من «ريفييرا الشرق الأوسط» إلى المربع الأول

من «ريفييرا الشرق الأوسط» إلى المربع الأول

من «ريفييرا الشرق الأوسط» إلى المربع الأول

 العرب اليوم -

من «ريفييرا الشرق الأوسط» إلى المربع الأول

بقلم : سام منسى

في خطابه الصدمة، بدَّد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الخشية من أن يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في زيارته واشنطن، من إقناعه بأفكاره وخططه وسياساته المتشددة، وتبين أن ترمب ليس بحاجة لنتنياهو لإقناعه بما يريد، بل قدَّم له أكثر بكثير مما يشتهي. المؤتمر الصحافي الذي عقداه يوم الثلاثاء الماضي، تمخض عن تغيير خطير غير مسبوق في الموقف الأميركي من النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، حين أعلن ترمب أن واشنطن تعتزم السيطرة على غزة ونقل سكانها بشكل دائم إلى دول أخرى مثل الأردن ومصر، مضيفاً أن بلاده ستطور القطاع «ليصبح شيئاً يمكن للشرق الأوسط بأكمله أن يفتخر به». وعندما سُئل عمّن سيعيش هناك، قال إنه قد يصبح موطناً «لشعوب العالم»، ومنطقة دولية على «المتوسط» مفتوحة للجميع؛ بمن فيهم الفلسطينيون، متوقعاً أن يصبح «ريفييرا الشرق الأوسط».

هذا الموقف من القطاع وسكانه يُعدّ انتهاكاً للقانون الدولي، ولا يستند إلى أي شرعية قانونية دولية أو إقليمية. ومن المرجح أن يتصاعد الرفض الشديد له، ليس فقط من دول المنطقة، وإنما أيضاً من الداخل الأميركي وغالبية حلفاء واشنطن الغربيين.

زيارة نتنياهو بعد أسبوعين من تسلم ترمب السلطة، جاءت لمناقشة مستقبل وقف إطلاق النار في غزة، واستراتيجيات مواجهة إيران، والدفع باتجاه تفعيل «الاتفاقات الإبراهيمية» وتوسيعها، خصوصاً مع السعودية. مفاجأة ترمب بشأن «رِفْيِيرِيَّة» غزة لا تعني أنها قابلة للتنفيذ، لكنها تعكس صراحة طريقة مقاربته الموضوع الفلسطيني وقضايا المنطقة، وهي مقاربة مطوِّر عقاري مقدام ورجل أعمال ناجح.

لا شك في أن ثمة كيمياء بين ترمب ونتنياهو ترسخ علاقاتهما الشخصية، ولو صح وجود تباينات بينهما، فهي شكلية وتكتيكية ما داما يلتقيان في كل ما هو استراتيجي. ما يربطهما هو النظرة الشعبوية العنيفة والمتطرفة إلى العمل السياسي عموماً، وفي المنطقة خصوصاً، ولا نبالغ في القول إن عقلَ هذه الإدارة وقلبَها إسرائيليان، وإنها لن تراعي المصالح العربية والفلسطينية.

على الرغم من قنبلة «ريفييرا الشرق الأوسط» الخيالية التي ألقاها ترمب وتتماهى مع قنابل قناة بنما وجزيرة غرينلاند وضم كندا، فإن نتائج الزيارة لم تحسم كل المعضلات، وأبرزها مستقبل غزة ومصيرها بعد وقف إطلاق النار، وكيفية استكمال عملية إطلاق الرهائن؛ بل نسفت (وقد تحل مكان) خطة «اليوم التالي» الواقعية للإدارة السابقة، والأهم مستقبل عملية السلام في المنطقة. فلنتنياهو نظرة توسعية استيطانية تتلاقى ونظرة ترمب الذي لا يستسيغ الدولة الفلسطينية المستقلة، ولم يتكلم يوماً عن قيامها ولو منزوعة السلاح، وتدرجت خططه من صيغة تحسين أوضاع الفلسطينيين اقتصادياً، لكنها لا ترقى لمستوى تأمين حقوقهم؛ وعلى رأسها حق تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة، إلى تهجيرهم.

ومن المعضلات أيضاً «الاتفاقات الإبراهيمية» التي يسعى ترمب لتوسيعها، لكنه يخلق بنفسه عقبات كبيرة أمام ذلك تضاف إلى مواقف الحكومة الإسرائيلية الحالية المتشددة. فكيف يمكن ضمن هذه المواقف تأمين حقوق الفلسطينيين بما يُرضي السعودية؛ وهو شرط حاسم وضعته المملكة لتدخل في مسار التطبيع؟

بالنسبة إلى ملف إيران النووي، الذي تعدّه إسرائيل تهديداً وجودياً لها، فسيبقى محورياً في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، ويرجح أن يكون الخلاف بين ترمب ونتنياهو تكتيكياً، مع تأييدهما المطلق منع إيران من الحصول على سلاح نووي؛ بالمفاوضات أو بضربة عسكرية.

قبل الزيارة وأثناءها وبعدها، تبنَّى ترمب الموقف الإسرائيلي من غزة؛ بل فاقه تشدداً، وما تشكيكه في استمرار الهدنة فيها إلا مؤشر على أن وقف النار يهدف فقط إلى تمرير صفقة إطلاق الرهائن. وما يصح على غزة يصح على لبنان؛ إذ يبدو أن خطر استمرار الاحتلال باقٍ في بعض القرى الجنوبية، إلا بحال ثبت لإسرائيل أن الجيش اللبناني قادر على الإمساك بزمام الأمور الأمنية في الجنوب وإخلائه من سلاح «حزب الله» وعناصره. والخشية أيضاً من انهيار اتفاق وقف النار بعد 18 فبراير (شباط) الحالي وسط استمرار الخلاف بين اللبنانيين بشأن تفسير وتطبيق القرار الأممي رقم «1701» الذي تمتد مفاعيله إلى شمال الليطاني، ووقوع السلطة اللبنانية الجديدة بين مطرقة محاولة «حزب الله» تعويض خسارته العسكرية بمكسب استمرار نفوذه السياسي، وسندان التوقعات المحلية والإقليمية والدولية المتشددة بشأن سلطة تنفيذية تخلو من تأثير «الحزب». وفاقمت تصريحات المبعوثة الأميركية، مورغان أورتاغوس، ارتباكات الساسة اللبنانيين بشأن «تنفيذ القرار 1701 (دون تذاكٍ)». هذا دون الحديث عن أن الأمين العام لـ«الحزب»، بات ممثلاً رسمياً للمرشد الإيراني في لبنان، وعن تباينات بدأت تطفو داخله.

يبقى أن قنبلة ترمب تأتي بعد اقتناع واشنطن متأخرة بأن مفتاح حل مشكلات الإقليم، خصوصاً الدور الإيراني فيه، مرتبط حكماً بنزع ورقة فلسطين وحقوق شعبها من أيدي طهران. ليته يدرك أن قنبلته ستبث الأكسجين في عروق إيران وحلفائها لاستخدام فلسطين «حصان طروادة» ليلغي المكاسب التي تحققت في الأشهر الماضية ويعيد المنطقة إلى المربع الأول.

arabstoday

GMT 06:32 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

سوريا المستقبل… لا تقسيم ولا إيران

GMT 06:29 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

سوريا: تحدّيات الاستقرار والوحدة

GMT 06:18 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

متى يلحق العراق بالتغيير في لبنان وسوريا؟

GMT 06:10 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

عبير الكتب: طه حسين والفتنة الكُبرى

GMT 06:09 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

حرب السودان... كيف قلب الجيش الموازين؟

GMT 06:08 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

انتهت وظيفة السلاح اللاشرعي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «ريفييرا الشرق الأوسط» إلى المربع الأول من «ريفييرا الشرق الأوسط» إلى المربع الأول



الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:24 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

يعيشون في جهنم و….!

GMT 11:54 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

هكذا يشنّ العرب الحروب وهكذا ينهونها

GMT 01:44 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مقتل 4 أشخاص في هجوم روسي على سفينة أوكرانية

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

باتريس موتسيبي رئيسًا لـ كاف لفترة جديدة

GMT 12:42 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

إفطار رمضانى مع وزير الخارجية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab