السودان ومستقبل الديمقراطية

السودان ومستقبل الديمقراطية

السودان ومستقبل الديمقراطية

 العرب اليوم -

السودان ومستقبل الديمقراطية

بقلم - حسام عيتاني

لا تُنبئ المبادرة الأممية لبدء مشاورات بشأن الخروج من الأزمة السودانية بكثير من التفاؤل. الفتور الذي قوبلت به دعوة مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرتس لجميع الأطراف إلى المشاورات، خصوصاً في أوساط المعارضة، سلط الضوء على خلو المبادرة من أي جانب عملي أو تصور مستقبلي لكيفية وضع حد للتدهور المتواصل في المجالين الأمني والاقتصادي.
المسار الذي سلكته الأحداث منذ انقلاب الجيش في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على الاتفاق مع «قوى الحرية والتغيير»، وصولاً إلى استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بعد فشله في تشكيل حكومة اختصاصيين تتوافق مع الشرط الذي وضعه للعودة إلى منصبه، صار معروفاً. والخلافات آخذة في الاتساع بين المكونين المدني والعسكري بعدما تحول مجلس السيادة الذي نصت الوثيقة الدستورية في 2019 على تشيكله إلى ما يشبه «مجلس قيادة الثورة» في الأنظمة الانقلابية العربية الشهيرة.
سعة الخلافات تظهر في الشوارع التي لا تخلو من مظاهرات يومية وصدامات يسقط فيها متظاهرون برصاص الجيش والقوى الأمنية الرديفة، في وقت يسير فيه الاقتصاد إلى استعصاء مزمن تتوقع المؤسسات الدولية أن يتفاقم ما لم يجرِ التوصل إلى حل سياسي ضمن سياق التصور السابق، أي الانتقال إلى حكم مدني وإجراء انتخابات عامة ضمن الفترة المتفق عليها بين «قوى الحرية والتغيير» من جهة والجيش من الجهة المقابلة.
ثمة مستويان لتشخيص المعضلة السودانية الراهنة؛ يتعلق الأول بانقسامات المكون المدني وصراعاته وغياب الرؤية المستقبلية لدى قواه الأبرز والتفاوت الكبير في المواقف بين المؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي، على سبيل المثال لا الحصر، إضافة إلى التجمعات المهنية والحركات المسلحة السابقة التي انضمت إلى اتفاق يوليو 2019. يقابل التشرذم هذا، تمسك المكون العسكري بموقعهم في السلطة وتضامنهم وسعيهم إلى تعميق انقسامات المكون المدني من خلال شخصيات وتشكيلات مصطنعة.
أما سبب تشدد العسكريين في تمسكهم بالسلطة فيرجع الى أسباب ثلاثة باتت متداولة بين مراقبي الشأن السوداني: السبب الأول هو عدم استعداد ممثل الجيش في رئاسة مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان للتخلي عن منصب الرئيس بعد مرور 21 شهراً على توليه، بحسب ما تنص الوثيقة الدستورية. ولم يكن استيلاؤه على السلطة في 25 أكتوبر الماضي إلا لدفع هذا الاستحقاق والبقاء في منصبه بذريعة تصاعد حدة الخلافات السياسية والشلل الذي أصاب عمل حكومة حمدوك. وحالياً، يتهرب المكون العسكري من تسليم السلطة إلى المدنيين بالقول إن الوضع الأمني يتطلب دوراً أكبر للعسكريين. السبب الثاني هو قرب موعد تسليم الرئيس السابق عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية بمقتضى اتفاق سابق. هذا التنازل الذي قدمه الجيش في لحظة المد الشعبي، ينطوي على خطر حقيقي على العديد من العسكريين إذا وسعت المحكمة تحقيقاتها مع البشير حول مجازر دارفور. السبب الثالث هو خشية عدد من كبار الضباط المضي قدماً في التحقيق في الحادث الذي وقع في يونيو (حزيران) 2019 قبل أسابيع من توقيع الوثيقة الدستورية وانطلاق المرحلة الانتقالية.
يجوز وصف الأسباب الثلاثة هذه بـ«الإجرائية» التي تحمل في ثناياها المستوى الثاني من تشخيص المعضلة الراهنة. وكان الفريق البرهان قد أعلن صراحة في سبتمبر (أيلول) الماضي أن «الجيش هو الوصي على أمن السودان» في سياق انتقادات لاذعة وجهها هو ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى السياسيين المنشغلين بالخلافات في ما بينهم «على الكراسي»، عن هموم المواطن. لم يفت الفريق البرهان في المناسبة ذاتها وفي مناسبات كثيرة لاحقة التشديد على أن الجيش لا يريد السلطة بل يعمل على تسليمها إلى من يختاره الشعب السوداني. وهذه أقوال تحتاج إلى إثباتات.
مهما يكن من أمر، يحق للقارئ التساؤل عن مصدر «وصاية» الجيش على أمن السودان ووحدته. ذاك أن الجيوش في الدول الحديثة تستمد شرعية وجودها من التفويض الشعبي المنصوص عليه في الدستور وتخضع بالتالي لرقابة المؤسسة التشريعية. غني عن البيان أن هناك من الدول العربية لا ينطبق عليها ولا على جيوشها التعريف أعلاه. فالكثير من المؤسسات العسكرية العربية ترفض مجرد الإفصاح عن موازناتها بذرائع الأمن القومي وحفظ أسرار البلاد من أعين العدو... الخ. الأهم هو التعرف على الفئات الاجتماعية التي يحمي الجيش مصالحها ويمثلها في السلطة ومقارنة الفئات هذه – في الحالة السودانية - مع مكونات المجتمع المدني والهيئات النقابية والمهنية والأحزاب المعارضة. وفي نتيجة المقارنة تلك يمكن التكهن بمصير المسار الديمقراطي السوداني.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان ومستقبل الديمقراطية السودان ومستقبل الديمقراطية



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
 العرب اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 20:38 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبدالوهاب تكشف عن شروطها لتعود إلى التمثيل
 العرب اليوم - شيرين عبدالوهاب تكشف عن شروطها لتعود إلى التمثيل

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
 العرب اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي

GMT 00:00 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 07:57 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نتائج "مايكروسوفت" و"ميتا" تهبط بأسهم "ناسداك" 2.8%
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab