بقلم - وليد خدوري
انعقد في «مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية» (كابسارك)، في الرياض، مؤتمراً دولياً خلال الفترة 4-9 فبراير (شباط) الجاري، شارك فيه مئات الخبراء والمهتمين باقتصادات الطاقة من مختلف أقطار العالم، وذلك بمناسبة انعقاد «المؤتمر السنوي الدولي الرابع والأربعين للاتحاد الدولي لاقتصاديي الطاقة». وانعقاده في الرياض هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشارك في الإعداد للمؤتمر «جمعية اقتصاديات الطاقة السعودية».
ضم شعار المؤتمر «الطريق إلى طاقة مستقبلية نظيفة، مستقرة، ومستدامة»، الاهتمام بمرحلة الطاقة الحالية بهيمنتها الهيدروكربونية، ومرحلة تحول الطاقة نحو تحييد الانبعاثات ببروز سلة طاقة هجينة بحلول منتصف القرن، محور المناقشات والأبحاث. وقد ناقش الخبراء مواضيع عدة، منها: تمويل واستثمارات الطاقة، والتنمية والطاقة وتغير المناخ، والعلاقة ما بين الطاقة والماء والغذاء والمعادن، والتقنية ومتغيرات الطاقة، وتحديات وفرص قطاع الكهرباء، وأمن الطلب على الطاقة، وتحديات إنتاج الطاقة البحرية في الدول العربية، والاقتصاد الأخضر وأثره على التنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية مقارنة بتجارب أخرى، والهيدروجين والمستقبل: نظم تسعير الطاقة الشمسية للقطاع السكني، ودور الوقود الهيدروكربوني في عصر تصفير الانبعاثات.
افتتح المؤتمر بجلسة عمومية تحاور فيها كاتب الطاقة دان يرغن، مؤلف كتاب «الجائزة» عن تاريخ صناعة البترول العالمية الحائز على جائزة «بوليتزر»، ووزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان. اتسم الحوار بتوجيه أسئلة من يرغن للإجابة عنها من قبل الأمير عبد العزيز. وشملت الأسئلة إمكانية السعودية في مواجهة الحملة العالمية لتخفيض استهلاك البترول، فأجاب الأمير عبد العزيز بأن السعودية تواجه هذا التحدي بكل جدية. فإلى جانب مسؤوليتها في استقرار أسعار النفط، هناك مشاريع عدة تحت التنفيذ حالياً، مثل صناعة التقاط وتخزين الكربون لتحييد الانبعاثات، بالإضافة إلى مشاريع إنتاج الهيدروجين والطاقات المستدامة (الشمسية)، وترشيد الاستهلاك والتخطيط لتشييد مفاعلات نووية. وأضاف أن السعودية تؤهل إمكاناتها وثرواتها الطبيعية والبشرية لكي تستمر في أن تلعب دوراً طاقوياً عالمياً رئيساً مستقبلاً. كما كرر الأمير عبد العزيز شكوكه حول خريطة الطريق التي تم رسمها كي يتحول العالم إلى تصفير الانبعاثات، وأجاب رغم التشكيك بخريطة الطريق، بأن السعودية ستكون جاهزة بحلول عام 2060 للتحول إلى تحييد الانبعاثات. ونوه وزير الطاقة السعودي بأن سياسة وقرارات مجموعة «أوبك بلس» تنبع عن الدراسات والأبحاث المتوفرة لدول المجموعة حول العرض والطلب للأسواق وليس عن قرارات سياسية. فالهدف المنشود هو استقرار الأسعار والأسواق للنفط الخام.
من الجدير بالذكر، أن الهند والعديد من أقطار «أوبك» قد أعلنوا عن تمكنهم من تحييد الانبعاثات بحلول عام 2070، نظراً للمتطلبات العديدة لتحول الطاقة.
منح الاتحاد الدولي لاقتصاديي الطاقة جائزته السنوية لأهم خبير طاقة اقتصادي خلال العام؛ الدكتور عدنان شهاب الدين، خبير الطاقة العربي من الكويت. وشارك مجموعة مهمة من الخبراء العرب والسعوديين والسعوديات، بالإضافة إلى خبراء طاقة عرب آخرين، في محاضرات اللجان العلمية، وهيمن العنصر النسائي السعودي على عدد من الجلسات، منها صناعة اقتصاد وتخزين الكربون. وقد لفتت المشاركة الواسعة للجامعيات السعوديات من شركة «أرامكو السعودية»، و«مركز الملك عبد الله للدراسات والأبحاث النفطية»، ومؤسسات طاقوية سعودية أخرى من القطاعين العام والخاص، اهتمام المؤتمرين.
لعب «مركز الملك عبد الله للدراسات والأبحاث البترولية» دوراً كبيراً في إنجاح تنظيم وإدارة المؤتمر. يضم «المركز» خبراء طاقة مرموقين من دول متعددة، ويشارك في الأبحاث السعوديون والسعوديات، الذين يشكلون جزءاً من مجموعة الخبرة السعودية الواسعة في مجال الطاقة، متمثلة بأكبر شركة نفطية عالمية «أرامكو السعودية»، ناهيك بوزارة الطاقة والشركات والدوائر المتخصصة في البيئة والطاقات المستدامة، الأمر الذي يعكس الثقة في السعودية، ليس فقط في توفر الاحتياطي البترولي الضخم المتوفر لديها، بل أيضاً في الاعتماد على خريجيها الجامعيين في إدارة دفة الصناعة في البلاد، والتعامل بمرونة مع عملية تحول الطاقة.
هذا، وشكل انعقاد المؤتمر في مبنى مؤتمرات «مركز الملك عبد الله» الذي صممته المعمارية زها حديد، فرصة للعمل والاستمتاع بعمارتها الحديثة.