مسألة التقنية وخطر تقزيم الذاكرة

مسألة التقنية وخطر تقزيم الذاكرة

مسألة التقنية وخطر تقزيم الذاكرة

 العرب اليوم -

مسألة التقنية وخطر تقزيم الذاكرة

بقلم - فهد سليمان الشقيران

من الواضح أن التقنية سهّلت حصول الكثيرين على معلومات من دون أي اعتبار للحفر في المتون وبطون الكتب.
لقد ركَن البعض إلى التقنية باعتبارها مصدراً موثوقاً بالأبحاث الأكاديمية والشؤون العلمية. باستثناء مؤسسات مهمة لا تزال حذرة، إذ ظلّت الإنترنت موئلاً طيعاً للبعض من دون لجمٍ أكاديمي ضد هذه الفعلة، إذ المراجع والمتون، وإدمان المطالعة هي أساس النص البحثي والمعرفي.
ويمكن الاستعانة في هذا المجال بسياسي ودبلوماسي مخضرم، بل ومطلع فلسفي نادر، ومنقب بتراث الشعوب، وصائب بنبوءات مستقبلية كثيرة، إنه هنري كيسنجر، بكتابه الموسوعي «النظام العالمي»، الذي فصّل الحديث عن جدلية المعرفة والشبكات والتطبيقات، بفصل صغير في آخر الكتاب.
حكمة الخبير كيسنجر، لا تنحصر بالدبلوماسية وأدواتها، ومعاركها، وإنما بانت آثارها بالكتاب، إنها حكمة عُمر، رسمت السطور كل تجاعيد السنين، وومضاته لتعبر بالقارئ بين القرون.
من عميق قوله إن «التعلم من الكتب يكافئ التفكير المفهومي، وقابلية التعرف على المعطيات والأحداث المتشابهة وإضفاء الأنماط على المستقبل. يقحم الأسلوب القارئ في علاقة مع المؤلف، أو مع الموضوع، عن طريق إذابة الجوهر والجمال في البوتقة».
هذه صيغة لا تمنحها الحالة التقنية التي يستخدمها البعض، ومهمة علمية وتربوية أن نتجاوز النمط المدمن على التقنية، لتوثيق صلة المتعلم، أياً كان بالكتاب.
ثم يقارن بين الحوار الشخصي والحوار التقني، وأحسبه تأويلاً يتحدث عن تطبيق «الواتساب» صياغة قد تنجي الكثير من الناس من وضر الاحتكام إلى الحروف المصفوفة، فيقول: «تقليدياً، تمثلت طريقة أخرى من طرق حيازة المعرفة بالمحادثات الشخصية. فمناقشة الأفكار وتبادلها ظلت عبر آلاف السنين توفر بعداً حقيقياً وسيكولوجياً، إضافة إلى المحتوى الفعلي للمعلومة المتبادلة. تضيف هذه المناقشة تجريدات اليقين والشخصية. والآن تحاول ثقافة التنصيص إنتاج عزوف عجيب عن التفاعل وجهاً لوجه، ولا سيما على أساس شخص لشخص».
إن النقاش الشخصي يكون أكثر ثراءً على مستويات المعرفة، وتلقي النظريات الحديثة، وتداول التفاسير الجديدة بين بعضهم البعض بمحاضرة أو ندوة منها بدردشات التطبيقات الاجتماعية.
كيسنجر يعتبر أن التقنية تميل إلى تقزيم الذاكرة التاريخية، ووصف الظاهرة على النحو التالي: «الناس ينسون أموراً يظنون أنها ستكون متوفرة خارجياً ويتذكرون أموراً يظنون أنها لن تكون متوفرة».
الخلاصة، أن الخطر الأكبر يكمن في استعمال تلك الوسائط لتغذية أمراض، أو استنبات نعرات جديدة مما يعزز فرص الاقتتال المعنوي، وإشعال الحرب الأهلية الرمزية، وإيقاظ الهويّات الاستئصالية، وقد تستغل الحكومات والتنظيمات الإرهابية نفوذ أولئك لتبييض مشاريعها، وتجذير الحالة الميليشياوية.

 

arabstoday

GMT 07:00 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

قد يمكن القول

GMT 06:54 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

هل الأهلى حقًا فريق محظوظ؟!

GMT 06:41 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

مفتاح عرفات… ليس بيد عبّاس؟

GMT 06:37 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

وضوح لبنانيّ… ووضوح غير مكتمل في غزّة

GMT 06:34 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

مطلوب في يوم المرأة أكثر من بيانات باهتة!

GMT 06:30 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

أَخَلِيفَةٌ وَقَمِيْصُهُ مَرْقُوْعٌ؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسألة التقنية وخطر تقزيم الذاكرة مسألة التقنية وخطر تقزيم الذاكرة



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:11 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

دس الأنف فى سوريا

GMT 06:37 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

وضوح لبنانيّ… ووضوح غير مكتمل في غزّة

GMT 12:22 2025 الجمعة ,07 آذار/ مارس

عبير الكتب: عبد العزيز وأمان الله

GMT 02:49 2025 الخميس ,06 آذار/ مارس

السجائر تجعل مضادات الحيوية عديمة الفائدة

GMT 12:28 2025 الجمعة ,07 آذار/ مارس

ما خطة ترمب لكندا وغرينلاند؟

GMT 08:13 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

حمادة هلال يوّجه رسالة غامضة لمتابعيه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab