خصومات فلسفية حيويّة

خصومات فلسفية حيويّة

خصومات فلسفية حيويّة

 العرب اليوم -

خصومات فلسفية حيويّة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لطالما تذبذبت علاقات الفلاسفة بين بعضهم البعض، فهم بشرٌ لديهم نزعاتهم التنافسية. القصة الكبرى كانت في صراع كل من شبنهور وهيغل. في عصرنا نشب صراع طويل بين هابرماس وجاك دريدا حتى تصالحا في أوائل الألفية، حين جمعتهما الصحافية جيوفانا بورادوري بكتابها: «الفلسفة في زمن الإرهاب». لكن العداوة الأكثر حيويّةً على المستوى الفلسفي كانت بين جيل دلوز وآلان باديو، ولكنه صراع علمي أكثر منه شخصي. وآية ذلك أن ثمرة كل ذلك السجال سبب فتوحاتٍ بل وتحدياتٍ معرفية.
لم يكن آلان باديو على وفاقٍ مع جيل دلوز، والسبب ألخصّه من روايته. لقد شهدت فترة الستينات انتشار «المراهقة السارترية» ولاكان والمنطق الرياضي.
جيل دولوزهو فيلسوف فرنسي كتب في الفلسفة والأدب والأفلام والفنون الجميلة من أوائل الخمسينيات، حتى وفاته في عام 1995 انشغل بأفلاطون، وهيوم، ونيتشه، وبرغسون. بينما ألان باديو ‏ هو فيلسوف فرنسي لديه مراجعه المتمثلة في أفلاطون، وهيغل، وهوسرل. بالنسبة لباديو فإن دلوز كان ذوقه أميل إلى حساب التفاضل، إلى فضاءات ريمانن، كان ينهل منها الاستعارات، ودلوز الملهم الفلسفي لظاهرة «الفوضويين» هو العدو اللدود، ثم يفصح عن تأسيسه لعصابة هجوم على درسه الأشهر في المنابر الجامعية آنذاك. قصّة خلاف منهجي طويلة، انتهت أوائل التسعينات من القرن العشرين، حين تواصل باديو مع دلوز، وذلك بعد وفاة زميله غيتاري، طالباً منه البدء بتراسلٍ مستمر.
ثم بدأ باديو بتدوين كتابٍ حول فلسفة دلوز، التي عاد إليها بعد مقاومة لها امتدّت لثلاثة عقود، لقد جاء إليه متأخراً، إذ داهمته حينها حالة مَرضية، ومزاجه ليس على ما يرام، وبعد عددٍ من الرسائل بينهما مزّق الورق كله وبشكلٍ فظ، وأرسل بغضب: «لا أريد نشر هذه الأوراق».. عاد باديو إلى مقرّه ليدوّن كتابه «دلوز صخب الكينونة»، وضمّن مقدمة الكتاب هذه القصة المختصرة.
لقد جاء الكتاب كما يروي باديو «نتيجة صداقة صراعيّة بقيت، بمعنى معين، من قبيل الممتنع أن يحدث».
والكتاب يشبه دلوز أكثر من باديو، متجاوزاً المنهج التسلسلي، كل فصلٍ منه هو قصيدة أو لوحة أو رسمة لمفهوم يتخيّله، يتناول بشاعرية فلسفية «مفهوم الواحد، تواطؤ الكينونة، الجدلية المضادة، مسار الحدس، في أساسٍ يعاود تفكّره، العَود الأبديّ والاتفاق، الخارج والطيّة، ومفهوم الطيّة»، المفهوم الذي سبّب عودة باديو لفلسفة دلوز.
بالنسبة لباديو فإن:«دلوز هو ابن القرن على الإطلاق. التفكير فرقٌ وتعرّفٌ إلى الفروق. الأنطولوجيا تتطابق مع تواطؤ الكينونة. الأثر الذي لا يقوم على تراتبية هو تكثّف تكيانات، وتآينُ أحداث. منهج دلوز يرفض الاستناد إلى التوسيطات، منهج مضاد للجدلية».
الخلاصة، أن صراعات الفلاسفة معظمها حيويّ ومثمر، وبالتالي ننعم بنتائج علمية متميزة. والفكرة الأساسية أننا لولا الخصومات العلمية والفلسفية التي تحدث في عوالم الأكاديميات والمختبرات لما تطوّرت المعرفة، فكل ذلك الجدل يغذّي التحدي. إن النبرات المتصاعدة بين الفلاسفة في مذكراتهم هي جزء أساسي من الفلسفة حتى وإن تمكّنت من بعضهم النزعات الحادة، أو التهم والأقوال الجارحة.

 

arabstoday

GMT 07:41 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

ترمب صار خصماً للكثير من العواصم وليس عدواً

GMT 07:37 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

دولة فلسطينية مستقلة حجر الزاوية للسلام

GMT 06:54 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

دراما ما بعد «البراميل»!

GMT 06:45 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

الناقة لها.. والجمل أيضًا

GMT 06:38 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

«مهما كان هي ست»!

GMT 06:34 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

ترامب وهارفارد

GMT 06:32 2025 الخميس ,17 إبريل / نيسان

«صلاح دياب».. عاشَ ليحكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خصومات فلسفية حيويّة خصومات فلسفية حيويّة



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:48 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

غارات أميركية هي الأعنف تطال مواقع حوثية في اليمن

GMT 01:55 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

زلزال يضرب أفغانستان بقوة 6.4 درجة

GMT 01:49 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

سلسلة غارات إسرائيلية جنوب لبنان

GMT 12:40 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

أمير كرارة يخوض تجربة فنية جديدة

GMT 12:39 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

هند صبري تخطو خطوة جديدة في مشوارها الفني

GMT 12:05 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

إصابة 24 شرطيا في اشتباكات عقب ديربي روما

GMT 12:37 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

ياسمين عبد العزيز تحيّر جمهورها حول عملها المقبل

GMT 11:59 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

جيش الاحتلال يعلن اغتيال قائد خلية في حماس

GMT 12:58 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

معقول كله من المَطاعيم؟!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab