر إغراءات عسكرية ودفاعية ومحفزات تلعب على مسألة الأسعار والحزم الأمنية، إعادة تسويقها لتجاوز مسألة الإخفاق النووي والعقوبات الاقتصادية، بينما تحرص دول جوار العراق، تتقدمهم السعودية، على الشراكات الاقتصادية المستدامة المتجهة صوب المستقبل، وتغليب منطق الدولة والعقلانية، وتحريك الملف الاقتصادي وإنعاشه بمحفزات كبرى، من شأنها نهوض العراق الذي سيساهم في تهدئة الأوضاع في المنطقة وإحلال السلام والتعاون المشترك، إضافة إلى تقديم العراق مجدداً كدولة سيادية مستقلة، تقف على مسافة واحدة لصالح شعبها وأمنها واقتصادها.
أرض السواد بمقدراتها الهائلة قادرة على الذهاب بعيداً في صناعة مستقبل مزدهر لها في المنطقة، والعراق بإرادة سياسية وتعاون مشترك يغلب منطق الدولة والعقلانية والسلام، قادر على التعافي من ارتباكه الذي طال أمده باتجاه عراق واحد عربي يمثله كله أبناؤه الذين دفعوا كثيراً من الأثمان، للتخلص من نظام البعث ومن الإرهاب و«داعش»، في الوقت ذاته آن لهم اليوم التخلص من الإرث الطائفي والتدخلات السيادية، من المشروعات التقويضية وأحلاف الأزمات، ليصبح العراق للعراقيين قبل كل شيء.

 

arabstoday

GMT 08:34 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الشباب والأحلام!

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 06:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 06:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق الجديد والخليج هل ينتصر منطق الدولة والسيادة العراق الجديد والخليج هل ينتصر منطق الدولة والسيادة



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 03:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
 العرب اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab