ماكرون في السعودية حلحلة قضايا المنطقة

ماكرون في السعودية: حلحلة قضايا المنطقة!

ماكرون في السعودية: حلحلة قضايا المنطقة!

 العرب اليوم -

ماكرون في السعودية حلحلة قضايا المنطقة

بقلم - زهير الحارثي

طبيعي أن تترقب الأوساط الإقليمية، بشكل عام، نتائج الجهود السعودية الفرنسية الرامية إلى حلحلة الكثير من القضايا المعلقة في المنطقة. صحيح أن العلاقات ما بين الرياض وباريس تعرضت إلى شيء من الجفاء والفتور في فترات سابقة، ولكن يبدو أن باريس أدركت واستشعرت ثقل وأهمية الدور السعودي في المنطقة الذي لا يمكن الاستغناء عنه، ما يدفعها للتقارب والتنسيق، وبالتالي تأتي هذه الزيارة وسط ظروف استثنائية، وتعقيدات إقليمية، على اعتبار أن ما تشكله الدولتان من ثقل وازن دولياً كفيل بدفع الكثير من القضايا نحو مسار الحل.
زيارة الرئيس الفرنسي للسعودية اليوم تأتي في سياق ما يدور في الساحة الدولية فضلاً عن تداعيات ما يحدث في المنطقة، ما يجعلها تكتسب أهمية خاصة في توقيتها وطبيعة الملفات المطروح نقاشها.
موقع البلدين الجيوسياسي سواء للرياض في مجلس التعاون الخليجي أو باريس في الاتحاد الأوروبي يعطي لكليهما زخماً كبيراً للتأثير في المواقف السياسية الدولية. مر التقارب السعودي الفرنسي تاريخياً بمراحل مفصلية بغض النظر عمن كان في الحكم اشتراكياً ديغولياً أو يمينياً، إلا أن أهمها كانت فترة اغتيال رفيق الحريري والانسحاب السوري من لبنان.
اللغة الفرنسية الراهنة تشي بتحول جاد ونضج سياسي للتعاون مع الشركاء الفاعلين والأصدقاء في الخليج، ومما يدلل على ذلك ترحيب قصر الإليزيه باللقاءات والحوارات التي جرت في الفترة الماضية بين مسؤولين خليجيين وإيرانيين، واصفاً خفض التوتر بأنه سيدفع باتجاه بناء شرق أوسط مستقر.
في تقديري أن الزيارة تعكس إيمان فرنسا بالبعد الاستراتيجي وما تلعبه الدبلوماسية السعودية من تأثير وحضور في هذا المضمار، بهدف حدوث انفراجات في الملفات المتأزمة التي تعاني من التصعيد والتأزيم. نتذكر أن الرئيس الفرنسي سبق أن دعا إيران إلى إدراج السعودية في النسخة الجديدة من خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، في محاولة منه لإعادة إحياء الاتفاق النووي بين إيران وأميركا والمجموعة الدولية. ماكرون أيضاً استبق زيارته هذه بمهاتفة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للمرة الثانية، طالباً منه الانخراط بشكل بناء في المحادثات النووية في فيينا، وأن تعود إيران إلى احترام جميع التزاماتها بشكل كامل بموجب الاتفاق النووي، إضافة إلى التزاماتها إزاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
الفرنسيون يقولون إن السعودية لاعب رئيسي في المنطقة وأضافوا أنه «لا يمكن تخيل سياسة فرنسية طموحة من دون الحوار مع المملكة». التصريحات الفرنسية أشارت إلى الرئيس ماكرون والذي يرافقه وفد كبير سيناقش «خلال محادثات مطولة ومعمقة مع ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، سبل تخفيض التوترات في المنطقة»، وكذلك الملف النووي الإيراني والأوضاع في اليمن والعراق ومكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والتجاري، كما يرون أن الزيارة «ستكون مناسبة لتعزيز الشراكة الفرنسية - السعودية حول موقع العلا، حيث الحضور الفرنسي فاعل هناك». الناطق باسم وزارة الدفاع الفرنسية، هو الآخر أكد على أن «باريس والرياض تتقاسمان النضال نفسه في مكافحة الإرهاب»، مؤكداً أن لدى بلاده «تعاوناً دفاعياً وثيقاً مع السعودية». ليس سراً أن باريس تعول على التعاون الخليجي في مكافحة الإرهاب خصوصاً مع الرياض وأبوظبي.
الجولة الخليجية لماكرون على السعودية، والإمارات وقطر ستتطرق بشكل خاص إلى الملفين الليبي واللبناني، كما ذكر الإليزيه، وإن كان الموقف السعودي في تقديري واضحاً ومعروفاً ولا يبدو أنه في اتجاه التغيير، على اعتبار أن الرياض ترى أنه لا توجد فائدة مرجوة أو مصلحة اليوم في التواصل مع الدولة اللبنانية وربما ما يعزز هذا الرأي تصريحات الرئيس اللبناني عون الأخيرة التي كرست مصادرة القرار السياسي في لبنان والإمعان في تعميق الأزمة اللبنانية، ناهيك عن فكرة التمديد والتزامه الصمت حينما سئل عن مصير وزير الإعلام، في حين أن ثمة تطابقاً بين البلدين. أما في الملف الليبي فهناك تطابق رؤية سعودية فرنسية وذلك بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر وانسحاب المرتزقة من هذا البلد.
من المهم أن يكون هناك تفاهم سعودي فرنسي ومن المعروف أن فرنسا ترى في دول الخليج منطقة هامة لأنها تؤثر في شرايين اقتصادها فضلا عن أهميتها كمنصة لتفعيل دبلوماسيتها من خلالها بما يخدم مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وترى في السعودية تحديدا بثقلها السياسي والاقتصادي وعمقها العربي والإسلامي نقطة انطلاقة رئيسية لعلاقاتها مع دول المنطقة. التنسيق السعودي الفرنسي إن أردنا الحقيقة، جاء ليسد فراغ الدور الأميركي الذي لم يعد مهتماً بمصير المنطقة وأحداثها ولا يعني ذلك أن يحل محله، غير أن تطابق الرؤية ما بين البلدين في ملفات عديدة، كتوحيد الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب والموقف من البرنامج النووي الإيراني والعراق والمخرج السياسي في سوريا، سيصب في تعزيز استقرار المنطقة بلا أدنى شك.
الرياض وباريس ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما بدليل المصالح المتعددة والمتشابكة في مجالات عديدة، والتي ساهمت في ترسيخ علاقة وثيقة ومن أهمها التقنية النووية السلمية بالإضافة إلى حجم تبادل تجاري كبير بين البلدين وملفات متنوعة.
التقارب السعودي الفرنسي ليس بالضرورة ضد أحد بقدر ما أنه يسعى لحلحلة قضايا المنطقة وخلق توازن في موازين القوى إقليمياً ودولياً، فضلاً عن أنَّ السعودية ليس لديها حساسية من اتجاهات البوصلة شرقاً كانت أم غرباً طالما أن هذه الوجهة تخدم مصالحها العليا.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكرون في السعودية حلحلة قضايا المنطقة ماكرون في السعودية حلحلة قضايا المنطقة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab