الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة

الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة

الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة

 العرب اليوم -

الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

مخطئٌ مَن يظنّ أن للإسلام السياسي نهاية؛ حتى إن انتهى على المستوى الميداني، فإن نظرياته متوفرة ولهم مجلاتهم وكتبهم وإصداراتهم البصرية، وللأسف مدعومة ومبثوثة من منصاتٍ لدى دول إسلامية قريبة وبعيدة.

وقد كتبتُ في هذه الصحيفة انتقادات مناهضة لمقولة نهاية الإسلام السياسي منتقداً مجموعة من المفكرين، منهم آصف بيات، الذي انتقدتُ مقولته في بحثه التقديمي المعنون بـ«ما بعد الإسلاموية على نطاقٍ واسع».

مقولة بيات كالتالي: «اليوم في ظل عالم العولمة المختلف كلياً عن ذاك العهد (يعني فترات الإصلاح) ندخل عصراً جديداً في العالم الإسلامي، حيث تُفسح الإسلاموية، المصابة بأزمة الشرعية لتجاهلها وانتهاكها حقوق الشعب الديمقراطية، المجال إلى نوعٍ جديدٍ من السياسة الدينية، التي تأخذ الديمقراطية على محمل الجد، فيما تدعم الفئات المتدينة في المجتمع. ويبدو أن هذه السياسة تبشّر بعالمٍ إسلامي ما بعد إسلامويّ، تُجمل فيه الحركات الشعبية سماتٍ ما بعد آيديولوجية، ومدنية وديمقراطية. وتمثل الحركة الخضراء في إيران والربيع العربي الحركات الشعبية في عصر ما بعد الإسلاموية». وهي مقولة مضللة ومُغرقة في التضليل المعرفي. لَحِقَه في مثل هذا التحليل على تنويعٍ نظريّ، أوليفيه روا في مجموعة من كتبه التي ألَّفها بعد الاضطرابات العربية منذ 2011 وما تلاها.

الخبر الأهم في مجال الحرب على الإسلام السياسي اليقظة المتميزة لدى دولة الإمارات، حين أعلنت قبل أيام عن اكتشاف خليّة سرية معظمها يَتبع لـ«الإخوان» المسلمين مكوَّنة من أربعة وثمانين شخصاً، والهدف من التنظيم «ارتكاب أعمال عنف على أراضي الدولة».

ولا عجبَ، فـ«الإخوان» لديهم طموحهم في دول الخليج تحديداً منذ التأسيس، ولأن الإمارات كانت مبكرة في تجريم التنظيم الإخواني فإنهم يحاولون قدر ما أمكن استهدافها، ولنتذكر محاولاتهم منذ 2011 إنشاء تنظيمات سريّة مستفيدين من هبّة الثورات آنذاك، وهي مرحلة أشار إلى خطورتها نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الوزير جمال سند السويدي، ضمن رصده مراحل هذه الحركة في كتابٍ صدر في أغسطس (آب) 2021 بعنوان: «جماعة الإخوان في دولة الإمارات العربية المتحدة... الحسابات الخاطئة».

في الفصل الثاني -كما في الملخص المطروح مع إصدار الكتاب- يرصد تاريخ الاستهداف من هذه الجماعة المارقة للبلاد. يعود المؤلف إلى فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ليتتبَّع الإرهاصات الأولى لنشأة جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، وشَهْرِها رسمياً عام 1974م باسم جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي في إمارة دبي، وإنشاء فروع لها في إمارَتَي رأس الخيمة وعجمان تحت شعار العمل الخيري الاجتماعي، في حين لم يُسمَح لها بإنشاء فروع في كلٍّ من إمارة الشارقة وإمارة أبوظبي. ويورِد المؤلف أسماء أهم مَن أسهموا في نشأة الجماعة وتعزيز حضورها في الإمارات، والذين كانوا في معظمهم من خارج الدولة. أمَّا الدعم المالي لجماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً لجمعية الإصلاح في الإمارات، فقد جاء في البداية من الحكومة، ومن رجال الأعمال، ووجهاء المجتمع، ومن شيوخ الدين، وقدَّمت جمعية الإصلاح الكويتية الدعمين المادي والمعنوي.

ثم يبين في الفصل الذي يليه كيف حاولت جماعة الإخوان المسلمين إعادة انبعاثها، مستغلَّةً أحداث الربيع العربي وعريضة مارس (آذار) 2011، إذ اعتقدت الجماعة أنه حان الوقت للاستيلاء على السلطة والحكم مقتديةً بجماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، وهو ما اتضح لاحقاً أنه اعتقاد واهِمٌ مستندٌ إلى حسابات خاطئة، فقد راهن الإخوان المسلمون على الضغط على أبناء الشعوب العربية والإسلامية من خلال حاجاتهم الأساسية ومشكلاتهم المتمثلة في الغذاء والفقر والمرض والجهل، وقد ينجح ذلك في بعض الدول النامية، ولكنه لم ينجح في مجتمعات دول الخليج العربية التي تتميز بالوفرة المالية ونظام الرعاية الاجتماعية أيضاً.

اكتشاف هذه الخليّة الإرهابية يُعيدنا إلى التذكير بضرورتين؛ الأولى: ربط الحل الأمني توازياً بالسياسي والفكري والثقافي والاجتماعي والتربوي. والأخرى: عدم الانغماس في الدعايات الفكرية لـ«الإخوان» التي يروّجها بعض المفكرين، وأخطرها مقولة نهاية الإسلام السياسي.

وعي المنطقة بخطورة تنظيم الإخوان لدى السعودية والإمارات ومصر يُضيِّق الخناق على الإخوان، وجعل من المهم التنبّه لأساليبهم ومكرهم. قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حوارٍ معه في 2018 بصحيفة «التايم» الأميركية، إن «المرء لا يتحول فجأة من شخص عادي إلى إرهابي، بل يتحول من شخص عادي إلى محافظ قليلاً، ثم إلى متطرف قليلاً، ويزداد تطرفاً وتطرفاً حتى يصبح جاهزاً لأن يكون إرهابياً. وتعد شبكة الإخوان المسلمين جزءاً من هذه الحركة. فلو نظرت إلى أسامة بن لادن، ستجد أنه كان من الإخوان المسلمين... ولو نظرت إلى البغدادي في تنظيم داعش ستجد أنه أيضاً كان من الإخوان المسلمين. في الواقع لو نظرت إلى أي إرهابيّ ستجد أنه كان من الإخوان المسلمين». وعن التنظيمات السرورية يقول الأمير: «أسامة بن لادن والظواهري كانا من الإخوان المسلمين، وقائد تنظيم داعش كان من الإخوان المسلمين، ولذلك تعد جماعة الإخوان المسلمين وسيلةً وعنصراً قوياً في صنع التطرف على مدى العقود الماضية، ولكنَّ الأمر لا يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين فحسب، بل خليط من الأمور والأحداث».

الخلاصة؛ أن مقولة نهاية الإسلام السياسي جدّ خطيرة، واكتشاف خلايا في المنطقة، وآخرها الضربة الأمنية الناجحة في الإمارات، يشرح مدى عنف هذه الجماعة وإصرارها على خوض ممارسات إرهابية تخريبية ضمن طموحات سياسية بشعة، تكشّفت من خلايا في مصر والسعودية وتونس، وكلها تعبّر عن خطر التنظيم، وتكسر مقولات البعض عن انهيار الإسلام السياسي. ولا بد من السير بالتوازي على مسارين: التنمية العالية الناجحة في الخليج محاطة بالرؤى الاستراتيجية الكبرى، بالتوازي مع مسار الوعي السياسي والأمني بمخاطر المستهدفين لذلك المسار الذي يريد المتطرفون تدميره أو تثبيطه أو إلحاق الأذى به... الوعي بالإرهاب وحيَله يُكسبنا نصف المعركة، وهذا ما حدث.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة الوعي الأمني بالخلايا السرية الجديدة



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
 العرب اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 15:38 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مصر تكثف اتصالاتها لوقف حرب غزة وتنفي "نقل معبر رفح"
 العرب اليوم - مصر تكثف اتصالاتها لوقف حرب غزة وتنفي "نقل معبر رفح"

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسلحون يهاجمون مطرانية للروم الأرثوذكس في سوريا

GMT 09:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 22:04 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 فلسطينيين بضربة إسرائيلية على قطاع غزة

GMT 22:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

غرق 20 مهاجرا في تحطم مركب قبالة سواحل تونس

GMT 14:42 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية إلى الفضاء

GMT 17:10 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يُطالب بإخلاء 4 مناطق في وسط غزة

GMT 20:40 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تسجل أول إصابة بشرية شديدة بإنفلونزا الطيور

GMT 21:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 21 من الفصائل الموالية لتركيا في هجوم على ريف حلب

GMT 05:37 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مصرع 20 مهاجرا جراء غرق قاربهم في ثاني مأساة خلال أسبوع

GMT 14:20 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

معارك عنيفة بالخرطوم ومباحثات أممية لحل الأزمة السودانية

GMT 10:43 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

GMT 23:30 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الذهب عند أقل مستوى في شهر بعد تلميحات عن تهدئة خفض الفائدة

GMT 13:33 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تشيلسى يؤمن مدافعه الشاب اتشيمبونج حتى 2029

GMT 23:10 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 10:28 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab