الاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم قبل الغد

الاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم قبل الغد

الاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم قبل الغد

 العرب اليوم -

الاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم قبل الغد

بقلم - ناصيف حتي

تزداد الحرب الإسرائيلية على غزة حدةً وكثافة، وقد بلغ عددُ الضحايا نحو 29 ألف شهيد ونحو 69 ألف جريح، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بعد أشهر أربعةٍ ونصف الشهر من الحرب المفتوحة في الزمان والمكان. التصعيد الأخير في رفح يندرج في العمل على تحقيق أحد الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية الأساسية وهو تهجير الفلسطينيين إلى خارج أراضي غزة؛ ما يسهل عملية السيطرة العسكرية والأمنية على القطاع، ومن ثم إضعاف المقاومة بغية إنهائها مع الوقت. يقول نتنياهو إنَّه سينتهي من هذه العملية في أبريل (نيسان) المقبل. ويبقى الهدف الإسرائيلي واضحاً في تحقيق أكبر قدر ممكن من «الترانسفير» أو الترحيل للشعب الفلسطيني. ويلاقي بالتالي ما تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية، ولو من دون الحرب المفتوحة والشاملة حتى الآن، للسيطرة الكلية على الضفة من خلال خلق الظروف الطاردة لأبنائها لتهويد الجغرافيا والديموغرافيا التي تعبر عنها السياسة الاستيطانية الناشطة وما يواكبها من أعمال قمعية وغيرها؛ فالضفة الغربية تحتل أهمية قومية أو دينية لا تقارَن بغزة في الآيديولوجيا المسيطرة بشكل متنامٍ في المجتمع وفي السياسة في إسرائيل في السنوات الأخيرة. والضفة الغربية اليوم تعيش على صفيح ساخن عشية انفجار أو انتفاضة جديدة لن يكون حصولها مستغرباً.

وتستمر السياسة الإسرائيلية منذ بداية الحرب على غزة (منذ أشهر أربعة ونصف الشهر عند كتابة هذه الكلمات) في التمسك بأهداف ورزنامة زمنية غير قابلة للتحقيق، أهداف ستؤدي إلى النكبة الثانية للشعب الفلسطيني فيما لو نجحت في مبتغاها ولم يجرِ إيقافها.

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأنَّ المؤسسة الإسرائيلية بأطرافها الفكرية والسياسية المهيمنة ترفض بشكل صريح وحاسم ومن دون مواربة حل الدولتين، الحل الذي عاد إلى الواجهة على المستوى الخطابي أو الكلامي عند مجمل القوى الغربية من دون أن تدعمه أي سياسات هي أكثر من ضرورية في هذا الخصوص لجعل تحقيقه ممكناً. نتنياهو وصحبه يتحدَّثون عن مفاوضات مستقبلاً، وبعد تحقيق أهدافهم في غزة وذلك من باب رفع العتب كما يقال، ولكن لتحقيق أهداف في اتجاه مناقض كلياً لهدف الدولتين. أهداف تنسف فكرة حل الدولتين، أهداف لا تتخطَّى منح سلطات محلية، ولو في مرحلة أولى برعاية وضمانات وأدوار مباشرة من قبل دول عربية وأجنبية، وذلك تحت سقف تعزيز السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على القطاع، مع التذكير والتلويح باحتمال العودة إلى بناء مستوطنات في غزة.

إنَّ تركَ الأمور على مسارها من قبل القوى الغربية المؤثرة، وفي طليعتها الولايات المتحدة، والبحث عن حلول ومقترحات مع قوى مختلفة تريد وقف الحرب القائمة لن يؤدي إلى الهدف المطلوب ما دام العنوانُ لتلك السياسة إقامةَ هُدنٍ إنسانية أو هدنة مطولة وليس فرض قبول إسرائيل بوقف إطلاق النار. إنَّها سياسة تبرر على الأقل بشكل غير مباشر استمرار السياسة الإسرائيلية الراهنة بأهدافها المعلنة، ولكن بوسائل يُفترض أن تكون أقل صدامية واستفزازاً من جهة، وأقل خطراً وتكلفة بشرية على أهل غزة من جهة أخرى، من دون المس بالأهداف الرئيسية للحرب من طرف إسرائيل، والتي يتكرَّر التذكير بها من طرف إسرائيل بشكل مستمر.

إنَّ المطلوب من قبل هذه القوى الدولية الفاعلة العمل على فرض وقف إطلاق النار على إسرائيل: الشرط الرئيسي لتكون هنالك مصداقية، وبالتالي فاعلية لإطلاق مسار الحل السياسي المطلوب، وبالأهداف التي تؤكد عليها هذه القوى الغربية مهما كانت الصعاب والعوائق كبيرة ومتنامية مع الوقت، ولكن ليس مستحيلاً تخطيها لتحقيق هذه الأهداف (حل الدولتين) في المستقبل.

يبدأ تحقيق ذلك أو إطلاق هذا المسار من خلال وقفِ إطلاق النار من دون أي شروط تفرغ هذا الهدف من مضمونه ليصبح مجردَ شعار. ويبدأ بعدها مباشرة إطلاق المسار التفاوضي من خلال الالتزام بحل الدولتين بوصفه هدفاً لهذا المسار، وذلك في إطار قرارات الأمم المتحدة، وبالأخص مجلس الأمن، ذات الصلة. ويبدأ ذلك من خلال الاعتراف مباشرة بالدولة الفلسطينية المطلوب إقامتها لتحقيق الحل الشامل، والتعامل معها على هذا الأساس. إنَّ ازدياد حجم الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المبتغى إقامتها يزيد من الضغط على القوى الدولية المترددة أو التي تريد ترحيل الموقف المطلوب بشكل مفتوح في الزمان، للاعتراف بأحد أهم أسس الحل المنشود.

إنَّه حلٌ دونه كثير من العوائق، خصوصاً على الصعيد الإسرائيلي، ولكنَّه الحل «الواقعي» الوحيد للتسوية الشاملة، وبالتالي الدائمة التي تعزز الاستقرار في المنطقة بوصفه أحد أهم روافد الاستقرار المطلوب، والذي هو مصلحة للجميع أياً كانت مواقف هذا الطرف أو ذاك (الإقليمي أو الدولي) في لحظة معينة.

مسار التسوية المطلوبة يبدأ بإطلاق مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية المنشودة لتكون هنالك مصداقية وقدرة لهذه الأطراف الدولية، وبالأخص الغربية الفاعلة والمؤثرة وأولها الولايات المتحدة والقوى الأوروبية التي ما زال أكثرها متردداً فيما هو مطلوب في هذا السياق. إنَّ تحديد الأهداف النهائية للمفاوضات قبل البدء بها والالتزام بمواكبة هذه المفاوضات على أساس القرارات الدولية ذات الصلة من قبل كل القوى الدولية المؤثرة، ضمن صيغة تحدد لذلك كما أشرنا، هو السبيل الوحيد لتسوية هذا النزاع التاريخي بتداعياته المختلفة بشكل مباشر وغير مباشر على الاستقرار في المنطقة؛ فالاستمرار بسياسة إدارة النزاع واحتواء تداعياته المحتملة يبقى بمثابة تأجيل الانفجار إلى حين، وليس اجتثاث مسبباته، ليعود مجدداً في أي لحظة عند توافر جملة من العوامل لذلك الانفجار. إنَّ الموقف الأخلاقي المبدئي والقانوني الدولي والسياسي الاستراتيجي الواقعي يستدعي إطلاق مسار التسوية الشاملة اليوم قبل الغد. وأما عن الصعوبات أمام ذلك المسار فلا تلغي ضرورة المضي به سبيلاً واقعياً وحيداً لتحقيق الأهداف المشار إليها في السلم والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم قبل الغد الاعتراف بالدولة الفلسطينية اليوم قبل الغد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية
 العرب اليوم - نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab