متفائلون بالاتفاق الجديد

متفائلون بالاتفاق الجديد

متفائلون بالاتفاق الجديد

 العرب اليوم -

متفائلون بالاتفاق الجديد

بقلم:صالح القلاب

وفقاً لكل هذه المستجدات، وتوقيع الاتفاق السعودي - الإيراني الجديد، الذي لم يكن متوقعاً في حقيقة الأمر، فإنّه من الممكن أن يقال إن هذا في أحسن الأحوال هو: «استراحة محارب»؛ فإخواننا الإيرانيون وفقاً للتجارب المُرّة الجديدة والقديمة في الكثير من الأحيان يقولون ولا ينفّذون... وأسأل العلي القدير أنْ أكون مخطئاً فيما ذهبت إليه، وهذا مع أنني كنت أحد الأوائل الذين وصلوا إلى طهران، بعدما تم اقتلاع الشاه رضا بهلوي من «شروشه».

لكن كل هذا الترقب الذي غمرني هو على أساس التجارب المريرة، وحقيقةً إن تجارب هذه المنطقة معظمها مريرة، وإلّا لماذا كلُّ هذا الذي حصل؟ حيث إن ما «مرْمر» عيشنا هو أننا ما إن نفرح بعناق بعض كبار قومنا وليس كلهم بالطبع، وحتى ما إن تبزغ شمس اليوم الثاني، حتى تُستنفَر الإذاعات وتبدأ الرمايات الكلامية المتبادلة... وسلامة تسلّمكم!
إن المملكة العربية السعودية لم تألُ جهداً في حماية أرضها وخليجنا ووطننا العربي من كل التدخلات والاعتداءات، ومدّت يدها طويلاً للجار الإيراني للتوافق والحوار وحفظ استقرار المنطقة وعدم التدخل في شؤونها، لكنها ووجهت بغير ذلك، وإننا حقيقةً لَنأمل اليوم أن تواجَه هذه الإيجابية السعودية بإيجابية إيرانية حقيقية، وأن تنعكس على الأرض... وألا يخيب ظننا ربما بوصفنا متشائمين نتيجة تجارب سابقة.
وبالطبع، فإنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن واقع اليوم هو غير واقع الأمس، وأنه لم يعد هناك لا منحازون إلى الشرق ولا منحازون إلى الاتحاد السوفياتي الذي قد ولّى من دون رجعة، ولا للولايات المتحدة التي باتت مجرد عنوان «قديم»... والبعض يقول إنها لم تعد «تهشُّ ولا تنشُّ»... وأنّ الأفعال والأقوال قد اتجهت شرقاً حيث الصين الشعبية... صين ماو تسي تونغ ورفاقه.
إنّ هذا الكلام من الممكن أنه لا يعجب باقي ما تبقى من رفاق الاتحاد السوفياتي وبعض ملحقاتهم في وطننا العربي والعالم الثالث... والألف... ولكن الحقيقة هي الحقيقة، والحقيقة أن الأحزاب التي ظهرت في لحظة تاريخية عابرة قد تبخرّت ولم يبق منها إلّا ما يشبه الوشم في ظاهر اليد!
إنها مرحلة تاريخية كانت، في الحقيقة والفعل، مجرد غيمة صيفٍ عابرة وهي لم تترك خلفها سوى بعض الطيبين الذين كانوا يظنون أن عودة ماركس ولينين باتت مؤكدة، وأنه على خريجي جامعات الدول الشيوعية والاشتراكية أن يهيئوا أنفسهم لمرحلة تاريخية قد تمتد لسنوات طويلة... وفي أربع رياح الكرة الأرضية.
وعليه، فماذا يا تُرى يُقال الآن؟ فرفاق اليمن الجنوبي الذين كانوا من أطيب وأفضل «اليساريين» قد ذهبوا وللأسف ولم يتركوا وراءهم شيئاً... أما «الرفاق الشيوعيون» فحدِّث ولا حرج، وهنا وحتى لا يغضب هؤلاء فإنّ الأحزاب القومية وفي مقدمتها «حزب البعث» قد انتهت نهايات مأساوية، بعدما أصابها داء التشظّي... ومَن يريد أن يراجع هذه الأمور عليه أن يعود إلى بعض الملفات السورية والعراقية... وملفات اليمن الجنوبي... واليمن الشمالي إنْ أردتم!
والمعروف أنّ ما أصاب بعض الدول العربية، والذنب ليس ذنبها، قد أصاب دولاً كثيرة في العالم الثالث، وأنّ قادة هذه الأحزاب الشيوعية واليسارية كانوا لا يقيمون في بلدانهم وحيث إنهم يزورونها مجرد زيارات عابرة، فالإقامات الدائمة كانت في الدول الشيوعية والاشتراكية إن أردتم، وهنا أرجو أن تعذروني ألا أذكر اسمها.
إنّ أحزاب اليوم غير أحزاب الأمس، والعالم كله قد تغيّر، ومعطيات اليوم غير معطيات الأمس، والحزبية الجديدة غير الحزبية القديمة، ولو نهض ماركس من قبره فإنه لن يجد من يرحب به ويؤدي له التحية الماركسية – اللينينية!
وهكذا، وبالفعل أصبح هناك عالم جديد غير العالم السابق، وأجيال اليوم غير أجيال الأمس، والمعطيات الحالية غير المعطيات السابقة، فالكون كله قد تغير، ولذلك فإنه لا بد من مرافقة هذا الكون بتغيره، وإلّا فإنّ حركة التاريخ ستتوقف، وحقيقةً إن حركة التاريخ لا يمكن أن تتوقف... وذلك لأنها لو توقفت لكنَّا الآن في عالم متخلفٍ غير هذا العالم الذي لا شكّ في أنه متماشٍ مع حركة التاريخ.
وعودٌ على بدء، فإن الصين الشعبية التي قادت المبادرة بين المملكة العربية السعودية وإيران للخروج بالاتفاق الأخير، قد باتت حقاً اليوم قطباً دولياً مهماً وفاعلاً، له دور يحترم... وها هو يحتل مكان الاتحاد السوفياتي البائد وأيضاً يتقدم على دور الولايات المتحدة التي تتخبط في سياساتها وتفقد توازنها.
إنه من المعروف، بل إنه من المؤكد، أن المملكة العربية السعودية قدمت ما لم يقدمه غيرها من أقطار لضمان الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الملتهبة من العالم، وحرصت طويلاً على دورها الطليعي في الدفاع عن الحقوق العربية والسيادة العربية في زمن اختلّت فيه الموازين... وهي بلا شك ستبقى على هذا الطريق الشاق، فهذا قدرها وما يتوافق مع حجمها ودورها ومبادئها.
إننا نرحب اليوم بالاتفاق الجديد بين السعودية وإيران، ومضطرون لأن نتفاءل وأن نرجو له النجاح، لكن على إيران اليوم أن تثبت التزامها بأمن الخليج العربي وأمن الدول العربية، وأن تترجم التزامات الاتفاق بكل إيجابية وروح تشاركية لتحقيق المصالح المشتركة للجميع... ونأمل من الله أن يهدي قادة إيران لذلك.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متفائلون بالاتفاق الجديد متفائلون بالاتفاق الجديد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 العرب اليوم - الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab