حربُ أكتوبرَ المجيدةُ ومعركةُ سيفِ القدسِ العظيمةُ

حربُ أكتوبرَ المجيدةُ ومعركةُ سيفِ القدسِ العظيمةُ

حربُ أكتوبرَ المجيدةُ ومعركةُ سيفِ القدسِ العظيمةُ

 العرب اليوم -

حربُ أكتوبرَ المجيدةُ ومعركةُ سيفِ القدسِ العظيمةُ

مصطفى يوسف اللداوي
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

كأنهما كانتا على موعدٍ واحدٍ وقدرٍ مشترك، فالأولى كانت يوم العاشر من شهر رمضان، والثانية كانت يوم العاشر من شهر آيار، وكلتاهما صدمتا العدو وفاجأتاه، وأوجعتاه وآلمتاه، وتركتاه يترنح ويتطوح، وأدخلتا شعبه قسراً إلى الملاجئ والبيوت المحصنة، وعطلتا الحياة العامة فيه، وأوقفتا عجلة الاقتصاد ومرافق العمل، وأحدثتا في جبهته الداخلية تهتكاً، وفي مؤسسته العسكرية تصدعاً، واستطاعتا أن تثبتا بصراحةٍ ووضوحٍ، أن جيش العدو يمكن أن يكسر ويهزم، وأن كيانه يمكن أن يفكك ويزول، وأنه أضعف من أن يصمد، وأوهى من أن يبقى، وأنه بلا دعمٍ خارجي ضعيفٌ، وبلا سندٍ دوليٍ مهزومٌ، فقد علا صوته في الحربين مستغيثاً، ونادى خلالهما طالباً الهدنة ومستعجلاً وقف إطلاق النار.
 
أثبتت الحربان المجيدتان، العاشر من رمضان وسيف القدس، أننا نحن الأقوى والأقدر، وأننا نحن الأفضل والأجدر، وأن أبناءنا يتفوقون على جنود العدو ويغلبونهم، وأنهم جديرون بالثقة ويستحقون التقدير، فهم صُبُرٌ في الحربِ وصُدُقٌ عند اللقاء، وقد أحسنوا الإعداد وأجادوا التدريب، وصدقوا الوعد وثبتوا على الأرض، واستعدوا للقتال وتأهبوا للهجوم، وأعدوا العدة وراكموا السلاح، ونَوَّعوا وسائلهم القتالية وطوروا صواريخهم الهجومية، وأثبتوا لأمتهم العربية والإسلامية، وللمراهنين عليهم والمؤمنين بهم، أنهم يستحقون النصر ويستأهلون الحياة، وأنهم يستطيعون هزيمة العدو وردعه، وتهديد مشروعه وتفكيك كيانه، وأنهم باتوا قادرين على إعادة كتابة التاريخ من جديد، ورسم خرائط المنطقة مرةً أخرى، وإعادة تنظيمها بدون إسرائيل وبلا وجودها.  
 
حرب أكتوبر كانت حرباً عظيمةً، لا نقلل من شأنها ولا نخفف من وقعها، فقد كادت جيوشنا العربية أن تصل إلى تل أبيب وتدكها، وتخرج المستوطنين منها وكلَ المحتلين لأرضنا، وتستعيد الأرض العربية ومعها فلسطين التاريخية، التي باتت الطريق إليها ممهدة وسهلة، وكثافة نيران قواتنا الموحدة تصلها، فقد انهار جيش العدو ولم يعد يستطيع صد الجبهات ومواجهة الجيوش، وأدرك على أنه أبواب الهزيمة والسقوط، لولا أن تدارك المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية لنجدته، وهبوا جميعاً لمساعدته، وهددوا بالتدخل السريع، وتوعدوا بتغيير حاسمٍ لمسار الحرب.
 
معركة سيف القدس كانت على العدو قاسية ومؤلمة، فقد هددت المقاومة الفلسطينية العمق الإسرائيلي كله، وأدخلت جبهته الداخلية كلها في أتون المعركة، وشعر بها المستوطنون جميعاً، وباتت المنطقة كلها على أبواب تغيير محتملٍ وخلطٍ للأوراق متوقعٍ، فاستبد القلق والخوف بالعدو وأدرك أن القادم أخطر، فاستبق المفاجئات التي يخشاها باستغاثةٍ دوليةٍ وإقليمية لوقف إطلاق النار، والتوصل إلى هدنةٍ توقف الانهيارات الدراماتيكية غير المتوقعة، على الرغم من أنه لم يحقق أهدافه، ولم يصل إلى غاياته التي كان يتطلع إليها قبل كل حربٍ يخوضها ويخطط لها، حيث كان يأمل ترميم جيشه، واستعادة الثقة في مؤسسته العسكرية التي اهتزت واضطربت، وما عادت قادرة على الحسم السريع أو كي الوعي المستدام.
 
حرب العاشر من رمضان التي انتصرت فيها الجيوش العربية عسكرياً، لم تؤت ثمارها السياسية المرجوة، بل على العكس من ذلك، فقد ازلقت مصر وهي أكبر الدول العربية وأقواها، وصاحبة الانتصار المجيد والمفاجأة العظيمة، إلى مسار التسوية السياسية البغيض، الذي بدأ بزيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى مدينة القدس المحتلة، وانتهى بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام بينها وبين الكيان الصهيوني عام 1979، الأمر الذي مهد لخروج أكبر وأقوى دولة عربية من دائرة الصراع مع العدو الإسرائيلي، مما أضعف الجبهة العربية ومزق صفوفها، وشتت جهودها وأفقدها القدرة على التأثير الكبير.
 
ها نحن اليوم أمام انتصارٍ شبيهٍ وواقعٍ مماثلٍ نسبياً، إلا أن الحرب الأولى لم تخلق بيننا مجموعة من العابثين المتآمرين، المتضامنين مع العدو والمؤيدين له، والمناوئين للمقاومة والكارهين لها، ولم تظهر جهودٌ تحاول تبهيت النصر، أو مساعي تعمل على سحب البساط من تحت أقدام المنتصرين، وتريد أن تظهرهم بأنهم وحدهم ولا أحد معهم، والكل ضدهم ولا أحد يؤيدهم، في ظل حمى التطبيع مع الكيان الصهيوني وموجة الاعتراف به والتنسيق الأمني والسياسي معه.
 
رغم التشابه الكبير بين الحربين، والاعتزاز الكبير بهما وبما حققتاه، إلا أن معركة سيف القدس لا يبدو أنها قد انتهت، فالعدو يريد بالتعاون مع بعض القوى تحويلها إلى هزيمة، وقلب نتائجها إلى عواقب وخيمةٍ، فإما يحقق استسلاماً وتطويعاً، واعترافاً وتفويضاً، أو يلجأ إلى حروبٍ أخرى منها العسكرية والأمنية، ولكن عمادها المستجد سيكون تشديد الحصار، وزيادة العقوبات ومضاعفة العقبات والتحديات، لتفقد المقاومة حاضنتها الشعبية، وتخسر قلبها النابض بحبها، فهل تتعاضد قوى المقاومة وتتحد، وتتفق القوى الفلسطينية وتتصالح، ويصبر معها الشعب ويحتمل، وتمر المؤامرة وتنجلي، وتنكشف الغمة وتنقشع، أم تسوخ الأقدام وتتعثر الخطى، ويغلق المدى ويسد الأفق، ونعود من الحرب الرابحة بجنى خاسر وحصادٍ هشيمٍ، ويُفرض بالجوع والحصار والدمار ومنع الإعمار، اتفاقٌ لئيمٌ وحلٌ ذليلٌ.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حربُ أكتوبرَ المجيدةُ ومعركةُ سيفِ القدسِ العظيمةُ حربُ أكتوبرَ المجيدةُ ومعركةُ سيفِ القدسِ العظيمةُ



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
 العرب اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 20:38 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبدالوهاب تكشف عن شروطها لتعود إلى التمثيل
 العرب اليوم - شيرين عبدالوهاب تكشف عن شروطها لتعود إلى التمثيل

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
 العرب اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي

GMT 00:00 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 07:57 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نتائج "مايكروسوفت" و"ميتا" تهبط بأسهم "ناسداك" 2.8%
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab