موجبات الرد العربي على التهجير

موجبات الرد العربي على التهجير

موجبات الرد العربي على التهجير

 العرب اليوم -

موجبات الرد العربي على التهجير

بقلم : سام منسى

 

بعد زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن، واجتماعه بالرئيس دونالد ترمب، بقي الأخير متشبثاً باقتراحه «تهجير سكان قطاع غزة»، وتحويل القطاع إلى منتجع سياحي عالمي، في تجاهل فادح للتاريخ النضالي الفلسطيني ومدى تجذر الفلسطينيين في أرضهم، ما يعني إعادة توطين مليوني شخص قسراً في بلدان أخرى بالمنطقة، وتهديد أمن واستقرار شريكين أميركيين هما مصر والأردن، وتعريض مكتسبات السلام في المنطقة للخطر، لا سيما اتفاقيتَي «كامب ديفيد»، و«وادي عربة».

لعل وعسى نتيجة لقاء القمة هذا هي وراء تأجيل زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لواشنطن، من دون تحديد موعد جديد بحسب ما يتردد، رافضاً أن يكون على جدول أعمالها موضوع تهجير الفلسطينيين. الدول المعنية بطرح ترمب تحاول شراء الوقت إفساحاً لمبادرة عربية ترد على مقترح ترمب، يقدمها ويناقشها وفد عربي بعد قمة الرياض في العشرين من الشهر الحالي، والقمة الطارئة في القاهر يوم 27 من فبراير(شباط) الحالي.

سياسة الصدمات المتفجرة التي ينتهجها ترمب، من كندا التي عدّها الولاية الـ51، إلى التعريفات الجمركية على شركاء أميركا التجاريين، إلى التهديد بالاستيلاء على قناة بنما، وانتزاع غرينلاند من الدنمارك، وتهجير الفلسطينيين، شكَّلت خيبة لكثير من السياسيين والمواطنين في المنطقة الذين فرحوا بوصول الجمهوريين إلى السلطة وهزيمة الديمقراطيين، لا سيما بعد كل الدعم الذي قدَّمته إدارة جو بايدن لإسرائيل في حربها ضد غزة. حرب، رغم وحشية إسرائيل فيها غير المبررة، أدت إلى خروج إيران من دول المشرق وإلحاق شر هزيمة بأذرعها الخارجة عن الدولة، وسقوط نظام الأسد في سوريا وانكفاء حليفه الروسي، وبدء استعادة الدولة اللبنانية لمؤسساتها الدستورية، دون أن ننسى دفع بايدن باتجاه حل الدولتين، ودعم الدول الأوروبية له.

الخشية العربية من مواقف ترمب هي في تبديد كل ما تحقَّق من نتائج المتغيرات في غزة وسوريا ولبنان، وعودة إيران من النافذة بعد خروجها من الباب العريض، بفعل المتاجرة بحقوق الفلسطينيين تحت يافطة عريضة مستجدة عنوانها تهجير قسري لمليونين منهم. يضاف إلى ذلك تعريض العلاقات العربية - الأميركية لتوتر لا يحتاج إليه أحد، خصوصاً مع أكثر الدول قرباً وشراكةً مع الأميركيين، والتي تُشكِّل النواة الصلبة لأي مشروع أمن إقليمي متوازن، وشل مسار الاتفاقات الإبراهيمية التي من شأنها بحسب ترمب نفسه تحقيق السلام والاستقرار الدائمَين في المنطقة.

مع خطورة اعتبار ممارسة التطهير العرقي والقضاء على شعب بكامله أمراً طبيعياً، ثمة نقطتان في مقترح ترمب يمكن للعرب الإفادة منهما، الأولى أنه أخرج إسرائيل من المعادلة وحصر الأمر بأميركا وحدها، ما من شأنه فتح الباب لمناقشة أي مبادرة عربية دون أن تكون إسرائيل طرفاً فيها، لتقتصر عملية إعمار غزة وتحديد مستقبلها على شراكة عربية - أميركية. الثانية، أن ترمب حرَّك ولو على طريقته البُعد السياسي المفقود أثناء وبعد الحرب في غزة، وأصبح «اليوم التالي» بكل متفرعاته مطروحاً للنقاش لمعالجة مأساة مليوني فلسطيني، ومصير القطاع برمته ومستقبل الضفة الغربية التي تتعرَّض يومياً لحرب غزة ثانية على نار خفيفة.

إن نجاح المبادرة العربية العتيدة بوصفها ردّاً على مقترح ترمب يعتمد على عوامل عدة، أبرزها وحدة الموقف العربي، واستخدام النفوذين السياسي والاقتصادي للدول العربية، واستغلال التحالفات الدولية. هذه المبادرة يصعب أن تخرج عن ثوابت تاريخية تضمن حقوق الفلسطينيين وترفض تهجيرهم، وعليها تقديم بديل خلاق عن مقترح ترمب يستند إلى شراكة عربية - أميركية في إعادة البناء ومساعدة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية معاً، عبر سلطة وطنية فلسطينية محدثة بعد ضخ دماء جديدة فيها، وإعادة توجيه البوصلة نحو حل الدولتين.

لا شك أن التلويح بمستقبل الاتفاقات الإبراهيمية الغالية على قلب ترمب له ثقله، كما الثقل الاقتصادي العالمي وتمسك العرب بمصالحهم الوطنية والإقليمية. كذلك ضرورة الإفادة واللعب على وتر الاستياء في الداخل الأميركي من مواقف وإجراءات ترمب سواء في الحزب الجمهوري نفسه، أو لدى خصومه من ديمقراطيين ومستقلين، ليس بشأن الموضوع الفلسطيني فحسب، بل لجملة القرارات المتَّخَذة أو المنوي اتخاذها، من سياسية واقتصادية واجتماعية. والتعويل على الدعم والتعاطف الدولي، خصوصاً من حلفاء واشنطن الأوروبيين، الرافضين كلياً الأفكار الاستعلائية الترمبية على أكثر من صعيد.

بالخلاصة، الولايات المتحدة دولة مؤسسات، وبقدر ما تُشكِّل المبادرة العربية مادة دسمة، وتقدم أفكاراً مبتكرة، سوف تحرك نقاشاً وسجالات داخلية. وإذا صحَّ ما يُنعَت به ترمب بأنه «رجل المصالح»، فلا بد أن يراعي مصالحه إذا ما تمكَّنت الدول العربية لا سيما الخليجية، أن تؤكد له بالمقابل أنها لن تتراجع عن حماية مصالحها الوطنية وأمنها القومي، ما سوف يعرِّض أميركا لخسائر هي بغنى عنها، فضلاً عن خسارة كل ما كسبته استراتيجياً في المنطقة بعد حربَي غزة ولبنان، وسقوط نظام الأسد.

arabstoday

GMT 09:15 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

على الرحب

GMT 09:13 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

الشرق الأحمر!

GMT 09:10 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

الأردن و«الإخوان»... الضربة القاضية

GMT 09:05 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

مرّة أخرى عن الذكرى الخمسين للحرب اللبنانيّة...

GMT 09:02 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

خبر فلسطيني مُبَشِّر

GMT 08:57 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

أوروبا... مظلة نووية أميركية أم فرنسية؟

GMT 08:44 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

تساؤلات حول حرب ترمب الجمركية

GMT 08:42 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

عن القِلاعِ والحُصون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موجبات الرد العربي على التهجير موجبات الرد العربي على التهجير



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:40 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

أمير كرارة يخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - أمير كرارة يخوض تجربة فنية جديدة

GMT 08:20 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

دولة مدنية.. أمل لبنان للنهار أفضل

GMT 02:02 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 500 شخص في هجمات للدعم السريع بالفاشر

GMT 02:49 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

إقالة مدرب منتخب العراق الإسباني كاساس

GMT 23:17 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

إسرائيل تفرج عن 9 معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة

GMT 02:05 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

دوي انفجارات تهز مدينة كورسك الروسية

GMT 01:59 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

غارات إسرائيلية على خان يونس وبيت لاهيا

GMT 02:01 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

غارات أميركية على الجوف ومأرب في اليمن

GMT 02:20 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

توافق الأبراج مع بعضها في الحب والزواج
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab