حرب بلا بواخر إجلاء

حرب بلا بواخر إجلاء

حرب بلا بواخر إجلاء

 العرب اليوم -

حرب بلا بواخر إجلاء

بقلم - نبيل عمرو

 

حربان كبيرتان خاضهما ويخوضهما الفلسطينيون: واحدة استغرقت 88 يوماً، وأسفرت عن خسائر فادحة بين الجانبين، إلا أنها أدت إلى خروج قوات الثورة الفلسطينية من الجنوب وبيروت، ومن لبنان فيما بعد.

كان الاسم الإسرائيلي لحرب 82 «سلامة الجليل». لم يكن هدفها المعلن اجتثاث «منظمة التحرير» من جذورها، نظراً لاستحالته؛ وإنما كحلقة أخيرة في الجهد الهادف إلى إنهاء القدرات العسكرية الفلسطينية على الجبهات الثلاث المحاذية لإسرائيل: الجبهة الأردنية، وقد أُنجزت المهمة في عام 70، والجبهة السورية أُنجزت بالتحجيم والاحتواء والانكفاء والانشقاق، والجبهة اللبنانية بالتشتيت على كثير من الجغرافيات العربية، ما جعل وجود المحاربين عليها مجرد إيواء لا أكثر.

ولأن تلك الحرب لم تكن من أجل إنهاء «منظمة التحرير» بل لمجرد إخراجها من لبنان، فقد تزامنت مع إعداد بواخر عملاقة لإجلاء المحاربين الفلسطينيين وقائدهم ياسر عرفات الذي اختار المنفى التونسي، تعبيراً عن سخطه على نظام الأسد الذي كان عرفات يتهمه بالسطو على القرار الفلسطيني المستقل.

انتهى الوجود الفلسطيني المحارب على الجبهات الثلاث، وباختصار: كان إغلاق الباب العسكري أمام عرفات مقترناً بفتح باب التسوية، وهذا ما كان، دون تدقيق في الزمن الذي استغرقته هذه العملية.

الحرب الكبرى، بعد حرب لبنان 82، هي الحرب الراهنة على غزة. وما بين الحربين الكبيرتين وقعت حروب عديدة بمساحة وكثافة أقل.

الاختلاف بين الحربين غير الزمان والمكان، هو بواخر الإجلاء التي وفرها الأميركيون بجهد مبعوثهم فيليب حبيب، وقد تولى حلف شمال الأطلسي حمايتها من حيث انطلقت إلى حيث استقرت. أما ياسر عرفات الذي يعتبر النصر مجرد قدرته على رفع شارته بعد انتهاء كل حرب، فقد وصف ركوب البحر والابتعاد عن الحاضنة الاستراتيجية الأهم، بأنه مجرد انتقال من ساحة إلى أخرى؛ إلا أنه لم يفصح صراحة بأنه انتقال من جغرافيا القتال إلى جغرافيا التسوية.

جرى تركيز مدروس على أن ساحة الأرض المحتلة هي «الرديف» الوحيد لقوة «منظمة التحرير»، إذ تركز الجهد نحو الانتفاضة الأولى التي أتت بالسلطة إلى بعض الوطن.

حرب غزة لم تستدعِ بواخر إجلاء للمقاتلين الذين أدّوا عملاً أسطورياً يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، والذين يخوضون أقوى حرب دفاعية عرفها التاريخ، بين أحد أقوى الجيوش في الشرق الأوسط والعالم، وبين أصغر بقعة جغرافية وأشدها كثافة سكانية، وأفقر تشكيل قتالي من حيث التسليح الحديث الذي يمتلكه الخصم، ويستخدمه كله في هذه الحرب.

التي احتشدت في البحر ذاته الذي حمل مقاتلي عرفات من لبنان، هي حاملات طائرات قدمت لحماية إسرائيل من أي خطر تتعرض له، وردع الإقليم كي يظل بمنأى عن حرب إسرائيل على غزة، خشية أن يؤدي أي تدخل إلى نشوب حرب إقليمية لا تريدها أميركا الآن... ولا غداً.

أهداف الحرب الإسرائيلية المدعومة حد المشاركة من قبل الإدارة الأميركية، وضعت غزة تحت خطر التدمير الشامل والقتل الجماعي الذي لا يعرف أحد كم سيبلغ إلى أن تضع الحرب أوزارها، ووضعت المقاتلين أمام خيارٍ لا بواخر إجلاء فيه؛ بل صمود ومقاومة.

وما يميز هذه الحرب عن غيرها، أن طرفيها لا يملكان ترف خيار التراجع، فلا المقاومون في وارد رفع «راية بيضاء»، ولا المهاجمون يفكرون في التخلص من أجنداتهم التي أساسها صورة نصر تقنع الجمهور الإسرائيلي، وتنزع من روحه شعور الهزيمة.

حرب 82 التي انتهت بإجلاء المحاربين الفلسطينيين عن الجنوب وبيروت، أتت بهم بعد عقود على أجنحة أوسلو المتكسرة، موظفين ورجال أمن.

أما حرب 2023 فلا أحد يعرف ما الذي ستأتي به من مسارات بعد أن تضع أوزارها، ولكن دون بواخر إجلاء ودون رايات بيضاء.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب بلا بواخر إجلاء حرب بلا بواخر إجلاء



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
 العرب اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 06:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 06:32 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

رسميا الكويت تستضيف بطولة أساطير الخليج

GMT 06:30 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 14:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب مدينة "سيبي" الباكستانية

GMT 14:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يرصد إطلاق صاروخين من شمال غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab