بقلم : فهد سليمان الشقيران
لم تكن الضربة الأميركية على مراكز الحوثي المكوّنة من مراكز سيطرة ومخازن أسلحة، مفاجئة؛ فمنذ سنوات قام الحوثي بتهديد صريح واستهداف إرهابي للملاحة في البحر الأحمر، وقصف مواقع لإسرائيل، وشارك فيما يُسمّى «حرب الإسناد». وكل هذه الممارسات فيها انتهاك فاضح للقوانين الدولية؛ مما كرّس توصيفه العالمي بالميليشيا. وقد سبقت السعودية والإمارات كل دول الغرب بتجريمه قانونياً ووصفه بالإرهاب.
وما كانت الضربة الأميركية إلا بعهد الرئيس دونالد ترمب، بعد تساهل بايدن مع التهديد الحوثي طوال فترة ولايته، بل إن هذه الضربة الشديدة القوة نلخصها في مجموعة نقاطٍ هي:
أولاً: أن الحالة الإرهابية والميليشياوية في الإقليم تضعضعت منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وتصفية يحيى السنوار إلى غزوة «البيجر»، وضرب الصفوف الأساسية من «حزب الله».
بيد أن الهلع لدى هؤلاء كلهم انتشر بعد اغتيال زعيم ميليشيا «حزب الله» حسن نصر الله، مما جعل الكثير من الإرهابيين يعلمون أن هذه الدول المتقدمة عسكرياً واستخبارياً بإمكانها الوصول لأي إرهابي في أي مكانٍ بالعالم، هذا ما جعل كوادر «الحوثي» يلوذون بالجبال والكهوف، بل إن المدوّنين منهم في منصات التواصل الاجتماعي توقف حديثهم، وهذه رسالة أساسية للضربة؛ أن الهجوم الأميركي ليس مزحةً وإنما له ما بعده.
ثانياً: أن الرئيس ترمب يريد إيصال ملاحظة عسكرية شرسة لإيران، وهي رسالة مزدوجة تبدأ من اليمن، وخلاصتها أن التفاوض لا يزال قائماً في حال وجود إمكانات دبلوماسية مؤسسة يمكن البناء عليها، وليست على طريقة الاتفاق النووي القديم، وإنما ضمن صيغ مختلفة تتماشى مع تحولات الإقليم وانهيار «محور الشر». ومن جانبٍ آخر أن الأذرع التابعة لإيران لن تكون لا هي ولا قادتها بمعزل عن الاستهداف والتأديب والاستئصال، ثمة أفكار ترمبية عُمل عليها على مدى السنوات الأربع الماضية، وهي خلاصة فلسفته واستراتيجيته السياسية، ومن يتابع لقاء «فوكس نيوز» مع نائبه جي دي فانس يعلم أن الأمور متجهة نحو إدارةٍ يقودها الصقور وليس لديها المزيد من الهُدن والأوقات، بل هي إدارة حاسمة وفعّالة وصلبة.
ثالثاً: أن أميركا منذ ولاية ترمب الأولى تعد مناطق الحوثي بؤراً إرهابية يجب تمشيطها؛ على عكس البريطانيين ودول حلف الناتو، وبالفعل نفّذ ترمب ما أيقن به. إن الأسس التي بنى عليها الحوثي تقديراته بالمنطقة سوف يدمرها ترمب. كانت دول التحالف تنادي وتشرح للغرب كله كيف يمثّل هذا التنظيم المتهالك خطراً على الجميع، ولكن مجاميع اليسار وبعض الدول الغربية تعاند حتى وقع الفأس بالرأس. إن تهديد الملاحة الذي مارسه الحوثي طوال السنوات الماضية، وهو سلوك إرهابي محض قُوبل بكسل دولي، هذا فضلاً عن استهدافه لسيادات الدول وأمنها.
الخلاصة؛ أن الضربة الأميركية على الحوثيين باليمن ضرورية، بل جاءت متأخرة، ولكن استراتيجيات ترمب السريعة والعاجلة لن تكون مزحة، إنه يريد تصفير المشكلات، وتثبيت الخرائط، ومن يستمع إلى خطاب التنصيب الممتد لساعةٍ ونصف يعلم أن أفكاره الحالية صارمة، هذه الجماعات والأذرع لن تكون بمأمنٍ قط، وتقديري أن هذه بداية تمشيطهم وسحقهم في الإقليم.