الفلسطينيون يتعايشون مع «اللاتسوية»

الفلسطينيون يتعايشون مع «اللاتسوية»

الفلسطينيون يتعايشون مع «اللاتسوية»

 العرب اليوم -

الفلسطينيون يتعايشون مع «اللاتسوية»

بقلم - نبيل عمرو

لم يكن مشروع أوسلو مجرد محاولة سياسية لتسوية القضية الفلسطينية، بل تعدى ذلك ليؤثر في حياة الفلسطينيين من جميع جوانبها.

     

 

             

 

فقد غيرت نظامَهم السياسي، وفرضت عليهم نظاماً اقتصادياً كان مؤقتاً ليصبح دائماً... وغيرت أسس وصيغ العلاقات الداخلية، ما أدى إلى انقسامات وتشققات أفرزت أخيراً انفصالاً كاملاً بين شقي الوطن «الضفة وغزة»، وبفعل التخلي الدولي عن المشروع، واستيلاء إسرائيل عليه وعلى مخلفاته، فَرض على الفلسطينيين حرباً مفتوحةً تطول كل ما لديهم، وتهدد ما تبقى لهم، وتلغي الكثير والهام مما يطالبون به، ذلك متزامناً مع نزف دموي يكاد يكون يومياً.

عاش الفلسطينيون آمال السلام باندفاع عاطفي بلغ حد التصويت له بما لا يقل عن ثمانية وثمانين بالمائة، حين فاز ياسر عرفات «صانع أوسلو» في أول انتخابات رئاسية، وراودهم - ولأول مرة في تاريخهم - أمل «قابل» للتحقق، وهو التخلص من الاحتلال، وقيام دولتهم المستقلة.

كان الاندفاع الشعبي مبرراً بقوة التبني الدولي للحل، ففي إسرائيل حكومة وضعت توقيعها على أوراقه، وفي أميركا إدارة تبنت المشروع وبادرت إلى الإشراف عليه ورعايته والتعهد بإنجاحه، وصار دعم بقية العالم تحصيل حاصل.

غير أن ما لم يُحسب له حسابٌ بالقدر الكافي، أن رمال إسرائيل المتحركة لا توفر ضمانة أكيدة لأي مسار هي طرفٌ فيه، فكان أن وقع الانقلاب بإعدام عرّاب أوسلو الإسرائيلي «رابين»، وإلقاء حزب العمل الذي قاد المجازفة إلى قارعة الحياة السياسية، بحيث بدا بعد رابين كما لو أنه لم يكن.

راقب الفلسطينيون، وأنا هنا أتحدث عن الناس، وليس عن الطبقة السياسية التي تنطق باسمهم، انهيار آمالهم عبر انهيارات فادحة لمحاولات الإنقاذ، فبدأ هبوطهم المتسارع نحو واقع مختلف، ليجدوا أنفسهم في حالة أصعب كثيراً مما كانوا عليه قبل أوسلو.

هي حالة يصدق عليها الوصف «أخطر ما مر عليهم منذ بداية نكبتهم حتى الآن»، وهذه الحالة فرضت عليهم يأساً مطبقاً من تسوية سياسية تنعش آمالاً متواضعة في نفوسهم.

اليأس من تسوية يقبلون بها أو يتجرعونها، وضع ملايين الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه أمام خيار واحد، لا مكان لثانٍ معه، وهو الدخول في سباق من نوع مختلف مع إسرائيل، سباق يحتم عليهم إحصاء ما يملكون وتوظيفه في سياق صراع بقاء ومصير، منفصل عن معادلات التسوية التي يجري تداولها، وإقامة فعاليات تحت عناوينها، أمنية كانت كلقاءات العقبة وشرم الشيخ، واقتصادية كالحديث عن تسهيلات تحسن حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال، ومستقبلية بعيدة المدى كحل الدولتين.

فما رأسمال الفلسطينيين في حسبة كهذه؟

أوله الكثافة البشرية التي لا قبل لإسرائيل بهضمها تحت أي صيغة، فلا مجال لإنقاص هذه الكثافة بالتهجير، ولا مجال لوقف نموها بالإجراءات مهما بلغت قسوتها.

وثانيه تحصين الكثافة البشرية بمقومات الصمود، ومواصلة الحياة باستغلال المساحات مهما بدت ضيقة، صحيح أن الاحتلال لا يترك وسيلة همجية إلا أن يتبعها لوقف نمو الفلسطينيين، إلا أن النتائج تقول عكس ذلك تماماً، فجيوش الخريجين في ازدياد، ومشاريع البناء كذلك، وتنامي الردع لميليشيات المستوطنين صار مقلقاً لأقوى جيش في المنطقة، ولأن الفعل يولد رد فعل فلا أمن ولا أمان... ما دامت إسرائيل تحتل شعباً آخر، وهذا ما يقوله كثير من جنرالاتها ووزرائها وبرلمانييها ومثقفيها.

والفلسطينيون وهم يتكيفون مع واقع «اللاتسوية» لا يزالون، وسيبقون، على انتمائهم العضوي العميق لأمتهم، ودعم العالم عدالة قضيتهم وحقهم في تقرير مصيرهم، وإذا كان من درس بليغ استوعبوه بعد رحلة طويلة مع مشاريع التسوية التي آلت إلى الفشل، فهو مواصلة بناء حياتهم وقدراتهم أولاً على أرض وطنهم، وهذا ما يجلب دعماً أكثر فاعلية وجدوى من أشقائهم وأصدقائهم، فإن أتى العالم بمحاولة جديدة فالجاهزية متوافرة، وإن لم يأت، فالوطن يجب أن يظل جاهزاً للحياة والصمود ومواصلة اعتناق الهدف.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون يتعايشون مع «اللاتسوية» الفلسطينيون يتعايشون مع «اللاتسوية»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab