حول الإرهاب وما بعد واقعهم المعاصر

حول الإرهاب وما بعد واقعهم المعاصر

حول الإرهاب وما بعد واقعهم المعاصر

 العرب اليوم -

حول الإرهاب وما بعد واقعهم المعاصر

بقلم : فهد سليمان الشقيران

يمكن أن يمثل اغتيال أيمن الظواهري ضربة ممكنة ضد الإرهاب بالعالم، لكنه غير كافٍ لسوس الإرهاب بالعالم، وآية ذلك أن الإرهاب يضرب بالشرق والغرب. من الممكن تصوّر الإرهاب من دون وضع المراحل التي تسبقه في الحسبان. الإرهابي حصيلة مراحل مرّ عليها، هناك أغذية ومحتويات ومضامين يحملها العقل الإرهابي. يعتبر الخطاب المتطرّف المهمل والسائل في المجتمع، ومنابر الإعلام، ووسائط الاتصال الاجتماعي، أحد أبرز روافد الإرهاب ومنابعه. هذا مع اختلاف التجنيد بين تنظيم وآخر. المنضوي لتنظيم القاعدة يختلف عن المجنّد بـ«داعش»، وهي اختلافات تطول الأساليب والأشكال، وتنوّعها يأتي بسبب تمايز الغايات والأهداف.
لعل من قرأ وثائق أسامة بن لادن التي بلغت زهاء ثلاثمائة صفحة يعرف الفرق التكتيكي بين «القاعدة» و«داعش». ما كان ينشده «القاعدة» وأذرعته بسنوات أخذ «داعش» يحصل عليه بأيام.
يصحّ ذلك على التنظيمات التربوية؛ إذ كانت تسيطر على المناشط غير الصفيّة، والمؤسسات الكشفية، والملتقيات الإنشادية؛ بغية الوصول إلى الهدف بعد سنوات من التنشئة والحثّ وإعادة التشكيل، وهذه رؤية محمد سرور زين العابدين، وقد فصّلها في حواره المطوّل بما يشبه الذكريات، سردها في سبع ساعات تلفزيونية، وقد استمدّها من النظرية الإخوانية التأسيسية «بطيء، ولكن أكيد المفعول» كررها محمد قطب في كتابه الأساسي «واقعنا المعاصر».
بعد أربعة عقودٍ من الحيرة الحكومية والشعبية بكرة النار الراديكالية بانت ثمرة تلك الشجرة، لم يكن الخطاب الديني المعلن سوى قشرة على الحلم السياسي، للحاكمية، والخلافة، والثورة الإسلامية على غرار الثورة الإسلامية الإيرانية، للحصول على النظام السياسي المنشود.
وعت السعودية هذا الخطر مبكّراً، فأخذت على عاتقها محاربة رموز التطرف منذ عام 1994، حينها قامت بحملات تمشيط لحماية المجتمع من الخطاب الثوري، لمحاصرة «الحالة الكاسيتية»، بعض الرموز كانوا يريدونها «خمينية سنيّة»، ولعل لولي العهد السعودي الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز مقولات مهمة في حواره مع صحيفة «السياسة» الكويتية؛ إذ بان غضبه على مَن أحسنت السعودية إليه ثم قلب لها ظهر المجنّ. قادت السعودية الحرب على الفكر المتطرّف قبل أن يصل إلى ذراه الإرهابية.
النمط الإرهابي حصيلة عقود من التطرف، روافد كثيرة أسهمت في تشكيل «داعش»، منها المؤسسات التربوية، والخطاب الإخواني. مقولات سيد قطب أهم عناصر تأسيس «داعش»، ثم إن يوسف القرضاوي نفسه، مفتي الإخوان المسلمين، قالها بوضوح: «أبو بكر البغدادي كان من الإخوان المسلمين». أيمن الظواهري أرّخ لسيرة أسامة بن لادن، وأكد أن تكوينه الأساسي كان في محاضن الإخوان المسلمين، هذا هو المنبع الذي رُويت منه التنظيمات الإرهابية، وليس سراً أن يافطات تتضمن مقولات لسيد قطب تملأ شوارع الرقة ومناطق سيطرة «داعش» في العراق وسوريا.
ثمة أفكار مكوّنة للعقل الإرهابي، يستمدها من رموزه، ومن مراجعه الذين تربوا هم أيضاً على رموز أكبر منهم ومراجع تاريخية استمعوا إلى أحاديثها ومحاضراتها من عبد الله عزام، وصولاً إلى أدبيات الانتحار، وتبرير التفجير في عصرنا الحاضر.
مع اشتداد وطأة الإرهاب، تجدد السعودية التزامها التاريخي بالحرب على الإرهاب، وفي كلمة الملك سلمان الموجهة للسعوديين وللمسلمين بعيد الفطر، أكد أن «المملكة عاقدة العزم ـ بإذن الله ـ على الضرب بيد من حديد على كل مَن يستهدف عقول وأفكار وتوجهات شبابنا الغالي، وعلى المجتمع أن يدرك أنه شريك مع الدولة في جهودها وسياساتها لمحاربة هذا الفكر الضال، ونحن في هذا نستهدي بتعاليم ديننا الإسلامي الذي يعصم الدماء والأموال».
هذا التأكيد يأتي استمراراً لمشوار من المواجهة الحاسمة على الأرض وفي الإعلام والسياسة ضد الإرهاب؛ إذ لاحقت المتطرفين والإرهابيين في أنحاء العالم، وتعقد اتفاقيات أمنية مع حكومات إقليمية ودولية للتعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، ومتابعة المتورطين والمطلوبين.
محاربة الإرهابيين أساسية، وبموازاتها لا بد من متابعة الأفكار التي تشربوها. فتاوى وتعليمات وصيغ تلقين ساعدت على تشكيل العقل الإرهابي، على سبيل المثال تنقل جريدة «الوطن» السعودية، عن محمد العِمِر – الشقيق الأكبر لمنفذي العمليات الانتحارية بالقطيف الأخوين عبد الرحمن وإبراهيم العِمِر – أن أخويه لم يتلقيا أي تعليم نظامي، ولم يستخرجا بطاقات الهوية الوطنية لتحريمهما التصوير، لكنهما تعلما في حلقات تحفيظ القرآن منذ الصغر، ولم يلتحقا بالمدارس النظامية لتحريمهما لها!
بآخر المطاف، دللت العمليات الإرهابية الأخيرة على أمرين؛ أولهما: فشل التنظيم وعجزه عن تنفيذ الخطط كما أرادها. والآخر: انكشاف التنظيم إعلامياً، فبعد التفجير بالحرم النبوي، وعدم احترام مقام النبوّة لم يعد للتنظيم أي مشروعية لدى بعض المتعاطفين الصامتين، وإن تغطّى بالأهداف السياسية والمقاومات الكاذبة.
من الآن، سيأخذ المحرّض حسابه وعقابه، وسيُضرَب العابث بأفكار الناس بيدٍ من حديد، هكذا قالها الملك سلمان، المحارب الأول للفكر الإرهابي في المنطقة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول الإرهاب وما بعد واقعهم المعاصر حول الإرهاب وما بعد واقعهم المعاصر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab