مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة

مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة

مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة

 العرب اليوم -

مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة

بقلم - وليد خدوري

تغيرت أولويات البشرية خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب المعاناة من الأوبئة والمجاعات التي غيرت الكثير من المفاهيم حول أولويات الإنسان للحياة، وأضيفت لهذه المعاناة مؤخراً حرب أوكرانيا ومآسيها. ورغم أن هذه النكبات ليست جديدة على الإنسانية، إلا أن ما يميزها هذه المرة هو مسلسل وقوعها الواحدة تلو الأخرى. كان التصور الشائع أن العالم قد تقدم علمياً واقتصادياً، بحيث إنه من المستطاع حل كثير من المشاكل بسرعة، وعدم السماح لأكثر من مليون وفاة للجائحة. كما ساد التوقع أيضاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أن الحرب بين المعسكرين الشرقي والغربي قد انحسرت إلى غير رجعة، بالذات على الساحة الأوروبية.
بدأت ردود الفعل الحتمية لهذه المآسي المتتالية تبرز تباعاً، ويتبين أن التحديات مستمرة. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في كلمة ألقاها عن بعد لمؤتمر استضافته برلين الأسبوع الماضي شاركت فيه قرابة 45 دولة ومنظمة إنسانية ووزراء خارجية «مجموعة السبع»، حذر العالم من «خطر مجاعة غير مسبوقة».
أدت هذه التطورات المأساوية، والأولويات العالمية السائدة خلال الأعوام الماضية، إلى بروز أزمة طاقة غير مسبوقة منذ حوالي نصف قرن، مردها تبني شعارات إيجابية في ظاهرها لكن بأجندات غير واقعية. والمثال على ذلك الموافقة الجماعية في مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ في باريس 2015 بتصفير الانبعاثات بحلول عام 2050 لأجل التمكن من إنقاذ الكرة الأرضية من الكوارث المناخية والبيئية. وإلا، فإنه سيكون من الصعب جداً معالجة مشاكل الكرة الأرضية البيئية والمناخية بعد ذلك التاريخ.
الصعوبة الرئيسة التي واجهت قرار تصفير الانبعاثات منذ يومه الأول، هو معاداته ومحاولات تهميشه لأي شيء له علاقة بصناعات الوقود الأحفوري (النفط، الغاز، الفحم) التي توفر حالياً الأغلبية الساحقة من الطاقة للعالم. قادت الحركات المناخية والبيئية والدول الأوروبية بالذات هذه الحملة.
ورغم الأخذ بنظر الاعتبار وجهة النظر أن الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري ضارة صحياً، إلا أنه يجب التنبيه إلى أن الأجندة للتخلص السريع وغير الواقعي من الانبعاثات قد رسمت من قبل الدول الأوروبية لتعكس أولوياتها وإمكاناتها التنفيذية لسن القوانين المناخية ومصالحها الاقتصادية والبيئية، وذلك بغض النظر عن مصالح الدول الأخرى ذات الاقتصادات المختلفة والمتخلفة، كما ناهيك عن الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية توالي الكوارث المتوالية على البشرية لسنوات متتالية، مما يتطلب تخصيص مليارات الدولارات لتفادي نتائج هذه الكوارث.
أغلقت الحركات البيئية والأقطار الأوروبية المجال لمناقشة موضوعية حول إمكانية تنفيذ الأجندات المطروحة لتصفير الانبعاثات في المواعيد المحدد لها، أو إعارة الانتباه اللازم لتوفير المليارات من الدولارات لبعض الدول في تنفيذ هذه الأجندات في الأوقات المحددة.
لقد أهملت الحركات المناخية إمكانية الاستفادة من الإمكانات والمنشآت الموجودة عالمياً، وذلك ضمن حملتها الهادفة والمعادية للهيدروكربونات.
كان من الممكن الاستمرار بهذه السياسة لولا الكوارث العالمية، التي لا يزال يشكل البعض منها خطراً مستقبلياً على العالم. أدت المآسي المستمرة خلال الأعوام القريبة الماضية إلى تغيير الأجندات والأولويات، لكن ليس أهداف مسيرة تصفير الانبعاثات. فمقاطعة الوقود الروسي كشفت حقيقة الاعتماد الواسع للأقطار الأوروبية على مختلف أنواع الوقود الأحفوري، الذي كانت تستورد معظمه من روسيا. لقد أدت حرب أوكرانيا إلى بدء بعض الأقطار الأوروبية، رغم حماسها البيئي المشهود، وقبل غيرها، بسبب محاولة تلافي انقطاع الطاقة الكهربائية في الأشهر المقبلة أو ارتفاع أسعار الكهرباء إلى مستويات قياسية. بدأت هذه الدول (ألمانيا والنمسا وهولندا) التغاضي عن بعض القوانين التي دافعت عنها عالمياً وشرعتها محلياً، بإعادة الاعتماد على الفحم الحجري، رغم تلوثه. كما تتفاوض السوق الأوروبية وأقطارها لاستيراد إمدادات جديدة من الغاز، رغم القوانين الأوروبية نفسها بتخفيض استهلاك الغاز ما بين الأعوام 2030 - 2035.
من نافل القول إن المآسي العالمية الأخيرة ستتطلب مليارات الدولارات لتغطية المشكلات الناتجة عنها. ومن المتوقع أن تحصل هذه المليارات على الأولوية في موازنات الدول، وستحل محل الأولويات السابقة لتصفير الانبعاثات، التي بدأت تعد نوعاً من «الترف» في عالم غير مستقر.
هذا لا يعني بتاتاً غض النظر عن سياسات تصفير الانبعاثات. لكن الواقع الأليم سيفرض مراجعة الأولويات والأجندات. هذا التغيير في الاهتمامات والأولويات يتطلب أيضاً من الدول الأوروبية وحركات مكافحة التغير المناخي الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية الاستفادة من الصناعة البترولية المساهمة الفعالة في استعمال تقنياتها وبناها التحتية والوقود الأخضر، في تصفير الانبعاثات بدلاً من نبذها أو مقاطعتها.
تبلغ قيمة أصول الشركات البترولية العالمية المليارات من الدولارات. وبنجاح الأبحاث في تدوير صناعة واقتصاد الكربون، يصبح من الممكن استعمال بعض هذه الأصول في تنمية طاقات جديدة، كالهيدروجين الأزرق، ناهيك عن إضافة الوقود الأخضر إلى سلة الطاقات المعتمدة بحلول عام 2050.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab