أوروبا وتحديات الحرب الأوكرانية
أخر الأخبار

أوروبا وتحديات الحرب الأوكرانية

أوروبا وتحديات الحرب الأوكرانية

 العرب اليوم -

أوروبا وتحديات الحرب الأوكرانية

بقلم :ناصيف حتّي*

كان الشعور السائد في أوروبا أنه مع نهاية الحرب الباردة وانتهاء الانقسام الذي شطر القارة القديمة إلى شرق وغرب وكان جدار برلين رمز ذلك الانشطار، فإن الغرب المنتصر سيمد نفوذه إلى حدود روسيا. شجع على ذلك بالطبع توسع الحلف الأطلسي ليضم دولاً كثيرة (14 دولة) كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي أو من مجال نفوذه المطلق. كما توسع الاتحاد الأوروبي عبر سياسة المراحل ليضم عدداً من دول أوروبا الشرقية سابقاً إلى عضويته. لكن أولى رسائل الصدام مع روسيا العائدة إلى ما تعدّه تاريخياً دور القوة الكبرى أياً كانت طبيعة السلطة الحاكمة في موسكو أو العنوان التي تعطيه لهذا الدور في محيطها الاستراتيجي المباشر، حرب روسيا الخاطفة في صيف 2008 في جورجيا. كانت هذه الحرب بداية لسياسة روسية تجاه «الغرب الاستراتيجي» عنوانها «كفى». فروسيا عائدة للقيام بدور القوة الكبرى ولكل ما يستدعيه هذا الدور. وتكررت الأزمات ولعبة عرض العضلات العسكرية على المسرح الاستراتيجي الأوروبي وفي شرقه بشكل خاص.
وزير الاقتصاد الفرنسي لخّص التداعيات الاقتصادية في موجتها الأولى للحرب الأوكرانية بالتحذير من حالة الركود التضخمي الذي يصيب بلده والدول الأوروبية ولو بدرجات مختلفة. وأشار إلى أن أزمة الطاقة الحالية «شبيهة في حدتها بالصدمة النفطية في عام 1973». السؤال المطروح في أوروبا اليوم في خضمّ سياسة العقوبات ضد روسيا قوامه: هل يجب أن تستمر مستقبلاً في الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية؟ وأياً كان الجواب الذي لم يُحسم بعد نهائياً فإن البحث جارٍ في الولايات المتحدة وكذلك في أوروبا الغربية لتوفير بدائل عن الطاقة الروسية، خصوصاً الغاز، من الخليج العربي ومن قطر بشكل أساسي، أحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي على الصعيد العالمي، وكذلك من شرق المتوسط لاحقاً مع مصادر أخرى في العالم، فيما تُنبه ألمانيا إلى أنها لا تستطيع الاستغناء عن واردات النفط من روسيا رغم العقوبات.
أوروبا «تساعد» عسكرياً من خلال تخصيص مساعدة مالية لأوكرانيا لشراء السلاح بشكل خاص إلى جانب مساعدات عسكرية من دول أوروبية. الحلف الأطلسي لا يرغب في التورط المباشر في الحرب الأوكرانية. ولكن في المقابل فإن الموقف الأوروبي، كما يظهر عبر موقف حلف شمال الأطلسي، يتمثل في رفض فرض حظر جوي في مسرح القتال لأنه سيؤدي حكماً إلى مواجهة مع روسيا والدخول في تصعيد خطير وربما حرب مباشرة مع الأخيرة.

 

إلى جانب استمرار الاتصالات الفرنسية والألمانية بشكل خاص مع روسيا لوقف التصعيد والبحث عن الحل، تستمر أوروبا في توجيه رسائل التحذير إلى موسكو أياً كانت بالطبع نتيجتها في التأثير في الموقف الروسي لوقف الحرب. والحرب تعد في هذا الخصوص من جانب روسيا وسيلة للتفاوض على الأرض ليس مع أوكرانيا فحسب بل تحديداً مع «الغرب» لخدمة أهداف حيوية تتعلق بالأمن القومي لروسيا.
إحدى الرسائل الأوروبية تمثلت في القمة الأوروبية غير الرسمية التي انعقدت في فرساي في 10 و11 مارس (آذار)، والتي أكدت ضرورة زيادة القدرات الدفاعية الأوروبية والتي تندرج في الطرح الذي عبّرت عنه دائماً فرنسا من دون أن تنجح في تحويله إلى واقع، وهو بناء أوروبا القوة الدفاعية. كما دعت القمة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي في أوروبا وبناء قاعدة اقتصادية صلبة. دعوات من هذا النوع ليست بجديدة في أوروبا، ولكنها في ظل الحرب الأوكرانية تكتسب أهمية خاصة، إذا أضفنا أن دولاً أوروبية حيادية مثل السويد وكذلك فنلندا ذات النظام الحيادي الخاص، صارت تصدر من مسؤوليها وقياداتها أصوات تدعو للانضمام إلى الحلف الأطلسي أو إلى توفير دعم واسع وكثيف عسكري وغيره لأوكرانيا.
المثير للاهتمام احتمال ازدياد النقاط الساخنة في أوروبا والتي قد تلحق بالنموذج الأوكراني بشكل أو بآخر. الأقلية الصربية في جمهورية البوسنة والهرسك رفعت مجدداً خطاب الانفصال والالتحاق بصربيا في مرحلة لاحقة من دون شك. الشيء ذاته يحصل مع منطقة أوسيتيا الجنوبية في جورجيا التي تعترف بها موسكو كدولة مستقلة، باتجاه الانفصال الفعلي عن جورجيا. مشاريع حروب أخرى تحت عناوين مختلفة في أوروبا الشرقية تصب في خلق مزيد من الصراعات المفتوحة على الحروب والتدخلات الخارجية في المجال السوفياتي سابقاً، وذلك تحت عناوين مختلفة.
صار من شبه المؤكد أن الحل السياسي في أوكرانيا يستدعي إعلان حياد أوكرانيا على الطريقة الفنلندية التي كانت قائمة خلال الحرب الباردة أو ربما أبعد من ذلك حسب النموذج السويدي. روسيا أيضاً تريد استعادة رسمية لشبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها فعلياً، نظراً لأهميتها الاستراتيجية العسكرية ولاستعادة ما تعد «هدية» من الزعيم السوفياتي خروشوف الذي نقلها من روسيا السوفياتية إلى أوكرانيا السوفياتية عام 1954 في إطار ترتيب البيت الداخلي حينذاك...
إعادة ترتيب أو تقاسم مناطق النفوذ في شرق أوروبا بين روسيا والغرب الأطلسي - الأميركي - الأوروبي سيحكم الأجندة الدولية مع تداعيات ذلك على «المسرح الاستراتيجي الأوروبي» بأشكال مختلفة إلى أن يأتي الحل القائم على تفاهم سياسي بين اللاعبين الكبار. لكن بانتظار الحل ستطال تداعيات الحرب والأزمات التي نتجت عنها العالمَ أجمع.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا وتحديات الحرب الأوكرانية أوروبا وتحديات الحرب الأوكرانية



ياسمين صبري أيقونة الموضة وأناقتها تجمع بين الجرأة والكلاسيكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:49 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سامو زين يردّ على جدل تشابه لحن أغنيته مع أغنية تامر حسني
 العرب اليوم - سامو زين يردّ على جدل تشابه لحن أغنيته مع أغنية تامر حسني

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab