شبح الخط الأحمر يلوّن الوطية

شبح الخط الأحمر يلوّن الوطية

شبح الخط الأحمر يلوّن الوطية

 العرب اليوم -

شبح الخط الأحمر يلوّن الوطية

بقلم -علي شندب

بعد نحو مئة غارة نفذتها البوارج التركية وطائراتها المقاتلة والمسيّرة، وكما بات معلوما، سيطرت القوات التركية وقوات الوفاق التابعة لها على قاعدة الوطية الاستراتيجية بتاريخ 18/5/2020.انعدام التوازن في نسبة القوى ونوعية الأسلحة، مكنت القوات التركية من السيطرة على القاعدة التي تبلغ مساحتها نحو 40 كلم2، وتبعد عن طرابلس 140 كلم. إنها القاعدة المهيمنة على كامل غربي ليبيا والمشرفة على جنوبي تونس وشرقي الجزائر. لكن الجائزة الموازية للسيطرة على الوطية، والتي احتفلت بها قوات الوفاق ومن خلفها تركيا، فكانت في تدمير بعض منظومات الدفاع الجوي الروسية الصنع نوع بانتسير، كما في غنيمة إحدى هذه المنظومات، التي استعرضوها مع كل العوامل النفسية المكثفة للشعور بنشوة النصر في الساحة الخضراء بطرابلس.

إنه الاستعراض الذي انطلق بعده الكلام التركي والوفاقي، عن ضرب كبرياء الصناعة العسكرية الروسية، وعدم صمودها أمام المقاتلات الأردوغانية، علما أن منظومات بانتسير وباعتراف قوات الوفاق والأتراك معا، لم تكن في وضع قتالي. وإنما كانت بين منقولة على عربات من مكان لآخر، او بداخل إحدى دشم الطائرات في الوطية، بشهادة أفلام الفيديو التي بثّها إعلام الوفاق فضلا عن الإعلام التركي، تماما كما بثّ الأتراك وأشياعهم النصر في الوطية.

بدون شك سقوط الوطية، قلب الأوضاع الميدانية في كامل غربي ليبيا، حيث انسحب الجيش الليبي والقوات المساندة له من محيط طرابلس ومدينة ترهونة باتجاه قاعدة الجفرة مفتاح إقليم فزان والصحراء الكبرى، وقاعدة القرضابية في مدينة سرت بوصفها الجسر الاستراتيجي الذي يربط شرق ليبيا بغربها وأيضا بوصفها مفتاح الهلال النفطي الليبي.

إنهما المدينتان اللتان أعلنهما الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خطا أحمرا لمصر والأمن القومي العربي. تماما كما أعلنهما الرئيس التركي رجب أردوغان هدفا لغزوته الليبية. فهما بيت قصيد الأردوغان، وبدون سيطرته عليهما تفقد غزوته الليبية أبرز وأهم أهدافها التي هي الثروة الطاقوية.

بعد ذلك شرعت تركيا في تجهيز الوطية بهدف اعتمادها كقاعدة جوية استراتيجية لها غربي ليبيا. فقد كان هذا التجهيز محل متابعة وثيقة ولصيقة. إنها المتابعة التي شملت وصول منظومات الدفاع الجوي التركي من أصل أميركي نوع "هوك"، إضافة لمنظومات التشويش الإلكتروني الراداري نوع "كورال"، وهي المنظومات المعتمدة من غالبية دول الناتو.

إنها المتابعة عبر التصوير الجوي بواسطة قمر صناعي وعبر الطائرات، وأيضا التصوير البري الذي شمل مواكبة مسارات وطرق العربات البرية الحاملة لهذه المنظومات باتجاه قاعدة الوطية.
لكن المرحلة الأبرز من هذه المتابعة اللصيقة، فكانت أثناء تنصيب وتركيب وتجهيز منظومات الهوك والكورال وصولا الى وضعهم في حالة الجهوزية العملانية والعملياتية.
إنها الجهوزية التي تقول إن قاعدة الوطية باتت تتمتع بدفاع جوي محكم، سيسمح للقوات الأردوغانية بالانطلاق إلى المهام الموالية بعد السيطرة على الوطية.

إذن، منظومات بانتسير وبغض النظر عن حجم فاعليتها الحقيقية في مواجهة المقاتلات الحديثة، كانت إمّا مغلولة في الدشم الخرسانية، وإما محمولة ومقولة على عرباتها الخاصة من مكان لآخر، وهي حالات لا تسمح لها بالعمل. أمّا منظومات هوك وكورال التركية فكانوا في حالة الجاهزية العملياتية الكاملة.

وكانت المفاجأة التي تحمل الكثير من الرسائل السوبر عسكرية. فقد تم استهداف منظومات هوك والكورال، وبتسع ضربات جوية عنيفة التدمير كما أفصح الجيش الليبي، وهي الضربات التي أفضت إلى تحييد كامل للمنظومات التركية وتحويلها إلى كتلة من الرماد.

إنها المفاجأة التي نزلت كالصاعقة على رؤوس قيادات الأردوغان الحربية وقوات حكومة الوفاق الميليشياوية. إنها الضربة الجوية التي تمّت بعد يوم واحد على زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى طرابلس وإعلانه من على أحد البوارج التركية قبالة الشواطئ الليبية "أن أجداده انسحبوا من ليبيا بعدما أقاموا فيها 500 عام، ونحن الآن سنبقى في ليبيا إلى الأبد".

وباستثناء إعلان الجيش الليبي مسؤوليته عن تدمير المنظومات التركية بضربات جوية عنيفة، قالت بعض التقارير الإعلامية إن الطائرات التي قصفت الوطية إما رافال فرنسية أو ميغ 29 روسية.
وفيما نفت فرنسا أي دور لها في قصف الوطية. أطلقت روسيا "بعد الثأر لمنظومات بانستير"، وتزامنا مع اتصال بين رئيس الأركان الروسي ونظيره التركي حول الوضع في ليبيا، أطلقت العنان لمبادرات دبلوماسية تعكس توازن القوى الجديد. فقد سارع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إلى إبلاغ نظيره التركي جاويش أوغلو، استعداد قائد الجيش الليبي خليفة حفتر للتوقيع على اتفاقية لوقف إطلاق النار، طالبا منه إقناع حكومة الوفاق بذلك.

بدون شك تدمير منظومات تركيا في قاعدة الوطية، فرض نسقا جديدا لتوازن القوى الإقليمية مفاده بأن الخط الأحمر المصري قد امتد إلى الوطية. وهو الأمر الذي دفع أنقرة للإعلان عن إعادة تزويد الوطية بمنظومة دفاع جوي، تشي عيون زرقاء اليمامة كما التقنيات العسكرية والتكنولوجية بمتابعتها وتدميرها، ما يعني أن الوطية دخلت منظومات الخط الأحمر.

إنه النسق الذي يكابر الأردوغان في عدم الانصياع له والتسليم بنتائجه. وهو ما دفع أنقرة للإعلان عن نيتها في إجراء مناورات بحرية ضخمة بمشاركة 17 طائرة حربية و8 قطع بحرية، قبالة 3 مناطق من سواحل ليبيا، وذلك بهدف تجهيز القوات للسيطرة على المنطقة جواً وبحراً.

إنه الإعلان الذي يأتي بعد يوم واحد على تدمير المنظومات التركية في الوطية، وبعد أيام قليلة على زيارة قائد البحرية التركية رفقة وزير الدفاع خلوصي أكار إلى طرابلس الليبية، وليس طرابلس اللبنانية التي للمفارقة يكثر الكلام عن تحضيرات تركية بخصوصها.

لكن مصر التي ترصد التهديدات التركية بعين زرقاء اليمامة، كانت بالمرصاد للنوايا والمناورات الأردوغانية المُبيتة، فسارعت إلى تنفيذ المناورة الاستراتيجية "حسم 2020" بإشراف وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي، والتي شملت غالبية صنوف وأفرع القوات البرية والبحرية والجوية، كما شملت القتال الجوي للتعامل مع الأهداف ذات العمق البعيد وضمنا التزود بالوقود في الجو.

الكلام عن المناورات التركية والرد الاستباقي المصري، تزامنا مع تحشيدات كبيرة وواسعة نفذتها ميليشيات حكومة الوفاق غير الوفاقية، مصحوبة بمرتزقة الأردوغان من شمالي سوريا وقد باتوا مجرد بندقية للإيجار يستخدمها من يدفع أكثر، وهي التحشيدات المتوجهة نحو مدينتي سرت والجفرة، بهدف تجاوز الخط الأحمر المصري وكسره. إنه التجاوز الذي إن حصل سيدخل المنطقة في حرب طاحنة ومكلفة، لا تريدها مصر، ولا تخشاها في آن، كما أعلن السيسي.

لكن مصر مجبرة على خوض هذه الحرب دفاعا عن أمنها الاستراتيجي والأمن القومي العربي، بخلاف الأردوغان الذي يهدف من غزواته وتمدّده وفق أسلوب داعش، عبر تخصيب الولاءات الكراغلية الإخوانية، بهدف السطو على ثروات الليبيين الطاقوية والمعدنية.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبح الخط الأحمر يلوّن الوطية شبح الخط الأحمر يلوّن الوطية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab