في الذكرى العاشرة للإبادة الإيزيدية العدالة لم تُحقق وخطر التطرف لم ينتهِ

في الذكرى العاشرة للإبادة الإيزيدية... العدالة لم تُحقق وخطر التطرف لم ينتهِ

في الذكرى العاشرة للإبادة الإيزيدية... العدالة لم تُحقق وخطر التطرف لم ينتهِ

 العرب اليوم -

في الذكرى العاشرة للإبادة الإيزيدية العدالة لم تُحقق وخطر التطرف لم ينتهِ

بقلم: الرئيس بَرهَم صالح*

تلتقي فتاةٌ إيزيديةٌ مُغتصبها «الداعشي» وهو يتجوّل في شوارع ألمانيا هارباً من العدالة، فيما لا يزال آلافُ النازحين الايزيديين يقطنون في مخيمات نزوح بعيداً عن منازلِهم ومدنهم، ونحو ألفي إيزيدي لا يُعرف مصيرُهم حتى اليوم. في حين تكافح سنجار في طريقٍ طويل من الاستقرار والبناء والإعمار.

يحدث هذا بعد عقدٍ من الزمن على الكارثة، ليجسد تباطؤاً في تنفيذ العدالة الانتقالية وإحقاق حقوقِ مكونٍ عراقي أصيلٍ ومسالم. وهذا تذكيرٌ عاجلٌ لنا جميعاً بضرورة التحرك الجاد والفاعل لإصلاح الوضع، فعلينا أن نتَّحدَ جميعاً في فعل الشيء الصحيح، ومن غير المقبولِ التقاعسُ في تلبية متطلباتِ أهلنا الإيزيديين في سنجار بما يعكس معاناتِهم وتحدياتهم.

في الذكرى العاشرة للإبادة الإيزيدية في سنجار، نستعيد بألمٍ وحزنٍ تلك الأحداث المؤلمة التي أدَّت إلى آلافِ الضحايا من الإيزيديين وممارسات الاستعباد للبشر وسبي النساءِ واستغلالِ الأطفال وتدمير القرى. ففي مثلِ هذا اليوم، أقدمَ إرهابُ «داعش» على احتلال سنجار وارتكابِ أفظعِ الجرائم التي يندَى لها جبين البشرية.

لقد كانَ هدفُ الإرهابيين الإبادةَ الجماعية ومحوَ الإيزيديين من الوجود، لكنَّ صمودَ شعبِنا وتكاتفَه وتضحيات قواتنا الأمنيةِ ودعم المجتمع الدولي أحبط مخططات الإرهابيين. هؤلاء المتطرفون استندوا إلى تفسيرٍ تكفيري مشوّهٍ لكل القيم الدينية والإنسانية، لكنَّها متجذرةٌ في أخلاقيات عنصرية وشهوانية وإجرامية تتجلَّى بين الحين والآخر في مجتمعاتٍ يدفعها التخلفُ والفشلُ عن اللحاق بركاب التمدّنِ والتطور، مستعلياً بحق المختلف ومن هم أقلُ قوةً منهم.

يجب ألا ننسى أنَّ هذه الجريمةَ حدثت في سياق تخادم قوى ودول مع الإرهاب والتكفير، وتخاذل وتقاعس وتقصير منظومة الأمن والدولة في تلك المناطق وفشلها الذريع في الدفاع عن القرى الإيزيدية، حتى في أدنى درجاته خلال لحظات الهجوم «الداعشي»، حيث تُرك المدنيون العزل، وبينهم النساء والفتيات والاطفال، لمواجهة وحشية الغزاة الهمج.

نستعيد هذه الذكرى لتكونَ مناسبةً للتذكير بما فاتَنا، واستحضار تحديات ما زالت تواجه الإيزيديين، وتطلعات مستقبل مزدهر يرتكز على ما نقوم به اليوم. يستحق الإيزيديون السلامَ والاستقرارَ الدائمين والفرصَ المتكافئة لإعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم ورسم مستقبلهم.

إنَّ حجمَ تلك المأساة الاستثنائية التي جرت أمام أنظارِ العالم أجمع، دفعني مع العديد من الناشطين والمنظمات الإنسانية خلالَ تأدية منصبي رئيساً للعراق، وحتى قبل ذلك وبعدها، إلى ضرورة معالجة بعض هذه الجراح، لا سيما وأنَّ الجريمة الشنيعة طالت فتياتٍ إيزيديات تم اختطافهن ومعاملتهن بطريقة تمثل أقصى حالات الوحشية.

وتمكَّنا من إقرار قانون الناجيات الإيزيديات، وشمل الضحايا من الفتيات الشبك والتركمان والمسيحيين، والذي يتضمَّن التعويضَ وإعادةَ التأهيل النفسي والمجتمعي، والإسكان، وفرص التعليم والتوظيف، والاعتراف بالإبادة الجماعية، ومحاكمة الجناة، والبحث عن أولئك الذين ما زالوا في عداد المفقودين، وإقامة يوم وطني لإحياء الذكرى في 3 أغسطس (آب) من كل عام.

بالطبع، لا يمكن لأي قدرٍ من التعويض والاعتراف والتعاطف أن يعوّضَ الظلمَ الذي يشعر به أهلُنا الإيزيديون، ولكنَّنا نأمل أن تكونَ هذه بدايةَ لعملية لن تتوقَّفَ بتقديم التعويضات من الدولة العراقية. إنَّها مسؤولية أخلاقية تجاه أبناء شعبنا.

كما نأمل في تحشيد وتعبئة الجهود الدولية الجادة في القضية، فكل من ساعد «داعش» على ارتكاب هذه الجرائم يجب أن يدفع ثمن هذه الجرائم ويجب أن يدفع تعويضات للضحايا، وعلى رأسهم الإيزيديون الذين عانوا حقاً من محنة رهيبة خلال تلك الفترة الزمنية.

اليوم، وبعد مرور عشرة أعوام على المأساة، نؤكد ضرورة تجاوز العراقيل السياسية والإدارية والأمنية التي تمنع إنصاف ذوي الضحايا، والإسراع بتنظيم الإدارة في سنجار، وتوفير الضمانات الدستورية والقانونية والأمنية للإيزيديين، ديانةً وثقافةً بعيداً عن كل قيمومة وإقصاء، وتعزيز أمن واستقرار مناطقهم وتوفير الخدمات الأساسية من أجل عودة النازحين من مخيمات النزوح إلى منازلهم ومدنهم، والذين بدأوا مؤخراً بالعودة الطوعية. كذلك، دعم الجهد الدولي للتحقيق في جرائم «داعش» بالعراق وتوثيقها والعمل على فتح المقابر الجماعية التي تضم مئات الضحايا، ونشيد هنا بإجراءات فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب «داعش» (يونيتاد).

وفي هذا الصدد، لا بد من الإشادة بالقرار المهم في منح العراقيين الإيزيديين ملكية منازلهم في سنجار والتي حُرموا من تملّكها لعقود مضت بسبب السياسات الإقصائية الظالمة التي انتهجها نظام الاستبداد.

يجب تغليب مصلحة الضحايا وذويهم فوق أي اعتبار سياسي، وأن نتحدَ جميعاً في فعل الشيء الصحيح لمواطنينا. فالدفاع عن الإيزيديين وضحايا «داعش» من جميع العراقيين هي قضية نبيلة، ومن المعيب التهاون والمماطلة في تلبية متطلبات أهلنا في سنجار.

يُمثل الإيزيديون الأصالة والعمق في التعبير عن التنوع والثقافة الجميلة لأرضنا. ونستذكر بما تعرضوا له، المآسي التي عصفت بأبناء شعبنا بمختلف مكوناته، من ضحايا المقابر الجماعية والأنفال والقصف الكيميائي في حلبجة وضحايا الإرهاب والحرية والديمقراطية.

ولا ينبغي أن نختلف حول إنصاف الضحايا وإعادة الناس إلى ديارهم، ولا ينبغي لنا أن نختلف حول وضع تدابير أمنية من شأنها حماية مواطنينا، ولا يمكن السماح لـ«داعش» أو أمثاله أن يأتي ويُرهب الناس ويستعبدهم ويفعل بفتياتنا وأولادنا وأطفالنا ما فعلوه. فما حدث كان فظيعاً ومروعاً.

ونحن نستذكر هذه المناسبة المؤلمة، يجب أن نُقر بأن ترسّبات الفكر «الداعشي» لا تزال تُشكل خطراً لا يمكن الاستهانة به. ونؤكد على ضرورة التصدي للتشوهات الفكرية والتكفيرية والإقصائية في منظومة الدين الحنيف ومؤسساته، والتمسك بمفهوم الدولة المدنية الدستورية التي تحافظ على الهوية الوطنية بتنوعاتها وترفض استغلال الدين وفرضه لاعتبارات سياسية.

فالدين أسمى من أن يكون وسيلة بيد ساسة منتفعين لتبرير وترويج مصالحهم السياسية. والدستور العراقي في أساسه دستور لدولة مدنية ديمقراطية يحترم التعددية الكامنة في المجتمع العراقي، مُحترِماً المنظومة القيمية للدين الإسلامي الحنيف والأديان الأخرى المتعايشة في العراق.

والواقع المرير الذي يجب الإقرار به، بالرغم من التأكيدات المستمرة على إنهاء الخطر الأمني للإرهاب والتكفير، فإنَّ ما يجري في سوريا، والتواجد الخطير لتنظيمات متطرّفة مسلحة تُقدر بأكثر من 20 ألف منتمٍ لها في مناطق شمال سوريا وغيرها، مع التحدي الخطير لمخيم الهول الذي يضم عشرات الآلاف من النزلاء، يُشكل تحدياً أمنياً داهماً لا يمكن التهاون بشأنه.

فـ«داعش» وتحوراته لم تنتهِ، بل يجب أن نتحسبَ لوضع خطير وتحدٍ قاسٍ، خصوصاً في سياق المشهد الإقليمي المعقد والمتوتر والمُحمّل بالصراعات والتناحر. والمنطقة مطالبة بالعمل الجاد في هذا الشأن. فما حدث في روسيا وإيران من عملياتٍ ارهابية من قبل «داعش»، وما حدث في مناطق مختلفة من العراق خلال الفترة الماضية من مواجهات مسلحة مع فلول «داعش»، يُمثل إنذاراً يستوجب التحشيد الإقليمي والدولي لمنع كارثة أمنية جديدة قادمة، لا ريب فيها.

نحن بحاجةٍ إلى تعلم الدروس في العراق، فالنجاح في تحقيق هذه المساعي هو استحقاقٌ وطني وإنساني، وبما يحول دون تكرار المآسي التي عصفت بالعراق وكل المنطقة منذ نحو خمسة عقود نتيجة انهيار المنظومة الإقليمية والتي صنّفت الشرق الأوسط بمنظومة مأزومة انعكست على السلم والامن الدوليين، وعلينا إيجاد منظومة عمل إقليمية سياسية وامنية واقتصادية تعاونية لمواجهة تحديات العصر، فشعوب المنطقة تتطلع الى انهاء هذه الدوامة واللحاق بركب العالم.

 

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الذكرى العاشرة للإبادة الإيزيدية العدالة لم تُحقق وخطر التطرف لم ينتهِ في الذكرى العاشرة للإبادة الإيزيدية العدالة لم تُحقق وخطر التطرف لم ينتهِ



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab