بقلم : فهد سليمان الشقيران
منذ ضربة باكستان لـ«طالبان» على الحدود والتقديرات ترجح أن تنتفض شبكة الإرهاب في ذلك الإقليم. باكستان تريد تأديب «طالبان» لأنها لم تغلق الحدود أمام جبهة «طالبان باكستان» لتنفيذ أعمال إرهابية انطلاقاً من الأراضي الأفغانية. وتحدثتُ في حوارٍ بعدها بأن لاننسى أن الإقليم لايضم فقط تنظيم «طالبان أفغانستان» و«طالبان باكستان» و«القاعدة»، بل يجب أن لاننسى تنظيم «داعش في خراسان»، بعد هذا الحوار بثلاثة أيام شهدت موسكو ليلة رعب هي الأعنف منذ ارتدادات حرب الشيشان الأولى بين 1994 و1996 وتلاها أعمال عنف وحشية على خلفية التدخل الروسي في سوريا، لكن هذه الضربة الإرهابية لروسيا مثل 11 سبتمبر لأميركا، هزّت المؤسسات والمجتمع وأشعلت الحديث عن الاختراقات والتواطؤ الدولي.
يأتي هذا الهجوم الإرهابي المروع في إقليمٍ يشهد العديد من التشظّيات، تقارب بين كل من الصين والهند وروسيا مع «طالبان»، وحرب روسية ضد أوكرانيا، وضربات باكستانية ضد أفغانستان، إقليم على صفيحٍ ساخن بامتياز.
ويبدو أن روسيا هدفها الرئيس من التقارب مع «طالبان» يكمن في منع انتقال أعمال العنف لآسيا الوسطى، وهذا الهجوم له دلالته الخطيرة بأن التنظيمات الإرهابية قادرة على الإيجاع وتنفيذ العمليات. منذ أوائل هذا العام والمؤشرات الاستخبارية التي التقطتها الاستخبارات الأميركية ترجح صعود تهديد تنظيم داعش خراسان، بل إن جنرالاً أميركياً صرّح للإعلام بأن التنظيم سيضرب خلال ستة أشهر مصالح أميركية في الإقليم، المعطيات الأميركية تأتي بناءً على رصد دقيق بحكم امتلاكها قوة معلوماتية أمنية هائلة، وبحكم هيمنتها على كل وسائل الاتصال ومنافذ التواصل التي يستخدمها العالم، ودائماً تكون تحذيراتها مهمة للدول والحكومات.
فور إعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الحادث، تصدّعت النظريات وتفرّعت عن عددٍ من التقديرات، منها من يعتبر أن ثمة تواطؤاً دولياً لتسهيل العملية من دون الظهور فيها، وذلك للضغط على روسيا في الملف الأوكراني، وبعضهم الآخر يعتبرها عملية داعشية محضة، وإن كانت استفادت من بعض القوات والفصائل غير الرسمية التي تدافع عن كييف فإن هذا لايعني ضلوع أوكرانيا في هذا الهجوم.
أياً كانت التحليلات، يهمني كباحث في الحركات الإرهابية أن أرصد لا الارتداد السياسي فحسب، وإنما أراقب مدى حيوية التنظيم. صحيح أن تنظيم داعش في 2024 غيره في 2014 ولكن لاننسى أنه ينفذ سنوياً مئات العمليات الصغيرة وبعضها متوسط والقليل منها كبير وضخم كما في حادث موسكو الأليم.
الخلاصة، لابد من التحذير من أحاديث «نهايات» التنظيم الإرهابي، وثمة فرق يعرفه أهل الأمن أكثر مني بين كسر شوكة هذا الفصيل، أو الحد من قدراته، وبين نهاية التنظيم كلياً، الحديث عن النهاية الكاملة فيه ضعف في الوعي، وجهل بتفاصيل تكتيكات التنظيمات الإرهابية المارقة.