بقلم : فهد سليمان الشقيران
لم يكن خبر القبض على الخليّة السرية في الإمارات صادماً لمن خبر هذا المجال، ولمن درس سلوك الجماعات الإرهابية، فهي تجيد المكر، ولها طرقها في الكر والفر. الجماعات الأصولية مثل أي عصابة إجرامية تجيد العمل في الكهوف وتحت الأرض، إنهم طيور الظلام.
لو رجعنا إلى وثائقي «دهاليز الظلام» الذي بثّ على قناة أبوظبي قبل ست سنوات واستمعنا إلى التسجيلات المبثوثة في الفيلم لوجدنا أنهم يشتركون في مجموع التسجيلات على الحنق من الحكومات بل والحقد والتأليب عليها ومحاولة صناعة جوّ من السخط عليها في المجتمع.
ولا عجب فزعيمهم سيد قطب كتب مقال «مدارس للسخط» نشر في مجلة الرسالة المصرية في عددها 691 وبتاريخ 30/ 9/ 1946م. يستفتح سيد قطب مقالته-كما يستعرضها عبدالله بجاد في مقالةٍ له- بقوله: «قال لي صاحبي: أما تفتأ هكذا ساخطا على جميع المظاهر والأوضاع؟ أرح أعصابك يا أخي، ودع الخلق للخالق، إنه لا فائدة، لا فائدة من كل هذه الصرخات!! قلت لصاحبي: أما أنا فسأظل ساخطاً، أعلن سخطي على كل شائه من المظاهر والأوضاع، ولن أدع الخلق للخالق... أنا لست يائساً ولا متشائماً، واعتقادي الكامل أن هذا الكون الوسيع لا يضيع صوتاً واحداً ينطلق فيه بدعوة الحق، ولا بد أن يردد صدى هذا الصوت في يوم من الأيام، طالت أو قصرت به الأعوام... السخط على الأوضاع والمظاهر الشائهة التي تسيطر على حياة هذا الجيل في كل اتجاه، فالسخط هو دليل الحيوية الكامنة، والرضا بهذه الحال المائلة هو نوع من اليأس والتشاؤم يقتل الأمم أو يؤدي بها إلى الاضمحلال».
فيلم «دهاليز الظلام» الوثائقي مليء بالمعلومات الموثّقة، بل إن ذوي المحكومين صدموا حين استمعوا إلى التسجيلات لأول مرة، بل وحتى الحضور من القانونيين شعروا بالصدمة، كيف يمكن لمواطنٍ أن يخطط لتفجيرٍ أو انقلابٍ أو تشويش أو عمل إرهابي ضد أهله وناسه وبلده؟!
صدمة الأهالي سببها الأساسي هو غموض الإرهابيين، البعض يظنّ أن الإرهابي لابد أن يلبس عمامة أيمن الظواهري، وأن يحمل قنابل الزرقاوي، أو أن يتزيّا بهندام أسامة بن لادن، هذا شكل من الإرهاب له زمنه، الآن لا تتعجب من إرهابي يلبس الزيّ الغربي، ويحفّ اللحية، وربما استمع إلى الموسيقى، وارتاد أماكن اللهو كما فعل الإرهابيون في نيس وباريس ولندن، كانوا منغمسين مع المجتمع، بل إن أحد المنفّذين لعملٍ إرهابي في فرنسا كان يعمل في حانة تقدم الخمور والخنزير المقدد.
النجاح الإماراتي الأمني مدهش ومبهر، وهذا سببه الأول الوعي المؤسسي الرسمي، واليقظة المجتمعية، والجدّية في ملاحقة هذه الفلول.