الانسحاب الأميركيتنفيذ سياسات الانعزال

الانسحاب الأميركي...تنفيذ سياسات الانعزال

الانسحاب الأميركي...تنفيذ سياسات الانعزال

 العرب اليوم -

الانسحاب الأميركيتنفيذ سياسات الانعزال

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لم يُحسم بعد موضوع انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق، وتعدادها ألفان وخمسمائة جندي موزّعين على الثكنات والقواعد، قوة الوجود الأميركي ليس في كثافته، وإنما في رمزيته، وأي انسحاب مزمع سيكون كارثياً. نعلم أنَّ جزءاً من شروط تتويج حكومة السوداني طرح فكرة انسحاب القوات الأميركية، ولكن في حال انسحابها سينفرط عقد الحكومة، فبقاء السوداني رهن بقاء الأميركيين، بينما الأكراد والشيعة والسنة ينتظرون بحذر؛ لأن الانسحاب لن يكون ذا مفادٍ عسكري، وإنما له رسالة سياسية، وقد يكون أثره مدويّاً على أكثر من صعيد.

للانسحاب أثره في بعث المعنويات الجهادية لدى الجماعات المتطرفة الشيعية والسنية، سيعيد لهم فرصة بعث مقولتين؛ أولاهما: هزيمة أميركا في العراق، وبالتالي الضغط على هذا الوتر المسمّع لدى المجتمع المحافظ، والمقولة الثانية: لقد انفردنا بالساحة، وبالتالي سيعزز من هيمنة الجماعات المتطرفة على الواقع العراقي، وتعزيز حضور الأحزاب الولائية المناوئة لأميركا عسكرياً وسياسياً، وهذا نذير خطرٍ قد لا تأبه له الولايات المتحدة كما لم تأبه لـ«طالبان» في أفغانستان.

بعد انسحاب أميركا من أفغانستان، كتبت سلسلةٍ من المقالات حول هذا الموضوع وقلت إن الانسحابات الأميركية من العراق وأفغانستان لم تكن مفاجئة، منذ نهاية عهد بوش الابن الذي ترك إرثاً لم يحتمله خلفه، والحديث عن الانسحاب والانعزال مشروع مطروح، ليس لدى باراك أوباما وحسب، بل لدى ترمب، واليوم بايدن يقوم بتنفيذ الانسحاب الذي كان من مناصريه منذ أن ندم على تصويته على حرب العراق حين كان في مجلس الشيوخ وحتى وقوفه الشرس ضد زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان، حين اقترح رئيس هيئة الأركان الأميرال مايك مولين نشر ثلاثين ألف جندي فوري إضافي. قاتل بايدن وبعناد في الاجتماعات التي رأسها أوباما ضد الحروب ونشر القوات، ولهذا الرأي ولما سببته أفغانستان من مآسٍ نفسية وجسدية على الأميركيين قصص أوردها أوباما في مذكراته التي طبعت نسختها العربية بعنوان: «الأرض الموعودة»... قصص تروى.

في كل مذكراته، يبدو أوباما فخوراً باختلاف بايدن مع بقية فريقه، دافع عن رأيه المحافظ في المجال العسكري، فهو يرى أفغانستان «المستنقع الخطير» لأميركا، ونشر القوات يجب أن يرتبط بـ«استراتيجية واضحة». أوباما برغم نشره لقوات إضافية في أفغانستان فإنه في قصصه حول الحروب والقتال دائماً يبدي ندمه. في روايته لقصة نشر القوات يعدّها خطوة نحو «تجنب الهزيمة»، المزيد من الجيوش والقواعد والطائرات لن ينتج النصر، لكنَّه يؤمن أن تلك الخطوة كانت ضرورية لتحديد الصراع الدائم بين البنتاغون والبيت الأبيض، وحين اتهم البعض بايدن آنذاك بأنه سبب الصراع بين المؤسستين، دافع عنه أوباما في المذكرات.

واستراتيجية الانسحاب المنفذة حالياً تخمرت لدى بايدن منذ سنواتٍ طويلة حتى بعدما عرف بـ«تقرير ريدل» الداعي لاستمرار «الالتزام الأميركي» في محاربة الإرهاب و«القاعدة» بأفغانستان وباكستان. بقيت رؤية بايدن انسحابية، أوباما لم يكن ضد التقرير لكنَّه يشكو من «غموض طريقة فعل ذلك». كان يرفض البدء من الصفر في تلك الحرب، بعد ذلك اقترح وزير الدفاع حينها روبرت غيتس تبديل قائد القوات ماكرينان بالفريق ستانلي ماكريستال، والهدف تحقيق مهارة أعلى في العمليات المزمع تنفيذها آنذاك.

وضع غيتس بين عيني أوباما ما عرف لاحقاً بـ«استراتيجية الجهد الكافي في أفغانستان». أوباما كما يقول لم يستمتع بأي من هذه الحروب، وكان منزعجاً من تركيز الصحف على خطوة نشر القوات، وكأنه ينقض ما وعد به في حملته. بينما بايدن كان ضد كل انتشار على الدوام، بل تساءل - كما يروي عنه أوباما - عن سبب الحاجة لنشر مائة ألف جندي لإعادة بناء أفغانستان، فيما تنظيم «القاعدة» موجود في باكستان، واستهدافه شبه محصور بالضربات الجوية التي تنفذها الطائرات المسيرة.

منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 والحديث عن استراتيجية الانسحاب يأخذ الساعات الطوال في اجتماعات أوباما وفريقه. كان القادة العسكريون يقولون لأوباما بوضوح إن استئصال «طالبان» من أفغانستان أمر غير واقعي، وسحق تنظيم «القاعدة» يستحيل إذا نجحت «طالبان» في السيطرة على البلاد، وعليه ما يمكن فعله هو «تقليص نشاط (طالبان)»، اختلف بايدن مع ماكريستال حول نقطة محددة، بايدن يرى نشر 20 ألف جندي لمكافحة الإرهاب، وماكريستال يؤيد إرسال 40 ألفاً، وأوباما مصعوق من رقم كريستال، لماذا هذا العدد إذا كنا قلصنا الأهداف؟!

الحل المريح لأوباما وهو في المنتصف بين بايدن وماكريستال طرحه روبرت غيتس، نرسل ثلاثين ألف جندي، مع خطة انسحاب وجدول زمني للعودة، من وجهة نظر أوباما كان «حلاً وسطاً» يؤيد خطة بايدن ويمنح ماكريستال القوة النارية لوقف تقدم «طالبان».

الخلاصة أن بايدن إن انسحب من العراق فإنه ينفذ خطته الانعزالية التي صارع من أجلها طوال تسع جلساتٍ محتدمة، وهي نتاج رؤية مترسخة وقديمة، وكانت أمنية رئيسين سبقاه، لذلك فإن بايدن كان واضحاً حين قال: «الحل هو التعايش مع (طالبان)»، وعليه فإن الانسحاب الأميركي من مناطق النفوذ سيكون مصحوباً بنفس الرؤية الانعزالية لدى أوباما، وقد يدفع ثمنها، وبخاصةٍ أنه فتح جبهة غير مقفلة مع جماعة الحوثي.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانسحاب الأميركيتنفيذ سياسات الانعزال الانسحاب الأميركيتنفيذ سياسات الانعزال



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 11:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان
 العرب اليوم - حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان

GMT 10:04 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
 العرب اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 06:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 العرب اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 14:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

GMT 07:39 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 20 فلسطينياً في وسط وجنوب قطاع غزة

GMT 18:37 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت التعليق على الطعام غير الجيد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab