بقلم : فهد سليمان الشقيران
شعرتُ بفرحةٍ غامرة بتعيين المحامية والمستشارة الشيهانة بنت صالح العزاز، نائبةً لأمين عام مجلس الوزراء، وللفرحة دافعان، أولهما: أننا يومياً نفرك أعيننا غير مصدقين هذا التطور المذهل في السعودية، والدفعة التي قدمها الأمير محمد بن سلمان للمرأة غير مسبوقة وهي نموذج متطور للمنطقة، في سنواتٍ قليلة نالت المرأة حريتها في السفر، وأصدرت قوانين تحمي فردانيتها على كل المستويات، إن التعيين هذا يأتي في إطار سياسات قوية شجاعة وكبيرة في السعودية تجاه المرأة، كان البعض يعتبر قيادة المرأة للسيارة لن يكون قريباً ولكن أثبتت الإدارة السياسية السعودية أنها قادرة على الدفع بالتغيير والتنمية والتطوير، وهذا ما لمسناه جميعاً.
ثانيهما: أن الشيهانة هي بنت بيت محفوف بالتنوير، ووالدها عشق المغامرات والمخاطر، تعرض للتكفير وأنواع الأذى وصنوفه، وتآمر عليه المتطرفون وسجنوه، وإنني لم ألتق الراحل صالح لكنني سمعتُ كثيراً عن شخصيته الفذة من صديقين اثنين كانا من أقرب الناس إليه وهما الأستاذان عثمان العمير وتركي الدخيل. والدها كان طموحه ضمن عصره أن تقود المرأة السيارة، وأن تخفف نبرة التشدد، وأن تمكن المرأة، لكن ليته رأى يوم تعيين ابنته، يوم تاريخي للتنوير في السعودية.
تعيين الشيهانة فيه تحية كبرى لروح الراحل العزاز الذي سبق عصره في عمله الفوتوغرافي والصحافي، وفيه أيضاً انتصار للمشروع التنويري الذي يدعمه الأمير محمد بن سلمان بكل قوة وحسم. كتب تركي الدخيل عن صديقه العزاز:«بعد رحيل الرجل الصالح العزاز رثاه الناس كما يُرثى الزعماء، مع أنهم لم يكونوا يرجون غير التعبير عن صدق المحبة، ولا كانوا يطمعون بإرث مادي، لعلمهم بإرثه الإنساني، إذ غرس قدوة جميلة بحُسن الخلق، وطيب السجايا، فأينع زرعه المحبة في كل مكان يكون، وفيض إنسانيته، الذي جعله من قلائل الشخصيات، التي تركت أثراً في كل من عرفها، فمن خصائصه، غفر الله له، أن أثره امتد إلى من لم يقابله، بمجموع الصدى الإنساني الإيجابي المتكاثر، عند الحديث عن الراحل المحبوب، لم يرحل العزاز، وقد ملَّ مهمته، فقد كتب قبل رحيله:ما أجمل أن تموت وأنت ترغب في ازدياد. رائع أن تترك الحياة وأنت تموت حباً ورغبة فيها. جميلٌ أن تقول للموت: أرجوك.. تمهل قليلاً.. ثم، إذا به.. لا يسمعك».
إن تعيين الشيهانة فيه نصرٌ للمرأة بوصفها مع الرجل شركاء في البنيان، والنظرة التي اعتاد البعض على ترويجها حول نقصها وقصورها صارت من الماضي، والمنصب الذي كلفت به على مستوى كبير من الأهمية، فأمانة مجلس الوزراء عملها دقيق وهو من المكاتب الأساسية لصناعة التنمية والقرارات المهمة في السعودية.
أّذكر بمقولة قائد تمكين المرأة السعودية الأمير محمد بن سلمان:«المرأة السعودية في السابق لا تستطيع السفر من دون تصريح، ولا تستطيع حضور المناسبات الرياضية والثقافية، ولا تستطيع قيادة السيارة، ولا تستطيع ممارسة الكثير من الأعمال، ولا تستطيع إنهاء قضاياها دون محرم، وقد عانت من ذلك لعشرات السنين، أما اليوم فتعيش المرأة السعودية مرحلة تمكين غير مسبوقة، لمملكة عملت على تمكين المرأة السعودية في مجال العمل والأحوال الشخصية، وباتت اليوم فعليا شريكا للرجل السعودي في تنمية وطننا جميعاً دون تفرقة». وأخيراً، فإن تمكين المرأة به تمكين للإنسان السعودي، وهذه هي الرسالة من تعيين أول امرأة نائبةً لأمين عام مجلس الوزراء السعودي.