بماذا علّق الفلاسفة على حرب غزة

بماذا علّق الفلاسفة على حرب غزة؟!

بماذا علّق الفلاسفة على حرب غزة؟!

 العرب اليوم -

بماذا علّق الفلاسفة على حرب غزة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

في المقالة الماضية عرجتُ على وجهة نظر الفيلسوف المعمّر إدغار موران حول «العقل المحطّم»، وبما أنه فيلسوف لم يوقفه العمر عن المثابرة في متابعة الأحداث، فإنه أدلى برأيه كغيره من الفلاسفة الآخرين في أحداث غزة مع إسرائيل الدائرة الآن.

قبل ذلك أبدأ بمادة نُشِرت قبل أيام في «بي بي سي» لخَّصت آراء 4 فلاسفة من تحرير جوي سليم حول الحرب في غزة نشرها موقع الوكالة.

البداية بموقف الفيلسوفة الأميركية جوديث بتلر، إذ تصر على ضرورة أخذ تعبير «إبادة جماعية» على محمل الجد، لأنه يصف ما يحدث بالفعل؛ فالهجمات لا تستهدف المقاتلين فقط، وإنما تستهدف أيضاً السكّان والمدنيين في غزة، وهم يتعرضون للقصف والتهجير، وتُعدّ بتلر واحدة من عشرات الكتّاب والفنانين اليهود الأميركيين الذين وقّعوا رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يدعون فيها إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وهي أيضاً عضو في المجلس الاستشاري لمنظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام». وكانت بتلر نشرت مقالاً في 13 أكتوبر (تشرين الأول) في «لوس أنجليس ريفيو بوكس»، تحدثت فيه عن أهمية وضع سياق تاريخي للأحداث الأخيرة، قاصدة بذلك هجمات «حماس» في السابع من أكتوبر. وقالت مؤلفة كتاب «قوة اللاعنف» إنه «لفهم كيفية وقوع حدث ما، أو ما هو معناه، يتعين علينا أن نتعلم من التاريخ. هذا يعني أنه يتعيّن علينا توسيع رؤيتنا إلى ما وراء اللحظة الحالية المروعة، من دون إنكار رعبها، في الوقت ذاته الذي نرفض فيه السماح لهذا الرعب بأن يختزل كل الرعب الموجود»، وأضافت بتلر أن «وسائل الإعلام المعاصرة، في معظمها، لا تفصّل الفظائع التي عاشها الشعب الفلسطيني لعقود من الزمن في شكل تفجيرات وهجمات تعسفية واعتقالات وقتل».

أما الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجك؛ فقد تحدث بحفل افتتاح الدورة الخامسة والسبعين من «معرض فرانكفورت الدولي للكتاب»، واستغرب من الحضور أنه «في اللحظة التي يذكر فيها المرء الحاجة إلى تحليل الخلفية المعقدة للوضع، فإنه يُتهم، كقاعدة عامة، بدعم أو تبرير إرهاب (حماس)»، ومنذ بدء هجوم «طوفان الأقصى»، شبَّه الفيلسوف السلوفيني، المعروف بوصفه واحداً من أشهر المفكّرين المعاصرين الأحياء وأكثرهم تأثيراً، حركة «حماس»، باليمين الإسرائيلي الحاكم في الوقت الراهن (كل ذلك بحسب «بي بي سي»).

أما الفيلسوف الجنوب أفريقي ديفيد بيناتار، فانتقد ما سمّاه «لوم الضحية»، أي «تحميل إسرائيل مسؤولية هجمات (حماس)»، وقال إنه كان يجب «التفكير في العواقب المحتملة لعدم قيام إسرائيل بضرب حماس (أو ضربها بشكل غير كاف) رداً على المجزرة». ورأى مؤلف كتاب «الأفضل ألا نوجد إطلاقاً - الضَّرر الكامن في المجيء إلى الوجود»، أن «إسرائيل ليست مستعمرة لأي بلد ولم يتم إنشاؤها على هذا الأساس»، مضيفاً أن الإسرائيليين «لديهم روابط الأجداد مع هذه الأرض».

بينما على موقعه الإلكتروني، دوّن الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين نصّاً مقتضباً بعنوان «صمت غزة». وكتب أغامبين، الذي عُرف باهتمامه بموضوعات متنوعة تراوحت بين فلسفة اللغة وفلسفة الأخلاق والقانون والأدب: «أعلن علماء من كلّية علوم النبات في جامعة تل أبيب، بالأيام الأخيرة، أنهم سجلوا بميكروفونات خاصة حسّاسة بالموجات فوق الصوتية صرخات الألم التي تصدرها النباتات عند قطعها أو عندما تفتقر إلى الماء. في غزة لا توجد ميكروفونات!».

بينما نشرت الوكالات خلاصة الرسالة التي وقَّعها الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، رفقة 3 آخرين، حول «التضامن المفهوم مع إسرائيل واليهود في ألمانيا»؛ أن «هجوم (حماس) مذبحة مع النية المعلنة للقضاء على الحياة اليهودية بشكل عام». يعلق السيد ولد أباه على هذا الموقف: «ورغم تشبث هابرماس بالنموذج التواصلي المفتوح القائم على التداول البرهاني الحر، فإنه في الحقيقة لم يسعَ يوماً إلى اكتشاف الثقافات الأخرى، بما يبرز جلياً في كتابه الأخير حول تاريخ الفلسفة الذي ينطلق فيه من مركزية اللاهوت الأوروبي في تشكّل المنظومات الفلسفية».

بينما بدا موقف إدغار موران أكثر حكمة، حين كتب خلاصته عمران عبد الله: «فيما يشبه وصايا الحكماء المعمرين، يواصل عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسي إدغار موران (1921) دق جرس إنذار الأزمة التي تتخبط فيها حضارتنا»، منبهاً بشكل خاص إلى مخاطر تفاقم العنف والجهل على مصير البشرية، دعا المفكر الفرنسي - صاحب كتاب «هل نسير إلى الهاوية؟» - لاتخاذ موقف و«عدم نسيان القضايا العادلة»، مشيراً إلى أنه يتخذ موقفاً يتمثل في القلق الإنساني تجاه أولئك الذين يعانون «وفي الوقت الحالي هم في غزة، أن الأمر ربما لا يكون سهلاً؛ ففي الواقع ليس الجميع ضد الحرب، وهناك أوقات يجرفنا فيها التيار، ويطلب منا أن نختار جانباً ونتخذ موقفاً. أنا أتخذ موقفاً من قلق الإنسان. إننا نعيش في عالم من عدم اليقين، حيث مصير الإنسان أمر منسيّ تماماً»، وفسر ذلك بقوله «لم تتعرض الإنسانية قط لمثل هذا القدر من المخاطر، لأنه إذا انتشرت الحرب على نطاق واسع واستُخدمت الأسلحة النووية وغيرها، فإننا لا نعرف إلى أين نتجه؟ لأي تراجع، أو لأي انحطاط. إننا بحاجة لمواجهة هذا العالم الذي يبدو فوضوياً، الفوضى تحمل في طياتها قوى التدمير والإنشاء (التكوين)».

اللافت الذي يستحق التوقف أن موران دعا إلى «عدم كراهية العدو»، حين قال: «خضتُ الحرب (العالمية الثانية) من دون كراهية للألمان. كنت أكره النازية وآيديولوجيتها، لكنني أعتقد أن المسألة الحقيقية هي عدم الاستسلام لهذه العملية الحتمية التي تؤدي إليها الفكرة الخاطئة بأننا نواجه وحوشاً دائماً، أو أناساً من الطبقة السفلية، أو حيوانات».

الخلاصة أن مواقف هؤلاء الفلاسفة بقدر ما تتناقض، وبقدر ما يختار كل من أولئك موقعه من الطرفين، فإن ما يهمنا إرباك الحدث بوصفه خارج التحديد النهائي. إنه جزء من أزمة فوضى، وجذره أن القصّة التي أسست للحرب الدموية الدائرة الآن تتعلق بتاريخ مشحون بالعداوة والتطاحن بين «حماس» وإسرائيل. إن الحدث بمعنى آخر يرمز لفشل في المقاربة المتجاوزة، وآية ذلك أن الفيلسوف المعمّر موران يفضّ الاشتباك بين كراهية العدو وحربه، ويدلل على ذلك بتجربته لا الفلسفية فحسب، وإنما التاريخية في الحرب العالمية أيضاً. إن هذه الآراء توضح مستوى تشظّي الحدث وعدم اقتصاره على الصراع على الأرض ولا باستعمال السلاح، وإنما بجوانب الصراع المضمرة الأخرى بين المتحاربين المجترّين لخصومات التاريخ.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بماذا علّق الفلاسفة على حرب غزة بماذا علّق الفلاسفة على حرب غزة



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
 العرب اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسلحون يهاجمون مطرانية للروم الأرثوذكس في سوريا

GMT 09:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 22:04 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 فلسطينيين بضربة إسرائيلية على قطاع غزة

GMT 22:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

غرق 20 مهاجرا في تحطم مركب قبالة سواحل تونس

GMT 14:42 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية إلى الفضاء

GMT 17:10 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يُطالب بإخلاء 4 مناطق في وسط غزة

GMT 20:40 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تسجل أول إصابة بشرية شديدة بإنفلونزا الطيور

GMT 21:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 21 من الفصائل الموالية لتركيا في هجوم على ريف حلب

GMT 05:37 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مصرع 20 مهاجرا جراء غرق قاربهم في ثاني مأساة خلال أسبوع

GMT 14:20 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

معارك عنيفة بالخرطوم ومباحثات أممية لحل الأزمة السودانية

GMT 10:43 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

GMT 23:30 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الذهب عند أقل مستوى في شهر بعد تلميحات عن تهدئة خفض الفائدة

GMT 13:33 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تشيلسى يؤمن مدافعه الشاب اتشيمبونج حتى 2029

GMT 23:10 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 10:28 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab