«الطوفان» غرق الميليشيات وعودة الدول

«الطوفان»: غرق الميليشيات وعودة الدول

«الطوفان»: غرق الميليشيات وعودة الدول

 العرب اليوم -

«الطوفان» غرق الميليشيات وعودة الدول

بقلم : سام منسى

أهم الخلاصات، بعد سنة على عملية طوفان الأقصى في غلاف غزة، وحرب المساندة والإشغال من لبنان، أن «الطوفان» أغرق مُعِدِّيه. «حماس» باتت تقتصر على يحيى السنوار والحلقة الضيقة المحيطة به، و«حزب الله» فقدَ السيد حسن نصر الله، وكان سبقه إلى هذا المصير ثلة من قيادات الصفين الأول والثاني، وربما الثالث في الحزب.

سنة بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) حصيلتها نهاية «حماس» في عرينها بالقطاع، حيث بات اهتمام سكانه يقتصر على تأمين المأكل والمشرب والمسكن، وليس، بالتأكيد، على الأفكار والعقائد وأهداف الإسلام السياسي ومشاريعه. أما جمهور «حزب الله» فصار شبه مشرد بعد نزوح نحو مليون نسمة من الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، نتيجة حصاد السياسة التي زرعها ونمّاها الحزب على مدى عقود.

وبلغت شظايا «الطوفان» أيضاً الراعي الأكبر للمنظمتين، وربما المخطِّطة للعملية، من دون أن يكون لدينا الدليل المادي، إنما المساران السياسي والعسكري، على مدار هذه السنة وما سبقها، يؤشران إلى مسؤوليتها. فقدت إيران دفعة واحدة ذراعين من أذرعها في المنطقة: الحزب، وهو عميد أذرعها وموجهها، الذي تعرَّض، ولا يزال، لضربات سريعة مميتة يصعب أن يخرج منها سالماً. أما «حماس»، حليفة الحزب، فقد أفقدت، بهزيمتها، الإسلام السياسي؛ بشقّه السني والحليف لإيران، أصلاً رئيساً من أصوله العسكرية.

الجانب الأكثر تضرراً من عملية الطوفان والحرب التي أشعلتها هو الشعب الفلسطيني، وخاصة سكان القطاع المدمَّر على بكرة أبيه، وفقْد الآلاف من الضحايا الأبرياء والشعب اللبناني. تسببت شظايا أضرار عملية 7 أكتوبر في اهتزاز علاقة الولايات المتحدة مع حليفها الاستراتيجي إسرائيل، جراء فشل الأخيرة بأن تكون الوكيل الصالح لرعاية وحماية مصالحها في المنطقة، والتشويش والعرقلة اللذين مارستهما حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتعصبة لأهدافها وسياساتها في المنطقة، وتعنته في حربه الهوجاء، ما اضطر واشنطن للتدخل مباشرة بالمال والسلاح والأساطيل لحمايتها.

«الطوفان» أغرق أيضاً الدبلوماسية ودورها في المنطقة، ففشلت بمقاربة المعضلات الرئيسة، واقتصرت على مبادرات تكتيكية تركز على بعث الحياة في مفاوضات متعثرة، ووقف لإطلاق النار متعذر، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية وأعمال الإغاثة. وبعد أن تحولت حرب غزة والإسناد إلى نزاع مباشر بين إيران وإسرائيل، تحولت الدبلوماسية، ولا سيما الأميركية، إلى منع الحرب الواسعة بين البلدين وجرّ الولايات المتحدة إليها، وتقويض علاقاتها المأزومة أصلاً بروسيا والصين، لتضيف مشكلة جديدة إلى الحرب الأوكرانية، ومسألة تايوان.

وبمعزل عما إذا كان نتنياهو مُحقاً أم لا بنقل المعركة إلى ما يَعدُّه الرأس المدبر والمحرك للنزاعات في المنطقة، واعتماده المقاربة الأمنية والعسكرية لمواجهة الأدوار الإيرانية، تحوّل الحراك الدبلوماسي عن المسار الرئيس؛ وهو ترتيبات لوقف حربيْ غزة ولبنان، والتركيز على مسار التسوية ومفاوضات إنشاء الدولة الفلسطينية بوصفه أساساً لا بد منه لسحب ورقة فلسطين والمقاومة من إيران وتدخلاتها في شؤون المنطقة.

يزعم نتنياهو وحكومته المتشددة أنه، باعتماد المقاربة الأمنية لكل المشاكل مع الفلسطينيين في الداخل والقطاع، و«حزب الله» في لبنان وإيران، يقاتل من أجل معسكر السلام والاعتدال ضد محور الممانعة والمقاومة والتشدد الديني وراعي المنظمات خارج الدولة وأدوارها المزعزِعة للاستقرار والدول الوطنية.

يصعب إنكار حقيقة وجود معسكرين، إنما في الوقت نفسه لا يجوز تجاهل ما آلت إليه إسرائيل خاصة مع حكومة نتنياهو، إذ أصبحت أقرب إلى معسكر التشدد الديني والعقائديين والمتعصبين، منها إلى المعسكر الذي تدَّعي الدفاع عنه والانتماء إليه. الإشكالية الإسرائيلية هذه لا تنفي ضرورة القضاء على المنظمات خارج الدولة، والتي باتت مسيطرة على القرار السياسي في عدد من البلدان وقابلة للتمدد، وصارت أقرب إلى التحكم في سياسة الإقليم وتغلبت على أدوار الدول.

من جهة أخرى، الانقسام بين المعسكرين ينسحب إلى داخل الدول نفسها في كل معسكر، التي تعاني من شقوق تختلف من دولة لأخرى. إيران تعاني من شقوق داخل النظام، مهما بلغت المكابرة والاعتداد بالنفس، وما تعرّض له «حزب الله» مؤخراً يحاكي ما يجري داخل إيران. إسرائيل نفسها تعيش انقساماً داخلياً وخلافات مستحكمة بين المتشددين والمعتدلين، والمتدينين والعلمانيين، وبين المتدينين أنفسهم، بين دعاة السلام وحل الدولتين، ودعاة ضم الأراضي وطرد الفلسطينيين.

المشهد بعد حربيْ غزة ولبنان أصبح أكثر تعقيداً، ما يزيد من الشكوك في الدور الأميركي وقوته، ويدعم القائلين بعدم الرهان على الأميركيين في زمن خفوت الدور الروسي وفعاليته، وانكفاء الصين عن التدخل والاكتفاء بالمراقبة.

المخارج صعبة تبدأ بإعادة الدور إلى الدول، بعد انتزاعه من سطوة الميليشيات خارج الدولة، وباتت ملامح ذلك واقعاً ولم تعد سراباً، سيما إذا تداعى حلف الأقليات. الأمل أيضاً بسقوط الصهيونية الدينية في إسرائيل. إعادة الدور إلى الدول تسمح بمعالجة مشاكل ونزاعات المنطقة بمبادرات من داخلها، ترعاها دول الاعتدال العربي، لعله يساعد الدبلوماسية الأميركية بأن تكون أكثر فاعلية.

arabstoday

GMT 19:33 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 19:29 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 14:05 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 14:02 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 13:56 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

GMT 13:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 13:52 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الطوفان» غرق الميليشيات وعودة الدول «الطوفان» غرق الميليشيات وعودة الدول



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab