كي لا تبقى ذكرى الضحايا منقوصة

كي لا تبقى ذكرى الضحايا منقوصة

كي لا تبقى ذكرى الضحايا منقوصة

 العرب اليوم -

كي لا تبقى ذكرى الضحايا منقوصة

بقلم:سام منسى

حفل ذكرى ضحايا حزب «القوات اللبنانية» الأسبوع الفائت، ليس بأهمية الأحداث الجِسام التي تعيشها المنطقة، إنما كل ما من شأنه أن يصبّ في استعادة لبنان وإخراجه من طوق إيران ومحور الممانعة مهم؛ لما تشكّله البلاد من قيمة مضافة لمحور دول الاعتدال الإقليمية.

كتلة نواب «القوات اللبنانية»، وهي أكبر كتلة مسيحية في البرلمان، ومن خيرة النواب، مؤهَّلة للعب دور في هذا السياق، لا سيما أن الحزب بات اليوم يمثّل الشريحة الأوسع مسيحياً بعد تشظِّي التيار الوطني الحر، بزعامة الرئيس السابق ميشال عون، وضعف قاعدته، وخسارته عدداً من نوابه. من هذا الباب أتطرّق إلى خطاب رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، ليس من باب الحياد؛ لأني لست محايداً، ولا على سبيل الانتقاد الهدّام، بل عبر مقاربة موضوعية تلتقي مع ما يهدف إليه جعجع.

في الشكل، كان يجدر بحزب «القوات» لو فصل مراسم الصلاة والقداس عن الاحتفال بالذكرى، ما كان سيتيح له الخروج من دائرة الحزب المسيحي إلى رحاب مشروع حزب لبناني جامع يفصل الدين عن السياسة، وهو ما ينادي به جعجع، ولكي لا يقع في محاكاة ما لا ينفكّ عن انتقاده في إطلالات أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله، لجهة إقحام الدين في السياسة، وكم كان أكمَل لو تحوَّل حفل الذكرى إلى حفل لضحايا لبنان، وبخاصة ضحايا انتفاضة «الاستقلال الثاني» في 14 مارس (آذار) 2005.

من جهة أخرى، كان من الأفضل تجنّب العراضات «الكشفية» شبه العسكرية؛ لارتباطها بأذهان غالبية اللبنانيين بذكريات الحرب الأهلية الأليمة، كيف ننسى وأناشيد وشعارات الحرب كانت تصدح لتعيدنا إلى نصف قرن مضى؟ عراضات تتماثل مع ممارسات ميليشياوية راهنة، أول من يعارضها هو حزب «القوات».

أما في المضمون، فقد جاء الخطاب سيادياً بامتياز، ولا غبار على أهدافه من المطالبة باستعادة السيادة، وحصر السلاح بالدولة القادرة، ورفع الهيمنة، واسترجاع لبنان لدوره الريادي، والأهم أيضاً، الانفتاح على تعديل الدستور بعد انتخاب رئيس للجمهورية، مع التمسك بوحدة الأرض والشعب. جاهَر جعجع بموقف حزبه الداعم للقضية الفلسطينية، والرافض لحرب غزة ومآسيها، كما لحرب المساندة والمشاغلة التي أُطلقت من الجنوب اللبناني، والتي لا ناقة ولا جمل للبنان فيها، بحسبه.

في السياسة، يحمل الخطاب هنات كثيرة، أبرزها رسم أجمل صورة للبنان المستقبل من دون أن يدلَّنا على الطريق الواجب سلوكه لنصل إليه، وعلى الوسائل المتاحة داخلياً وخارجياً لتحقيق ما نريده، لم يُشِر فعلياً سوى إلى إطارَين مبهمَين، وهما الحوار والمقاومة، متلاقياً مع الخصم أقله بالتعابير المستخدمة، وإلى غياب خريطة طريق، كان لافتاً الإغفال - الزلّة لموضوع الحاجة القصوى لتوحيد القوى المعارضة والمناهضة لمشروع «حزب الله»، لتتمكّن في اليوم التالي، بحسبه، من الانخراط في مفاوضات معه كفريقين متكافئين، وتسقط عندها أهمية فائض القوة جرّاء فائض السلاح.

الخطاب قفز أيضاً فوق تجربة 14 آذار وضحاياها، وغفل استذكار رفيق الحريري ورفاقه، ومسلسل القتل الذي تلاه منذ سنة 2005، ولا يزال مستمراً، تجاهل جعجع دور المكوّن السُّني المغيَّب منذ اغتيال الحريري الأب، والاغتيال السياسي لسعد الحريري الذي دُفّع ثمن إيصال العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، وربطه النزاع مع «حزب الله»، ولعل جعجع استدرك في اليوم التالي هذه الخطيئة بإرسال وفد نيابي إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان؛ «للتباحث في القضايا التي تهم البلاد».

إغفال السُّنة خطيئة، ومن دونهم لا مجال لقلب الأوضاع السائدة، وترجمة ما يطالب به جعجع، وبخاصة مع محاولات «حزب الله» اقتناص الفرص لشَرذَمتهم، وخلْق بؤر ضمنهم مؤيِّدة له في أكثر من منطقة، تحت غطاء الدفاع عن غزة وفلسطين.

بالعودة إلى مقدمة هذه السطور، فات جعجع أيضاً البعد الإقليمي لما يجري حولنا، ولما يعانيه لبنان، وضرورة البحث عما يتيح للمعارضة مجتمِعةً ملاقاة دول الاعتدال العربي، واستعادة ثقتها كما ثقة العالم، بصفتها الممثل الشرعي لغالبية اللبنانيين. لم يتطرّق جعجع إلى رؤية لبنان المستقبل لدوره في محيطه العربي المتغير والمتجدد باستمرار، وكيف يُبعد البلد عن خطوط الاضطرابات الإقليمية، ويستعيد قراره كبلد مستقل، ودوره كجسر تواصل بين دول العالم، حلم لن يتحقّق ما دامت الشَّرذمة والانقسام والخلافات الضيقة الشخصية والأنانية متحكّمة. آن الأوان للخروج من الماضي بنجاحاته القليلة، وإخفاقاته الكثيرة المؤلمة، والعبور إلى المستقبل، والانعتاق من وهم أن العالم كله منشغل بالقضية اللبنانية، والتركيز عوض ذلك على كيفية انخراط لبنان بدور جديد ينسجم مع منظومة دول عرب المستقبل، ليحتضنه الجميع فعلياً. أخيراً لو يقدَّر للمعنيين تحرير السياسة من الدين، والدخول إلى رحاب الإيمان الفسيحة، والمُواطَنة، والحوكمة الرشيدة، علّهم يتمكّنون من رأب التصدعات الداخلية.

arabstoday

GMT 06:31 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الملاذ

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وبقيت للأسد... زفرة

GMT 06:27 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

هل «يتدمشق» الجولاني؟

GMT 06:25 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الشرع والعقبة

GMT 06:23 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا: مخاوف مشروعة

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جهود بحثية عربية لدراسات الطاقة

GMT 06:18 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دمشق والسير عكس المتوقع

GMT 06:15 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

شرق أوسط جديد حقًّا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كي لا تبقى ذكرى الضحايا منقوصة كي لا تبقى ذكرى الضحايا منقوصة



إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 العرب اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 العرب اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 17:16 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعقد اجتماعا عسكريا داخل الأراضي السورية
 العرب اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعا عسكريا داخل الأراضي السورية

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 العرب اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس تلحق بقطار المغادرين لسباق دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - ياسمين رئيس تلحق بقطار المغادرين لسباق دراما رمضان 2025

GMT 07:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
 العرب اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 15:16 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

صفارات الإنذار تدوي في تل أبيب أثناء محاكمة نتنياهو

GMT 12:39 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

هل يتحمل كهربا وحده ضياع حلم الأهلى؟!

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 08:34 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

جديد في كل مكان ولا جديد بشأن غزة

GMT 04:35 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إنزال إسرائيلي قرب دمشق استمر 20 دقيقة

GMT 16:56 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

السيتي يعلن وفاة مشجع في ديربي مانشستر

GMT 20:06 2024 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

انتشال 34 جثة من مقبرة جماعية في ريف درعا في سوريا

GMT 10:58 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ضربة جوية أمريكية تستهدف منشأة تابعة للحوثيين باليمن

GMT 08:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 03:01 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حظر الطيران الجوي في أصفهان وقم الإيرانيتين

GMT 02:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بغزة

GMT 02:54 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 7.3 يضرب المحيط الهادئ وتحذير من تسوماني

GMT 04:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دوي انفجار يهز صنعاء وسط أنباء عن استهداف وزارة الدفاع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab