الحداثة بمعناها البسيط

الحداثة بمعناها البسيط

الحداثة بمعناها البسيط

 العرب اليوم -

الحداثة بمعناها البسيط

بقلم : فهد سليمان الشقيران

يُتداول باستمرار موضوع نهاية الحداثة. وهذا التصعيد بأحاديث النهايات له خطّة صحيحة حين نتعامل مع الحداثة بوصفها جزءاً من تاريخ ماوصلت إليه البشرية وبالتالي تصلّب تاريخها وتحدد، ولمقولة نهايتها جانب خاطئ لأن الحداثة حين نأخذها بالمعنى البسيط متجددة وقائمة. لذلك يصرّ الفيلسوف المعمّر «يورغن هابرماس» على أن الحداثة مشروع لم يكتمل بعد، بل ويعدّ «مابعد الحداثة» مشروعاً نقدياً للحداثة وليس مروقاً عنها. الحداثة بمفهومها البسيط متشعبة ومتوفرة، إنها تحديث متواصل، فكل انتقال في الفنون والسينما والأدب هو تحديث، وبالتالي فإن الحداثة شريكة في هذا المنجز، لكن حين نتعامل معها بحقبتها التاريخية المحددة فإن مقولة نهايتها قابلة للنقاش.
من قبل ترجم أستاذنا الراحل محمد سبيلا بحث «بودريار» عن «الحداثة» وهو من البحوث المهمة، وقد تطرّق فيه إلى أفكار كثيرة، منها أن الحداثة ليست مفهوماً سوسيولوجيا، ولا مفهوماً سياسياً، وليست بالتمام مفهوماً تاريخياً، بل هي نمط حضاري خاص يتعارض مع النمط التقليدي، أي مع كل الثقافات السابقة عليه أو التقليدية. فمقابل التنوع الجغرافي والرمزي لهذه الأخيرة تفرض الحداثة نفسها على أنها شيء واحد متجانس، يشع عالمياً انطلاقاً من الغرب.، ومع ذلك فهي تظل مدلولاً ملتبساً يشير إلى تطور تاريخي وإلى تغير في الذهنية.
ويعتبرها معطى متشابكاً تتلاحم فيه الأسطورة بالواقع، واقع يتميز في كل المجالات، دولة عصرية، تقنية عصرية، موسيقى ورسم وعادات وأفكار عصرية، على هيئة مقولة عامة وضرورة ثقافية. ومن حيث إنها نشأت عن بعض التحولات العميقة في التنظيم الاقتصادي والاجتماعي، فهي تتحقق على مستوى العادات وطرائق العيش، وأنماط الحياة اليومية، وقد تبلغ أحياناً صورة كاريكاتورية في النزعة التحديثية (Modernisme)، وبما أنها متحولة في أشكالها ومضامينها، في الزمن والمكان، فهي ليست ثابتة ولا تقبل الإحالة عليها إلا من حيث هي منظومة من القيم، وأسطورة.
وآية ذلك كما يعبّر بودريار أن تاريخ لفظ حديث أقدم من تاريخ مصطلح «الحداثة». ففي كل سياق ثقافي يتعاقب كل من القديم والحديث تعاقباً ذا دلالة. لكن مع ذلك لا توجد الحداثة، في كل مكان باعتبارها بنية تاريخية وجدالية تعبر عن التغير والأزمة. وهذه الأخيرة لا يمكن مشاهدتها إلا في أوروبا ابتداء من القرن السادس عشر، ولا تأخذ معناها الكامل إلا ابتداء من القرن التاسع عشر.
الخلاصة أن الحداثة لها جانب معقّد ذو اشتباك تاريخي لها بداية ونهاية، ولها جانب بسيط مما يعني استمراريتها، بدليل أن كل المشاريع التنموية العالمية، والأفكار الكبرى على مستويات تطوير نظريات الأدب والسياسة والدولة ذات بعد حداثي بمعنىً أو بآخر، إن الحداثة قد تكون ماتت على مستوى تاريخها المرتبط بأحداث سياسية ودينية، ولكنها بالمفهوم الفلسفي فعّالة وتؤتي أكلها إلى اليوم.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحداثة بمعناها البسيط الحداثة بمعناها البسيط



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab