الميناء المؤقت رأس جسر لما بعده

الميناء المؤقت رأس جسر لما بعده

الميناء المؤقت رأس جسر لما بعده

 العرب اليوم -

الميناء المؤقت رأس جسر لما بعده

نبيل عمرو
بقلم - نبيل عمرو

عملية إدخال المساعدات إلى غزة اتخذت شكل فيلم هوليوودي، بدا كما لو أنه مشتق من مشاهد الأفلام التي أُنتجت عن الحرب العالمية الثانية.

كان المتفرجون في قاعات السينما يشاهدون ما يوصف عسكرياً بعمليات الإنزال أو الإبرار التي كانت في تلك الحرب تمطر آلاف الجنود خلف الخطوط، بينما في حرب غزة تمطر صناديق «ساندويشات».

منذ بداية الحرب، والعالم يهتم بإدخال المساعدات الإغاثية أكثر من اهتمامه بوقف الحرب، وكان هذا بمثابة اختبار ميداني للقدرات، أظهر على مدى أشهر طويلة عجزاً مطبقاً في أمر إدخال ما دون الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية لمليونين ونصف مليون آدمي، فُرض على كل فرد منهم أن يقضي نحبه أو ينتظر، إمّا بالسيف أو بوسائل أخرى، وكأن القول الشائع «من لم يمت بالسيف مات بغيره» قيل عن هذه الحرب.

أقامت إسرائيل سداً لا ثغرات فيه يمنع دخول المساعدات التي تكدست وراء المعابر الحدودية حيث شوهدت آلاف الشاحنات تنتظر إشارة من يد جندي إسرائيلي كي تدخل إلى حيث يتم التفتيش الذي يستغرق ساعات، وأحياناً أياماً، ما حدا بدول الجوار مصر والأردن إلى إرسال مساعداتهم عبر الطائرات، وكانت هذه الوسيلة المبتكرة في بلادنا فاتحة لأن تحذو أميركا حذوها فترسل «حاملات الساندويشات». ولسوء حظ المنتظرين على الأرض المحروقة أن بعض أطفالهم مات سحقاً تحت الصناديق الهابطة من السماء.

حتى هذه الوسيلة الإبداعية لم تحل المشكلة، فبقي الإسرائيليون على عنادهم يدخلون المساعدات بالقطارة، وبالحجم الذي يحددونه، ومقياسهم الوحيد ما يضر أو ينفع خطط الحرب.

أميركا التي ظهرت في هذه الحكاية بالذات، كأصغر دولة في العالم، ترغب في إيصال مساعدات ولم تستطع، وبعد أن وصلت اللعبة مع إسرائيل، حد استحالة زيادة المسموح به ولو بشاحنة واحدة، قررت معالجة الأمر من البحر، ولكن بما لا يزعج إسرائيل، ما دامت كل الصناديق تخضع لتفتيش منها، وما دامت الثغرة البحرية التي فُتحت في الجدار المغلق تنسجم مع ما كانت تطرحه إسرائيل قبل هذه الحرب، من حلول لحياة المحاصرين، ومنها ما هو أكثر من ميناء طوارئ، بل مدينة عائمة على سطح البحر، بما يعني أن إسرائيل تواصل حصارها براً، وبصورة مطلقة وتفتح ثغرة تتحكم منها بالهواء الذي يتنفسه أهل غزة.

الأميركيون كما أعلن الرئيس بايدن في خطاب حالة الاتحاد يأتون هذه المرة على خلاف المرة السابقة، فبدل حاملات الطائرات العملاقة التي وصلت لدعم إسرائيل وحمايتها من احتمالات اتساع نطاق الحرب بعد موقعة السابع من أكتوبر، وهي في قاع الإحباط والانهيار المعنوي، ها هي تأتي لحماية نتائج الحرب المشتركة بينها وبين إسرائيل، التي ما زالت توصف باليوم التالي.

لا يوجد في السياسات والاستراتيجيات عمل إنساني أو خيري، فهذه مصطلحات تصلح لأن تكون أغلفة لبرامج وأجندات تنطلق من الاعتبارات والحسابات المجردة، كما تصلح للتسويق في المنابر والمحافل دون أن يكون لها أي مغزًى يتعدى ذلك.

الميناء المؤقت هو شكل من أشكال الحضور الأميركي في سيناريوهات ما بعد الحرب، وباللغة العسكرية هو رأس جسر لإنزالات، ليس بالضرورة أن تكون جنوداً ودبابات ومدافع، وإذا ما سلّمنا بحقيقة أنها حرب مشتركة عنوانها «حماس» وهدفها المباشر إنهاء حكمها وسلاحها، فإن كل ما سيأتي في اليوم التالي وما بعده سيكون مشتركاً ومنسقاً بدقة مع الإسرائيليين، دون استبعاد التنسيق، ولو من الدرجة الثانية مع غيرهم.

إن أميركا في حرب غزة ليست مجرد ميناء مؤقت حتى نحاكمه كما لو أنه مؤامرة، ونطالب أميركا بالتراجع عنها، ولا مجرد وسيط لإنجاز هدنة وتبادل، إنها المهندس الشامل لنفوذها في المنطقة وفي كل العالم ولأذرعها الإقليمية التي تتفق معها على إنهاء حكم «حماس» في غزة، وتقويض رأس ماله الأساسي، السلاح.

إن كل خطوة وكل جملة تقال من البيت الأبيض ومن أقل دبلوماسي أميركي لا تقال كردّ فعل، وإنما كجزئية من كل شامل.

أميركا التي تتحدث عمّا بعد الحرب أكثر مما تتحدث عن الحرب ذاتها، ليست بحاجة إلى إرسال قوات لغزة، فالجنود الإسرائيليون أو مزدوجو الجنسية يكفون ويزيدون، ورؤوس الجسور الأميركية المنتشرة في جميع جغرافيات الشرق الأوسط تحتاج إلى استكمال ضروري، وهذه المرة في غزة، وذلك وفق منطق أن نفوذ الدول وخصوصاً العظمى منها لا يقف عند حد، نسمي ذلك احتلالاً أو عدواناً أو مؤامرة، فكل التسميات جائزة وجوهرها واحد... النفوذ.

كيف يُواجَه ذلك؟ هذا هو السؤال، والجواب بيد حملة السلاح وليس بيد حملة الأقلام.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الميناء المؤقت رأس جسر لما بعده الميناء المؤقت رأس جسر لما بعده



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 العرب اليوم - الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab