الأمن القومي الخليجي ضرورة لا خيار

الأمن القومي الخليجي ضرورة لا خيار

الأمن القومي الخليجي ضرورة لا خيار

 العرب اليوم -

الأمن القومي الخليجي ضرورة لا خيار

بقلم : يوسف الديني

إلى الآن ووفقاً للتصريحات المهمة العسكرية البحرية الأوروبية (أسبيدس)، أمس (الاثنين)، فإن النيران لا تزال مشتعلة في السفينة «سونيون» التي ترفع العلم اليوناني بعد هجوم الحوثيين، وعلى الرغم من تأكيدها على عدم وجود أي مؤشرات واضحة حتى الآن على تسرب نفطي، فإن هذا الحدث وما سبقه يعيد طرح أسئلة حالة السيولة الشديدة للتوترات في المنطقة، وإهمال المجتمع الدولي رغم كل المطالبات من دول الاعتدال، وفي مقدمتها السعودية على ضرورة الوصول إلى حل شامل في إطار رؤية كلية إزاء الملفات العالقة منها قضية فلسطين، والتغول الإيراني، وصعود الميليشيات، وعسكرة المنطقة في اليمن ولبنان والعراق؛ وهو ما يعني دخول المنطقة في أتون التعقيدات السيادية بسبب حالة التجاذب بين إسرائيل من جهة وإيران وحلفائها الذين يستثمرون سياسياً في ملف غزة ويلقون بأوراق الشعارات على طاولة محاولة التحشيد والتلويح بالرد واستغلال عامل الوقت في ظرف استثنائي برسم الانتظار للرئيس القادم للولايات المتحدة.

كل هذه الهجمات المتكررة وما يقابلها من المواقف الدولية تطرح حقيقة لا تقبل الشك، وهي أنه لا يمكن خلق حالة إجماع أمني في مسألة البحر الأحمر مع انقسام أخلاقي وسياسي حول العدوان على غزة، وتعميق حالة الانسداد لأي حل يحاول توسيع دائرة النظر وتحويل المقاربات من ردود الأفعال إلى الاستراتيجيات والحلول البعيدة الأمد والتي تراعي المآلات وليس النتائج السريعة، وبإزاء هذه الحقيقة تقف أختها وهي أن أي استراتيجيات الحل لمعضلة أمن البحر الأحمر شأن إقليمي بالدرجة الأولى لا يمكن إلا أن تلعب الدول المعنية به وفي مقدمتها السعودية وباقي الدولة المطلة دوراً أساسياً في أي مقاربة للحل.

هذه الفوضى التي يمعن الكيان الإسرائيلي بوحشيته تجاه الفلسطينيين في تعميقها وتغذيها، هي حالة الإهمال الدولية وتراجع دور الاتحاد الأوروبي وارتباك الإدارة الأميركية وخذلانها للأصوات العاقلة في المنطقة وإعادة إنتاج ثقافة الميليشيات كواقع سياسي مؤرق للأمن القومي لدول المنطقة وعلى رأسها دول الخليج، وبسبب عدم الضغط الحقيقي على تل أبيب لوقف العدوان والحرب ستتلبس الميليشيات بفعل الهجمات على البحر الأحمر قناع اللاعب السياسي ولو بتدمير الداخل اليمني في حالة متزامنة مع الهجمات التي تأتي على حساب الداخل اليمني، كما ستساهم في التسويق لشعارات عسكرة المنطقة والحلول التدميرية بحيث تستحيل الميليشيات والتنظيمات المسلحة المرفوضة والمقوضة للاستقرار أدواتَ ضغطٍ سياسية على المجتمع الدولي وكيانات مهددة لاستقرار الدول والتلويح بنذر الحرب التي تقترب كلما فشلت المفاوضات بإيقاف الحرب أولاً ثم بصيغ توافقية تراعي السياق الأكبر في الشرق الأوسط.

العواقب المجتمعية في حواضن الميليشيا في الدول المرهونة لإرادة طهران خطرة وطويلة الأمد، حيث الوقوع في أحضان الميليشيا وشعاراتها يعني باختصار تسيّد طرق الفوضى والإكراه السياسي الذي تمارسه الميليشيات على جموع الشعب الذين يتوقون لحياة أفضل، ومن يطالع تقارير المنظمات الحقوقية والتحقيقات الاستقصائية عن تعطل المدارس ونمو حالات التجنيد للأطفال والمراهقين في البيئات الحاضة للميليشيات وثقافتها، سيدرك أن الموضوع يتجاوز استهداف سفينة أو إطلاق مسيّرة.

الأكيد أن المنطقة اليوم تعيش حالة فراغ سياسي كبير، وتتحمل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الجزء الأكبر من المسؤولية؛ نظراً لما تملكه من قدرة على التأثير وحشد قرار سياسي دولي، كما أن اللعب بمكيالين فيما يخص مسألة مساندة إسرائيل بالمطلق والتلكؤ في الضغط عليها وإهمال عواقب تفشي خطاب التطرف والعنف وكل الحزمة الدعائية للميليشيات وشعاراتها إلى الحد الذي نكاد نعيش معه «ربيع الميليشيات»، وسيزيد الطين بلة صعود حالة عودة تنظيم «داعش» لاستغلال الفراغ والنشاط في مناطق التوتر والتي هي أيضاً محل تحذيرات الكثير من مراكز الدراسات والتقارير البحثية وهي المعادل أيضاً لحالة الاستثمار في «المأساة» باستغلال حالة الملهاة من قِبل الدول الكبرى ومن دون فعل شيء سوى الشعارات فحسب.

الحفاظ على مكون الدولة مهمة صعبة وتحتاج إلى تفهم ودعم دوليين، وفي الوقت نفسه في حاجة إلى فهم المكونات السياسية، لا سيما الأطراف السياسية الفاعلة في الدول المتوترة والخطاب الإعلامي العربي الذي يقع أحياناً في فخ نصرة القضية الفلسطينية من خلال الترويج لثقافة الميليشيات وانتصاراتها الوهمية، كما يرسل رسائل خاطئة للجمهور المتلقي في قراءة دقيقة للواقع، حيث إنها لا تعي أنها الضحية الأولى في حال انهيار الدولة وسقوطها في قبضة الميليشيات المسلحة.

ما تحتاج إليه دول الخليج اليوم هو تحويل أمنها القومي المرتبط بتطوير القطاعات الأمنية والدفاعية للوصول إلى «استراتيجيات الأمن المستدام» المسنود بخطاب إعلامي وثقافي يحاول المشي بخطوات الوعي في حقل ألغام التطرف!

 

arabstoday

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ترامب في البيت الأبيض... رجل كل التناقضات والمفاجآت!

GMT 14:33 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

شرور الفتنة من يشعلها؟!

GMT 14:21 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

GMT 14:20 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخيم جباليا الذي اختفى

GMT 14:19 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

يد العروبة من الخليج إلى المحيط

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 05:54 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمن القومي الخليجي ضرورة لا خيار الأمن القومي الخليجي ضرورة لا خيار



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab