سوريا الرقم الرئيسي في المعادلة العربية

سوريا... الرقم الرئيسي في المعادلة العربية!

سوريا... الرقم الرئيسي في المعادلة العربية!

 العرب اليوم -

سوريا الرقم الرئيسي في المعادلة العربية

بقلم - صالح القلاب

خلافاً لكل ما قالته وروّجته الولايات المتحدة وغيرها بالنسبة لزيارة الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة إلى دولة الإمارات، التي وصفت بأنها خاطفة، والتي لم ينبس أثناءها علناً ولو بكلمة واحدة، فإنه عندما يقال ويتردّد أنّ البحث قد تناول وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية من سوريا ودعم شعبها الشقيق سياسياً وإنسانياً فإنّ هذا يعني أنّ ما جاء به رئيس سوريا هو الاستنجاد بالعرب لاستعادة وحدة الأراضي السورية التي باتت غائبة غياباً تاماً والتي تحتاج استعادتها إلى جهود «مضنية» وإلى دعم عربي فعليّ إن لم يكن من الأمة العربية فمن بعض دولها على الأقل!!
لقد جاء الإيرانيون إلى سوريا، كما جاءوا إلى العراق، كغزاةٍ مارقين وأنهم بقوا يراقبون المشهد السوري من دون أن يأخذوا بعين الاعتبار أنّ إسرائيل قد احتلت هضبة الجولان السورية ومن شواطئ بحيرة طبريا في الغرب وحتى أطراف عاصمة الأمويين في الشرق، وهذا يعني أنّ أرتال قوات دولة الولي الفقيه قد اخترقت هذا البلد العربي من الشرق إلى الغرب وتوقفت بعد تجاوز دمشق لتترك الإسرائيليين الغزاة يلحقون هذا الجزء العزيز من العالم العربي بهم وبدون أن تصدر عن الذين يرفعون شعار: «أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة» حتى ولو كلمة اعتراض واحدة.
ربما أنّ هناك من يرى أنّ هذا غير مهمٍ رغم أهميته ليس للشعب السوري الشقيق، حقاً وفعلاً، وإنما للأمة العربية كلها، إنْ في أفريقيا وإنْ في آسيا، والحقيقة أنه عندما تصل الأمور إلى أن يكون هناك كل هذا الصمت إنْ ليس لدى العرب كلهم، الذين من بينهم طيبون كثر، فمن بعضهم على الأقل، فإنّ هذا يعني أنه من حق الرئيس السوري بشار الأسد، رغم تجاوزاته وأخطائه الكثيرة أن يبحث عن الاستنجاد في الخليج العربي وألا يصرح وهو يقف مكتوف اليدين حتى ولو بكلمة واحدة تحاشياً لأن تثار ضدّه «الثعابين» المتربصة بالأمة العربية.
ويقيناً أنّ بشار الأسد عندما ذهب إلى الخليج العربي، فارعاً دارعاً، كما يقال، فإنه لم يكن يريد لا خيلاً ولا مالاً وأنه أراد أن يؤكد لأشقائه الأقربين والمقربين منهم، الذين اعتادوا على التعاطي مع حتى القضايا العربية الخطيرة بالصمت الفعال، بأن سوريا «الأموية» التي كانوا يعرفونها لم تعد موجودة، وأنها باتت مشرذمة وممزقة... وأنّ «قاسيون» الذي واصل إطلالته على «الفيحاء» منذ بداية التاريخ وحتى الآن قد بات يخجل من نفسه وهو يرى أنّ العدو الصهيوني يبادر إلى ابتلاع هضبة الجولان من ضواحي دمشق وحتى شواطئ بحيرة طبريا التي كانت قد شهدت كل مراحل العبور العربي إلى فلسطين.
وهكذا فإن بشار الأسد عندما يقف صامتاً ومكتوف اليدين لدى أشقائه الأقربين الذين يعيشون همومه وهموم سوريا وهموم الأمة العربية كلها بالفعل، فإنه أراد أن يقول بالصمت ما لا يقال بالصوت المرتفع، وإنه أراد أن يبلغ الأمة العربية بأن هذه الدولة الأموية التاريخية بات يهددها التشظّي والزوال، وهنا فإنه غير صحيح وعلى الإطلاق أنه قد ذهب إلى الخليج كمبعوثٍ إيرانيٍ ومع العلم أن الإيرانيين لا يريدون أن يكون أي عربي مبعوثاً لهم وأن وجودهم في هذه المنطقة «كأشقاء» بقي مستمراً ومتواصلاً على مدى حقب التاريخ... وهذه حقائق بقيت معروفة وهي من الواضح أنها ستستمر طالما أن الخليج العربي باقٍ وإن بقاءه لن يزول بإذن الله وبعزيمة أبنائه وأهله.

وهنا ومرة ثانية وثالثة وألفاً أنّ الإيرانيين قد جاءوا إلى العراق وسوريا للسلب والنهب ووفقاً لما بssقي يفعله الغزاة «والنهّابون» على مدى حقب التاريخ، وأن هذا إن لم يقله حتى بشار الأسد علناً فإنه وبالتأكيد قد قاله في الغرف المغلقة... وإلّا ما معنى أن يقف رئيس هذه «الدولة» التي وعلى أي حال من المفترض أنها ترث تاريخ الأمويين «مكتوفاً» ولا يصرح حتى بكلمة واحدة وكأنه يقول لذاته ويهمس إليها بذلك البيت من الشعر العربي الجميل:
السيف أصدق أنباءً من الكتب
في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعب
والمهم أنّ بشار الأسد لم يأتِ إلى الخليج العربي... إلى الإمارات العربية تحديداً لا كموفدٍ إيراني... ولا كعابر سبيلٍ لا بل إنه قد جاء إلى هذا البلد العربي الطيب ليبلغ العرب كلهم أنّ سوريا لم تعد هي سوريا التي تعرفونها وأنها باتت دولةً «مهشَّمةً» وممزّقة... وأيضاً وجائعةً، وأنّ أكثر من سبعة ملايين من أهلها قد غادروها لينتشروا في دنيا الله التي لم تعد واسعة كما كانت، وأنها قبل الأكل والشرب والدواء بحاجةٍ إلى استعادة ماضيها... أي إلى وحدتها وتماسكها وهذا يجب أنْ لا يكون مستغرباً من رجلٍ لا تزال يداه ملطختين بدماء السوريين... وحكم والده حافظ الأسد لنحو نصف قرن بالحديد والنار... وباغتيال قادة سوريا «العظام» في «الزنازين» المعروفة وغير المعروفة.
إنّ هذا البلد العربي التاريخي العظيم قد بات ممزقاً وجائعاً ويخضع لاحتلالات كثيرة ربما أسوأها الاحتلال الإيراني بعد الاحتلال الإسرائيلي على سوئه ولذلك فإن الأهم لا بل إنّ الأكثر أهمية أن يستعيد وحدته وأن يستعيد أهله وأن يبدأ بدايةً جديدة... وحقيقةً أنّ هذا الواقع المؤلم كانت مرّت به العديد من الدول العربية وهذا إن ليس كلها... والمعروف أنّ الجزائر، جزائر النضال والشهداء، قد بقيت مصادرةً ومحتلةً من المحتلين الفرنسيين لأكثر من مائة واثنين وثلاثين عاماً... وها هي قد نهضت نهوضاً عظيماً وباتت في طليعة ليس دول العالم الثالث وإنما في طليعة ما يسمى العالم الأول الذي قد تراجعت بعض دوله وأصبحت تركض خلف حركة التاريخ.
وعليه هنا فإننا عندما نعود إلى سوريا التي أصابها ما أصاب عدداً من الدول العربية فإننا نجد أن ما تحتاجه في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة هو أن تستعيد وحدتها قبل كل شيء وأن تستردَّ تماسكها وحقيقةً أنّ هذا الأمر يحتاج إلى جهودٍ مضنيةٍ بالفعل... أولاً من قبل من بقوا في وطنهم من السوريين وثانياً من قبل الدول العربية المعنية القريبة والبعيدة، والمؤكد هنا أنّ هذه المسألة ليست سهلةً على الإطلاق لا بل إنها في غاية الصعوبة وهي تحتاج إلى فترة طويلة... وإلى إسناد عربي جدي وبخاصة من قبل الدول العربية... ومن قبل دول الخليج العربي التي بقيت تشكل «سنداً» حقيقياً وفعلياً للأمة العربية منذ بدايات النهوض العربي وحتى الآن.
إنه يجب أن يتركز الجهد على سوريا، التي لم يكن متوقعاً أن تصبح على ما أصبحت عليه، فهي تحتاج في هذه المرحلة الخطيرة إلى انتشالها من كل هذا التمزق وإلى استعادة وحدتها طالما أنها قد باتت مهشّمة وممزّقة على هذا النحو وطالما أنّ بعض الدول غير العربية القريبة والمجاورة وأيضاً البعيدة تريد عودتها إلى ما كانت عليه سابقاً عندما كانت مجرد رقمٍ في معادلة الدول الغربية المتنافسة والمتصارعة على هذه المنطقة.
ثم فإنّ الواضح لا بل والمؤكد أنّ هذه المسألة في غاية الصعوبة وأنّ الأمر يحتاج إلى جهود مضنية بالفعل لكن ومع ذلك فإنّ استعادة سوريا أولاً لشعبها وأهلها وثانياً لأمتها.. يعني شيئاً في غاية الأهمية ويعني أنّ هذا الرقم المهم جداً والأساسي سوف يعيد التوازن التاريخي إلى المعادلة العربية... التي من المعروف أنها بقيت ناقصة بدون هذا البلد العربي الرئيسي والأساسي... وحتى عندما كان هناك الاحتلال الفرنسي... وقبل ذلك عندما كانت الإمبراطورية العثمانية!!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا الرقم الرئيسي في المعادلة العربية سوريا الرقم الرئيسي في المعادلة العربية



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026
 العرب اليوم - ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها
 العرب اليوم - حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 10:43 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية
 العرب اليوم - ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
 العرب اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي

GMT 00:00 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 07:57 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نتائج "مايكروسوفت" و"ميتا" تهبط بأسهم "ناسداك" 2.8%
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab