يوم التأسيس سردية تجذّر التجربة السعودية

يوم التأسيس: سردية تجذّر التجربة السعودية

يوم التأسيس: سردية تجذّر التجربة السعودية

 العرب اليوم -

يوم التأسيس سردية تجذّر التجربة السعودية

بقلم - يوسف الديني

العودة إلى التاريخ عبر تمثله سردياً هي إعادة حفر للهوية في الحاضر ورهاناتها في المستقبل أكثر من كونها مجرد تاريخ استعادي لا سيما في أزمنة الاستحقاقات الكبرى وهذا أوانها بالنسبة للدولة/ الكيان، وتجربة المملكة العربية السعودية المتجذرة في التاريخ كدولة قبل كل تحالفاتها اللاحقة الدينية والمجتمعية وخرائط الفاعلين والبناء الهيكلي.
الدولة الكيان، ومفهومها The Concept of State الذي كتبت فيه مئات الكتب والدراسات في أصلها مفارقة لمفاهيم سابقة لها من السلطنات إلى الإمبراطوريات والممالك القديمة التي حكمت في العصور الوسطى باسم المؤسسات الدينية وخضعت لسلطتها.
الدولة كيان حديث في الحياة السياسية المعاصرة قائم على فكرة «تموضع السلطة» الكلمة اللاتينية Position ومنها إلى اللغات الأوروبية مطلع القرن الخامس عشر قبل أن يتطور إلى مفهوم الشأن العام Publicae، أبسط تعريف للدولة يناسب ما نحن بصدده عن دولة الدرعية المبكرة... تعريف موسوعة لاروس Larousse الفرنسية للدولة بأنها: «مجموعة من الأفراد الذين يعيشون على أرض محددة ويخضعون لسلطة معينة». ومن هنا تعتبر الدولة ومنذ نشأتها الحديثة في أعقاب مؤتمر وستفاليا 1648 أهم لبنات البناء السياسي الحديث لسردية تاريخ التشكلات الاجتماعية المستقرة والقائم على ثلاثة محددات: «الأرض، الشعب، السلطة»، لذلك تولد الدولة مرة واحدة وفق هذا المفهوم، بينما تختلف السلطة والحكومة بتغير الأزمان.
من هنا يمكن الحديث عن يوم التأسيس الذي تم الإعلان عنه باعتباره بداية لثلاثة قرون من تجربة الدولة السعودية التي تشكلت مع تجربة الدرعية نسبة إلى الدروع، قبيلة استوطنت وادي حنيفة وحكمت حجر والجزعة، ودعا أحد حكامها وهو صاحب اليمامة ابن درع ابن عمه مانع بن ربيعة المريدي للقدوم من عروض نجد إلى مرابع وادي حنيفة، حيث قام مانع بتأسيس «غصيبة» وهو أقدم أحياء المدينة، حيث يعود تاريخه إلى عام 1446م لتنمو لاحقاً تشكلات حضرية ومدنية لما يعرف بمفهوم المدينة/ الدولة وبنائها بشكل خاص في عهد حفيد مانع المريدي موسى بن ربيعة بن مانع، وفي عهد ابنه إبراهيم الذي كان يقوم بتأمين الحجيج وحماية طرقهم نحو الحجاز، إذ كانت له صلات مع الدولة العثمانية قبيل عام 1573م وهنا نقطة مهمة لتجذر مفهوم السلطة السياسية والسيادة وبدايات تشكل مفهوم الدرعية كدولة المدينة The City State ومنذ تلك اللحظة مثلت الدرعية في المخيال السعودي الوطني نقطة بناء حضاري للشخصية والهوية حتى قبل أن يتم تسجيلها كمعلم تراثي لليونيسكو وحاضنة لمشاريع تنموية تستعيد تجذر تجربة دولة المدينة وتؤكد عمق التجربة السعودية وامتدادها لثلاثة قرون تقريباً.
وإذا كان التأسيس تموضع في الدرعية، فإنه قد تجسد كدولة في تجربة الإمام محمد بن سعود (1679- 1765) والذي توفي عن بضعة وثمانين عاماً بحسب إفادة بن غنام المؤرخ المعروف، وبعد تجربة سياسية ناضجة بلغت أربعين عاماً؛ أسس فيها الدولة من خلال توحيد شطري الدرعية، وتقنين موارد الدولة، ونشر الاستقرار السياسي وحماية قوافل المسافرين في 22 - 2 - 1727م وهو ما سبق انتقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية ومبايعته في 1744م أي بما يزيد على 17 عاماً وبسبب طبيعة طغيان الكتابة التاريخية المرتبطة بالتحولات الدينية أهمل عدد من المؤرخين هذه الفترة وما قبلها منذ تأسيس الدرعية على يد مانع المريدي، وهو ما أدى إلى أخطاء في التصور للكتابة التاريخية عن الدولة السعودية وتبعات ذلك من فهم التحالفات والتحولات والفاعلين والأحداث من دون فهم سياق تجذر دولة المدينة في الدرعية بمعنى التطور للاستقرار السياسي والمدينة وليس سياق الأفكار وتجاذباتها، بمعنى آخر التباسات مفهوم الدولة في مقابل الدعوة، وانتقال دولة المدينة في الدرعية إلى مفهوم الدولة القُطرية بمعناه الحديث؛ ولذلك درج المؤرخون على وصفها بالدولة السعودية الأولى.
يوم التأسيس الذي تم الإعلان عنه هو إعادة موضعة الدولة في الكتابة التاريخية والسياق الوطني وتجذير امتدادها التاريخي المستحق والمهمل من قبل السردية التي شكلت صورة نمطية غير دقيقة، فالهدف الأساسي منه استعادة «البدايات» ولحظات التشكل الأولى للكيان السياسي على يد الإمام محمد بن سعود، بينما يختص اليوم الوطني بمناسبة تأسيسية ثانية تتعلق بتوحيد المملكة العربية السعودية، فالعمق التاريخي سابق وملازم لاكتمال التجربة السياسية.
منذ لحظة توحيد المملكة إلى «رؤية 2030» الطموحة هناك قصة سعودية مختلفة يجب أن تروى للأجيال، المفارقة كانت أننا اعتدنا أن نسمعها بشكل مغلوط وصورة نمطية من الخارج وربما بشكل ناقص أو خجول من الداخل. اليوم مع مكانة المملكة وموقعها الجديد ورؤيتها آن الأوان للسعوديين أن يكتبوا سرديتهم الخاصة، وهو ما تسعى إليه جهات عدة من مشاريع توثيق الفنون والمذاقات إلى التوثيق الشفهي للذاكرة إلى مشاريع ضخمة ذات طابع ثقافي، وهو يأتي من العُلا المبهرة، وصولاً إلى الدرعية وجدة القديمة، عدا المشاريع الأكثر قداسة وتوهجاً في بناء مكانة المملكة، الحرمين الشريفين بوابة القوة الناعمة والعلاقة الممتدة مع مشارق الأرض ومغاربها.
ختاماً الحديث عن السياق الفلسفي والاجتماعي والفكري لتأسس وتجذر السردية السعودية وتفاصيلها التاريخية، هو كالحديث عن تفاصيل مستقبلها المتمثل في رؤية 2030 بحاجة إلى العديد من الدراسات بل مراكز أبحاث متخصصة، لكن الشروع في كتابة تاريخ جديد لمستقبل يستلهم هذا الاستثناء على مستوى الرؤية والتنفيذ والتعامل مع التحديات، قد آن أوانه منذ يوم التأسيس... يوم البدايات والتشكلات لتجربة لم تنل حقها بسبب عطن الآيديولوجيا ومفارق التحزبات.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم التأسيس سردية تجذّر التجربة السعودية يوم التأسيس سردية تجذّر التجربة السعودية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل
 العرب اليوم - محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab