ما بعد النظام العالمي القديم

ما بعد النظام العالمي القديم

ما بعد النظام العالمي القديم

 العرب اليوم -

ما بعد النظام العالمي القديم

بقلم : فهد سليمان الشقيران

في الأساطير القديمة يقال: إن من يعيش اللحظة لا يدركها؛ وسبب الاستعصاء أن الفرد لا بد أن يكون مستقلاً عن الحدثِ أو خارجه ليفهمه. وأحسب أن هذا ما يصحّ على التطورات في الإقليم. التحديات كبيرة، ولكن الحلول موجودة. منذ أوائل بدء موضوع 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كنتُ أقول للزملاء في الصحافة: إن هذا المخاض الصعب والرحلة الإنسانية الوعرة هي مخاض لولادة شيء ما. التاريخ لا يعيد نفسه، وإنما الصيرورة الزمانية -كما يعبّر الفيلسوف مارتن هيدغر- تفرض أحداثاً لا طاقة لنا بها، وإنما علينا أن نتطوّر معها، ونعايشها.

في حومة هذا الصراع المحتدم الكبير هرع القادة الكبار بغية إطفاء الحرائق، وإنقاذ ما تبقى من مآسٍ إنسانيةٍ وسياسيةٍ واجتماعية، وآية ذلك أننا في هذه الأيام نشهد تفوّقاً دبلوماسياً سعودياً سينتج عنه العديد من المواثيق، وستدرس فيه الكثير من الأفكار. وفود أميركية وروسية وأوكرانية، وقمة تشاور لتحضير القمة العربية، وقمة كبرى مرتقبة تجمع كلاً من ترمب وبوتين بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، سيبنى عليها فضاءٌ تنموي عناوينه تصفير المشكلات، وإعادة الاستقرار، والبحث بمواضيع الإعمار، وبسط سيادة الدولة فقط، وحصر السلاح، واستبشرنا بخير حين أعلنت الحكومة اللبنانية إلغاء بند ما يسمى «المقاومة» ليكون الدفاع عن لبنان ضد أي معتدٍ من وظائف الدولة، ويجب على كل الدول التي تشرّع عمل الميليشيات أن تأخذ هذا الموقف.

العناوين الأميركية التي يطرحها بعض المتخصصين في مراكز الأبحاث تتحدّث عن تبلور نظام عالمي جديد غير الذي تكوّن في القرن العشرين، وأحسب أن هذه النظريات منطقية، وواقعية، ويجب استلهامها، والبدء منها.

يرى هنري كيسنجر -وهو من صنّاع النظام العالمي وصائغيه ومهندسيه- أن من منعطفات التحول في تاريخ البشرية «اختراع نمط الطباعة القابل للنقل في منتصف القرن الخامس عشر؛ الأمر الذي وفَّر إمكانية تقاسم المعرفة على نطاق لم يكن متخيلاً من قبل. كان المجتمع القروسطي قد درج على عادة تخزين المعرفة عبر الاستظهار، أو عن طريق النسخ اليدوي المضني للنصوص الدينية، أو بواسطة فهم التاريخ بالإفادة من الشعر الملحمي. في عصر الاستكشاف، كان لا بدَّ لما يجري اكتشافه من أن يُفهم، وأتاحت الطباعة فرصة نشر المعلومات. كذلك أدَّى استكشاف عوالم جديدة إلى الحفز على السعي لإعادة اكتشاف العالم القديم وحقائقه، مع تأكيد خاص لمركزية الفرد. وراح الاحتضان المتزايد للعقل كقوة تنوير وتفسير موضوعية يهزُّ أسس المؤسسات القائمة، بما فيها الكنيسة الكاثوليكية العصية على أي هجوم من قبل».

الأهم أنه يعتبر صلح ويستفاليا أساسياً في تطور منطق الدولة، باعتباره الاتفاق الأول في العصر الحديث، يقول: «في كتابه التنين (Leviathan) المنشور عام 1651 بعد سلام ويستفاليا بثلاث سنوات قام توماس هوبز بتوفير مثل هذه النظرية. تصور (حالة طبيعية) في الماضي حين كان غياب السلطة يتمخض عن نوع من (حرب الجميع ضد الجميع). وهرباً من مثل هذا الانعدام الأمني الذي لا يطاق بادر الناس، حسب تنظير هوبز، إلى التنازل عن حقوقهم لسلطة سياسية مقابل قيام الأخيرة بتوفير الأمن لجميع من هم داخل حدود الدولة. واحتكار الدولة السيادية للسلطة تم ترسيخه بوصفه الأسلوب الوحيد للتغلب على الخوف الأبدي من الموت العنيف والحرب».

الخلاصة؛ إن العالم بأكمله مهتمّ بهذه القمة الكبرى التي ستعيد تشكيل النمط التقليدي القديم الذي نشأ منذ اتفاقية ويستفاليا؛ ثمة نظام عالمي جديد يتشكّل، ما عادت الفوضوية مقبولة في الإقليم، وما من حلّ يمكن القبول به غير حلّ الدولة، أما التنظيمات المنفلتة والقاتلة، والشخصيات المارقة، والأصوليات المتباهية فهي إلى زوال، والدول المجاورة يجب أن تنتبه إلى أننا خلال سنة وبضعة أشهر أصبحنا في واقعٍ عالمي مختلف جذرياً عما قبله، ولذلك فإن الخيار إما أن تنضمّ الدول الفاشلة إلى مشاريع التنمية، ونبذ العنف والإرهاب، أو تنتظر المصائر المأساوية والكارثية.

arabstoday

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:48 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

قفزات عسكرية ومدنية

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد النظام العالمي القديم ما بعد النظام العالمي القديم



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 07:50 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 04:22 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم السبت 26 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab