روسيا ومعادلات نصرالله إلى لبنان

روسيا ومعادلات نصرالله إلى لبنان

روسيا ومعادلات نصرالله إلى لبنان

 العرب اليوم -

روسيا ومعادلات نصرالله إلى لبنان

بقلم - علي شندب

أمام كل تحول دولي إقليمي ينعكس اختناقاً لبنانياً، يقضم حزب الله جزءاً إضافياً من جسد الدولة التي أصبحت جثة هشة يتصارع أطراف المنظومة على تناتش كفنها. سيما وأن المعادلات الدولية أطاحت بمعادلات المنطقة التي لطالما تفاخر زعيم حزب الله برسمها إلى أن بلعها وسحبها من التداول، لينقض على الداخل اللبناني لمزيد من الإخضاع بالترهيب، ما جعل جميع مواقع السلطة الدستورية والسياسية والعسكرية والأمنية والقضائية تواطئا أو خوفا أشبه بألعوبة بين يديه.

وبخلاف المناخات الخاطئة التي أشيعت عقب زيارة وفد حزب الله الى موسكو، وأشاعتها القراءات الخاطئة، فقد فاجأ السيد حسن نصرالله اللبنانيين بانقلابه على المبادرة الفرنسية من باب التزامه بها، إن أقلعت. ليتبين أن حكومة تكنوسياسية هي معادلة نصرالله الأصلية والأساسية. كما وليتبين أن قبوله بالمبادرة الماكرونية كان لزوم العلاقات العامة والحفاظ على بعض القنوات الخارجية الخلفية والأمامية. ثم ليترك لوكيله في قصر بعبدا وشريكه في تفاهم مار مخايل الإجهاز الممنهج عليها. ولهذا لم تصدر مراسيم تشكيل الحكومة. وتحوطا لإخفاق وفشل المعادلة التكنوسياسية، استل نصرالله سلفا سيف التهديد بإعادة بعث حكومة حسان دياب، التي أطاح بها انفجار مرفأ بيروت ومطالبات 17 تشرين، من ما بعد الموت.

لكن عبارة "لدينا مشكلة في الدستور" التي مرّرها نصرالله في سياق عرضه لأزمة بقاء البلد دون حكومة، وتجاهلها من المعقبين على كلام الرجل، هي العبارة التي تفتح الباب أمام إعادة بناء وتكوين الدولة كما تقتضيها مصلحة المصلحة لوكيل خامنئي في لبنان، الذي بات شعبه بحسب البطريرك الماروني بشارة الراعي "ضحية الظلامة السياسية الحاكمة".

هكذا ببساطة متناهية يفرض نصرالله خياراته أو قراراته على اللبنانيين. لكنه رغم هذا، يمعن القول بأن هذه الحكومات ليست حكوماته، وبأنه لا يحكم لبنان ولا يتحكم بمفاصله التفصيلية التي بلغت حد الإملاء على قيادة الجيش اللبناني فيما يجب أن تفعله او لا تفعله. إملاءات أطلقها عبر الاعلام وليس في الغرف المغلقة أو قنوات التواصل المعلومة بين الحزب والجيش. وإذ بنصرالله يحلل لنفسه ما يحرمه على شريكه باسيل عندما يقارب عبر منصات الإعلام مثلا تفاهم مار مخايل "الذي فشل في بناء الدولة".

إنها المعادلات الجديدة التي شملت بتدابيرها حاكم مصرف لبنان الذي دخل ضمن رصد ومتابعة ردارات نصرالله. كما شملت المتظاهرين الذين يريد نصرالله كتم صوتهم ونفسهم بحجة قطعهم الطريق. المتظاهرون الذي يعتبرون قطع الطرق وسيلة تعبير بوجه منظومة الفساد والمال والسلطة والسلاح والأمونيوم المتكلسة التي أفقرت اللبنانيين وجوعتهم وأذلتهم واغتالت آمالهم وطموحاتهم بالحد الأدنى من العيش الكريم.

ببساطة متناهية حولت معادلات نصرالله الجديدة المتظاهرين إلى "قطاع طرق"، بعدما حولتهم ومن اليوم الأول لـ 17 تشرين الى عملاء سفارات خارجية. معادلات متناسلة من موقف إيران الرسمي بلسان وزير الدفاع الايراني الذي انتقل من التهديد بتدمير إسرائيل خلال 7 دقائق ونص إلى اعتباره "أن احتجاجات لبنان معادية لإيران".

إنها لغة القوة والغلبة والسلاح التي يفرضها نصرالله على اللبنانيين، تلك التي دفعت وليد جنبلاط الى ممارسة هواياته المتقنة في التقاط شيفرة التحولات والسير في ركابها عبر استدارات لا يجيدها حتى أبطال الجمباز. وبخفة متناهية قصد جنبلاط بالأمس قصر بعبدا طالبا "التسوية" مع من وصفه أول أمس بـ "العبثي الذي يريد الانتحار". شيء سوريالي ما، يشبه الكاريكاتير الذي لم تدركه ريشة الرسامين بعد. تلك الصورة التي جمعت التسوية مع العبثية، تدل على عمق مأزق التحولات التي تعصف بالمنطقة المنهكة بالحروب، والتي لأجل ترسيم شرائط وخرائط وخطوط النفوذ والسيطرة الاقليمية والدولية فيها ربما تؤدي بعض أعراضها الجانبية لاندلاع حرب أهلية في لبنان بحسب ما بشرنا نصرالله الذي يمتلك معلومات كثيرة حولها لكنه لم يفصح عن الاسم الأول لحرف واحد منها لضرورات التهويل.

التهويل بالحرب الأهلية سلاح جديد يشهره نصرالله ضد اللبنانيين (من باب اتهامه جهات لم يسمها بالسعي لها) بهدف تخضيعهم وترضيخهم لمعادلاته الجديدة التي تبدأ بالحكومة التكنوسياسية التي تعني تمثيلا واضحا للحزب الكبير وملحقاته الصغرى فيها. الحكومة التكنوسياسية التي بمثلها نكب لبنان ونهب، والتي بمثلها ستحجب مساعدات العرب والغرب معا. المساعدات التي باتت بفعل أداء الحكومات المتعاقبة (التي ولدت من رحم معادلة "غطوا على سلاحنا نغطي على فسادكم") الترياق الوحيد لمنع لبنان من التحلّل والزوال.

ومن رحم التحولات العاصفة بالمنطقة انطلاقا من بلوغ التسوية الدولية في سوريا مراحلها الاخيرة، ولد استدعاء روسيا لحزب الله الى موسكو بهدف ابلاغه دفتر شروط المرحلة الجديدة (كما أفادتنا به شخصية عربية وثيقة الصلة بالخارجية الروسية) التي تستوجب "خروج حزب الله من سوريا وليس من جنوبها فقط، كما وإعادة ترسانته الصاروخية الى ايران، وإلا فإن روسيا سترفع يدها عن حماية الحزب الأمنية والسياسية وسوف لن تتدخل لمنع اسرائيل من قصفه ومطاردته في كل سوريا".

ويرجح أن استجابة حزب الله لمطالب روسيا، (التي هي للمناسبة مطالب اسرائيلية بلسان روسي)، قابله موافقة روسيا على معادلات نصرالله الجديدة في لبنان ومنها رفض سيرغي لافروف مطالب البطريرك الراعي بالحياد وعقد مؤتمر خاص حول لبنان برعاية الأمم المتحدة، وقوله أمام وفد الحزب أن موسكو "تدعم سيادة لبنان ووحدته.. وأن حل المشكلات يكون على أساس حوار واسع بمشاركة أبرز الطوائف المكونة للمجتمع اللبناني.. بعيدا عن أي تدخل خارجي".

عبارة "بعيدا عن أي تدخل خارجي" التي أوردها بيان الخارجية الروسية شكلت المكسب السياسي الكبير الذي يحتاجه حزب الله داخليا، ليغطي ويبرّر تنازلاته الكبيرة لقيصر روسيا المنهمك في التنقيب داخل مخيم اليرموك "المكان الملتبس" عن رفات جنود اسرائيليين قتلوا خلال مواجهات الجيش السوري والمقاومة الفلسطينية وجيش لبنان العربي وأحزاب الحركة الوطنية للاجتياح الاسرائيلي عام 1982 بين بلدتي السلطان يعقوب وبيادر العدس في البقاع اللبناني.

رفات كان أوّلها للضابط الاسرائيلي زخريا باومل الذي سلمه بوتين لنتنياهو خلال احتفالية خاصة في موسكو منذ عامين، وسط صمت مطبق لحزب الله بوصفه بطل عمليات التبادل مع اسرائيل. فهل كانت رفاة باومل ثمن حماية موسكو السياسية لحزب الله، وهل سيكون عثور القوات الروسية على بقية الرفات والأشلاء الاسرائيلية التي اقترب الاعلان عنها، بمثابة الدفعة الثانية التي ستحدد انعكاس التحولات الاقليمية والدولية على معادلات حزب الله الجديدة من النفوذ والسيطرة المتمادية على لبنان الذي ربما ستدفعه التحولات الى التحليق ضمن مدارات روسيا ونفوذها المتمدد في المنطقة؟

أخيرا، بات سعد الحريري الذي ربما انطلت عليه مناورة طرفي مار مخايل، في وضع لا يحسد عليه، وباتت حكومة التكنوسياسيين تزاحم حكومة الاختصاصيين. فهل يرضخ لتهويل نصرالله ويقرر التنازل مرة أخرى ضنا بمصلحة لبنان واللبنانيين العليا. أم يعتذر. أم أن موقف رؤساء الحكومة السابقين سيفعل فعله فيه ويبقيه على قيد الحياة.. السياسة؟

هذا ما ستجيب عليه الأيام القليلة المقبلة.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا ومعادلات نصرالله إلى لبنان روسيا ومعادلات نصرالله إلى لبنان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab