دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية

 العرب اليوم -

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية

بقلم :ناصيف حتّي*
بقلم :ناصيف حتّي*

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية، أو تحديداً ترويكا القمم (القمة السعودية – الصينية، والخليجية – الصينية، والعربية - الصينية) التي نظمتها واستضافتها الرياض في العشرية الأولى من هذا الشهر، شكّلت نقلة نوعية كبيرة في العلاقات بين الأطراف المعنية. كل من هذه القمم شكّل رافداً وداعماً ومعززاً للقمة التي تلته، مع التذكير بالتكامل الطبيعي بين هذه القمم الثلاث. وللتذكير أيضاً، صارت الصين الشعبية الشريك التجاري الأول للمملكة العربية السعودية في السنوات الخمس الأخيرة. وجاءت القمة الثنائية لتؤسس لشراكة تعاونية استراتيجية شاملة بين الطرفين.

كما أن القمة الخليجية - الصينية، في وقت شهدت فيه العلاقات بين الصين الشعبية ودول مجلس التعاون تطوراً كبيراً، ولو بدرجات مختلفة بين بكين وكل من الدول الأعضاء في المجلس، أعطت دفعاً كبيراً لهذه العلاقات على الصعيدين الثنائي والتعددي.
وجاءت القمة العربية - الصينية لتؤسس وتعطي زخماً جديداً للعلاقات بين الطرفين. وللتذكير، انطلقت هذه العلاقات في عام 2004 ضمن صيغة تعاونية تعددية عُرفت بـ«منتدى التعاون الصيني – العربي» الذي ينعقد بشكل دوري، وكان الاجتماع الثامن للمنتدى قد انعقد في عام 2019 قبل جائحة «كورونا». ومن الأمور المهمة التي أكد عليها بيان القمة، النظر في إمكانية إنشاء مؤسسة عربية - صينية للتعاون الاستثماري والتمويلي، الأمر الذي يعزز التعاون الاقتصادي الشامل بين الطرفين، كما أكد البيان على ضرورة التسوية السلمية للنزاعات، وعلى ضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها كمبادئ يجب أن تحكم العلاقات بين مختلف الأطراف الدولية، الأمر الذي يشكّل شرطاً ضرورياً لإقامة وتعزيز الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي في نظام عالمي انتقالي لم تستقر بعدُ قواعده الناظمة. نظام يشهد - كما ينوء تحت - وطأة الكثير من الصراعات العنيفة وغيرها، والمكلفة للجميع على الأصعدة كافة.
وتحتل المنطقة العربية موقعاً شديد الأهمية في استراتيجية «مبادرة الحزام والطريق» الصينية؛ الاستراتيجية التي تهدف لتكريس وتعزيز الدور العالمي للصين الشعبية. فالعالم العربي يتحكم في بابين أساسيين من أبواب أربعة في الخطوط البحرية لهذه الاستراتيجية، وهما كل من باب المندب ومضيق هرمز، إلى جانب «بوابتي» ملقا في ماليزيا وكذلك جبل طارق. أضف إلى ذلك الأهمية الخاصة للبحر الأبيض المتوسط في استراتيجية الممرات الصينية؛ البحر الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، والموقع الخاص الذي يحتله العالم العربي على هذه الخريطة في كل من الجغرافيا السياسية والجغرافيا الاقتصادية في العالم، مع التذكير بالترابط من حيث التأثير بين الجغرافيتين.
وقد بلورت الصين الشعبية غداة إطلاق «مبادرة الحزام والطريق» رؤية للتعاون مع العالم العربي الذي يزداد اعتمادها على استيراد الطاقة منه، ونظراً لموقعه وإمكاناته الضخمة... استراتيجية اختُصرت بعنوان رقمي «1 زائد 2 زائد 3». استراتيجية تُعنى أولاً بالتعاون في مجال الطاقة، ثم تطوير البنية التحتية، وكذلك التجارة وتسهيل الاستثمار، وأخيراً التكنولوجيا الجديدة في مجال الطاقة النووية، وأيضاً الطاقة الجديدة، والأقمار الصناعية الفضائية... إنها أجندة شاملة وطموحة وحاملة لنظرة استراتيجية طويلة الأمد، وتعكس الأهمية التي تحظى بها المنطقة العربية بالنسبة للصين الشعبية «المتمددة» في بقاع العالم كافة.
في عالم اليوم، وبعيداً عن إسقاطات يأتي بها البعض من الأمس الذي مضى فيما يتعلق بالتحالفات المقفلة والقائمة على الاستراتيجيا والأيديولوجيا، والتي انتهت مع نهاية نظام الحرب الباردة، وازدياد جدول التحديات المشتركة المتجددة والجديدة التي تواجهها مختلف الأطراف في القرية الكونية التي نعيش فيها؛ صارت التحالفات، أو تحديداً أنساق التعاون، قائمة على المصالح المشتركة أو المتكاملة. فاختلطت «أوراق اللعبة»، وصارت علاقات التفاهم والتعاون والشراكة تقوم على تحديد المصلحة المشتركة في مجال أو مجالات معينة في عالم تتشابك فيه المصالح. وتقدم الصين الشعبية باستراتيجيتها المتعددة الأبعاد والناشطة على الصعيد الدولي، مثالاً حياً على ذلك؛ فالصين الشعبية لها علاقات تعاون مع أطراف وقوى متصارعة أو متخاصمة في الشرق الأوسط، وعلى قاعدة المصالح المشتركة لا تناقض في هذا الأمر ما دامت هذه العلاقات تقوم على القواعد الواضحة التي تحكم وتنظم العلاقات بين الدول.
وهذا ما يمكن الإشارة إليه أيضاً في العلاقات العربية - الدولية الجديدة. وآخر الأمثلة في هذا الصدد بالطبع دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية التي لا تعني أنها ستأتي على حساب علاقات مصالح مع قوى دولية أخرى، ولكنها رسالة عربية واضحة بأن العرب لن يُخضعوا علاقاتهم التي تخدم مصالحهم القائمة والمستقبلية مع طرف معين لعلاقات مع طرف آخر يجب أن تقوم بالطبع أيضاً على مفهوم المصالح المشتركة والمتوازنة، وليس على عناوين، ولكنْ فراغ في المضامين.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية دبلوماسية القمم مع الصين الشعبية



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab