عن السخرية بوصفها فكرة انعتاقية

عن السخرية بوصفها فكرة انعتاقية

عن السخرية بوصفها فكرة انعتاقية

 العرب اليوم -

عن السخرية بوصفها فكرة انعتاقية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

ربما تتضمن الأفكار الكثير من الجنون والسخرية، لنقرأ مذكرات آينشتاين، أو ما قالوه عن داروين، لكن ساباتو- الذي كتبت عن سخريته بالمقالة الماضية - يذهب أبعد من ذلك، يرى إرنستو ساباتو، الأديب الأرجنتيني وأستاذ للرّياضيات والفيزياء، في الأفكار المجنونة أنها انعتاق، بل هي جزء من الجنون النظيف، الذي يمنع الإنسان من تقبل الأيديولوجيا.
إرنستو ساباتو، الذي اتّجه إلى الأدب وعاش هادئاً في الأرجنتين من أجل التّفرّغ للكتابة، يستعيد مقولة لألبير كامو: «إن تفكير أي إنسان هو قبل أي شيء حنينه». كتب ساباتو في الحنين وعنه، ورأى في الأساطير شموخاً، وفي الخرافات كنزاً يمكن استعادته وتركيبه وصهره في الأعمال الفنية والرسومات التي اتجه إليها بعد أن تعب بصره، لم يفصل بين الكتابة والرسم، يتحدث إلى كارلوس كاتانيا في كتاب «بين الحرف والدم»: «لست الكاتب الوحيد الذي يرسم، كان (كولوشكا) كاتباً وانتهى به الأمر إلى أن أصبح رساماً، وكذلك الأمر لدى فيكتور هوغو، وكيبلبلغ، وغوته، وهوفان، وتولستوي، وبودلير، وبلاك، ورامبو». يعتبر الرسم فصيلاً من الكتابة وتنويعاً عليها، كما أن الكتابة والرسم يجمعهما خيط الفنون الذي يرسمهما ويدمجهما ضمن صيغه المتعددة.

انحاز إلى «الإيماء» الذي طمسته إمبريالية اللغة، يتساءل: «من الذي قال إن الكلام أفضل من الإشارات، يرى هنري ميشو أن جل ما يشعر به لا يمكن تفسيره بالكلمات، وتؤكد عباراته أن الكلمات أقل من الإشارات كمالاً. كان البدائيون يعبرون بالأصوات وبالألوان والرسوم والتعاويذ». تأثر كثيراً بالبنيوية وسحرته قيم الريف البدائية، ويشكو: «إن ثقافتنا التي اتخذت الكتب أساساً لها هي ثقافة سمتها المبالغة، وقد احتقرنا ثقافات قديمة لم تقم على الأبجدية، وإنما على أسس أخرى أشد أهمية، أسطورية حكيمة، وتوازن رائع مع الكون، وإلفة مع الموت، وإحساس مقدس باللحظات العظيمة لهذه الحياة البائسة، والمجردة الآن من أسطوريتها: الولادة، والبلوغ، واتصال الجنسين، والأولاد ثم الموت». وهذا يذكر بشغف كلود ليفي شتراوس الذي زار البرازيل والأمازون في ولايات ماتو روسو وبارانا وغوياس، وذلك في ثلاثينيات القرن الماضي، واعتبر تلك الحمولة من الأساطير والمكونات لها أكبر الأثر في حياته.

الخلاصة، أن مشروعه وقلقه وجنونه أثمر عن عشرين كتاباً في الفنون والفكر والأدب والنقد والموسيقى، إضافة إلى ثلاث روايات نال عنها جوائز كثيرة، والكثير من الحوارات، كان مرشحاً أساسياً في جائزة نوبل للآداب، غير أنه رحل من دونها في 30 أبريل (نيسان) 2011. رأى في الأدب حقبة روحية، بالنسبة إليه: «ثمة قرابة بين فرانسيس بيكون وكيركغارد وألبير كامو وسارتر ودوستوفيسكي، وكافكا، فكلهم ينتمون إلى الحقبة الروحية نفسها». وذلك على الرغم من تباعد الأيام ومسافات القرون.
لقد مزج ساباتو بين السخرية والكآبة، بين الكبرياء والضعف، آمن بالمقاهي والفنون، يحزن كثيراً، لكن على طريقة المهاجر القادم من نابولي وهو يلهو برقصة «ترانتيلا»، ويتعجب من مواطن بوينس آيرس الذي يستغرق في التفكير بمعضلات الحياة وهو يرقص «التانغو».


*نقلا عن الاتحاد

arabstoday

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:48 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

قفزات عسكرية ومدنية

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن السخرية بوصفها فكرة انعتاقية عن السخرية بوصفها فكرة انعتاقية



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:05 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية
 العرب اليوم - مصر تبحث تطورات المفاوضات الأميركية الإيرانية

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات

GMT 04:30 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

خير الدين حسيب

GMT 07:50 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

GMT 04:52 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

القوة الناعمة: سناء البيسي!

GMT 04:45 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

عن الأزهر ود.الهلالى!

GMT 04:21 2025 الأحد ,27 إبريل / نيسان

صوت من الزمن الجميل

GMT 04:22 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم السبت 26 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab