مأزق الوساطة والوسطاء

مأزق الوساطة والوسطاء

مأزق الوساطة والوسطاء

 العرب اليوم -

مأزق الوساطة والوسطاء

بقلم: نبيل عمرو

هو سيناريو متكرّر من دون تغيير، أسباب فشل المحاولة الأولى لا تزال قائمة وبفاعلية أشد أمام المحاولة الأخيرة، الوسطاء الثلاثة بعضهم لا يمتلك أوراق ضغطٍ كافية في الحرب، وهما الطرفان العربيان مصر وقطر، أمّا ثالثهم الأميركي الذي يمتلك أوراقَ ضغط حقيقية على إسرائيل، فهو لا يستخدمها، وإن فعل ففي الاتجاه المعاكس.

الوساطة التي عمرُها من عمر الحرب، تعيش مأزقاً يتعمَّق مع كلّ محاولة، فمصر لم يَعُد يُنظر إليها إسرائيلياً وسيطاً مكتملَ الشروط؛ بفعل استيلاء إسرائيل على خط فيلادلفيا، وإحكام سيطرتها المباشرة على معبر رفح، وذلك يعني أن مصر إن لم تكن طرفاً في القتال المباشر، فهي طرفٌ في أزمة مباشرة مع إسرائيل.

وقطر بحكم علاقاتها الخاصة مع «حماس»، حيث الحضن الدافئ والسخي لاستضافتها ودعمها، لم يَعُد يُنظر إليها أميركياً وإسرائيلياً كمجرد وسيط، بل هي طرف يتعرَّض لضغوط لجعلها تمرِّر جَملَ إسرائيل من ثقب الإبرة، تحت عنوان عامّ: «استغلال نفوذها على (حماس)؛ كي تقبل بما لا تستطيع قبوله».

الوساطة جسّدت مِتراساً يقف وراءه الأميركي، الذي يعرف جيداً كيف يُنهي الحكاية في ساعات قليلة، إلا أنَّه لا يريد، أو لا يستطيع؛ إذ لا فرق في النتيجة، فالوساطة بالنسبة له هي الغلاف الذي لا بد منه لإظهار ما يحتاج إليه دوره الفعلي، الذي أساسه شراكة كاملة مع إسرائيل في كل ما تحتاج إليه الحرب على غزة، وكذلك ما تحتاج إليه لعبة إبقاء القتال على الجبهة الشمالية تحت الأسقف التي تحُول دون تحوّله إلى حرب إقليمية.

الوسطاء الشركاء يدركون ضيق المساحات التي يعملون عليها، وهم في واقع الأمر محشورون في زاوية حَرِجة، فلا يستطيعون الاستنكاف عن الدور؛ كونهم شركاء أكثر من وسطاء، ولا يرتاحون للسيناريو المتكرر الذي سجّل عليهم إخفاقاً في إحراز الحد الأدنى من النجاح، ولو على هيئة هُدَن مؤقتة وتبادُل محدود.

يواجه الوسيطان العربيان معضلة يجسّدها شريك الوساطة الأميركي بتحالفه المتعمق مع الإسرائيلي، وتتضاعف المعضلة كلما اقتربت الساعة الرملية من النفاد في الانتخابات الأميركية؛ إذ لا ضغوط على إسرائيل التي تضع خطوطاً حمراء تبدّد أي فرص للتقدم الفعلي، وإذا كان لا بدَّ من ضغوط فهي على «حماس» التي كلما أقدمَت على مرونة في أمر معين، قال لها الأميركيون والإسرائيليون: هل من مزيد؟

نتنياهو يشاغل الجميع في الهوامش خدمةً للأساسي الذي يسعى إليه، فهو يرسل وفوده إلى المفاوضات بتعليمات مشدّدة ألّا يفعلوا شيئاً، غير كسب الوقت وضمان تواصُل الحرب، يسرّبون أخباراً عن تقدّم في هذا الملف أو ذاك، بينما آلة الدمار والقتل تعمل بلا هوادة على الأرض، وما يحدث بالتزامن مع الجهد الحالي للوساطة هو أوسع تهجير جماعي داخل القطاع، وعودة لزيادة القتل والدمار، كما لو أنَّ الحرب التي دخلت شهرها العاشر ما تزال في أيامها الأولى، وبدل الإفادة من الارتباط الإيجابي بين توقف الحرب على غزة، وتوقفها على الجبهة الشمالية، يتحدّث غالانت عن فك الارتباط بين الجبهتين، واستعداده للحرب في الشمال حتى لو توقَّفت في الجنوب.

أميركا الشريك الفعّال والوسيط غير الفعّال يهمها أولاً بقاء الأمور تحت السيطرة في الشمال، أمّا جبهة غزة فمتروكة لتطورات الميدان، ما يتيح لنتنياهو مساحة واسعة للسعي نحو مستحيله... «النصر المطلق».

الوسيط الأميركي يستعدّ لاستقبال نتنياهو، ليس في الكونغرس فقط، وإنما في البيت الأبيض، وإذا كان غالانت عاد من زيارته بقنابل متوسطة الحجم وهائلة القدرة التدميرية، فلن يعود نتنياهو من رحلته الوشيكة خالي الوفاض، والأمر هنا ليس مجرد قنابل وذخائر، بل التزامات موثّقة لما هو مسموح به في اليوم التالي، وما هو ممنوع.

أخيراً... هنالك فرصة للنجاح ربما يوفرها نتنياهو في حالة ضمن أن تكون مجرد محطة على طريق نصره الشخصي، والنجاح في هذه الحالة هو أعلى درجات الفشل.

arabstoday

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

GMT 06:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأزق الوساطة والوسطاء مأزق الوساطة والوسطاء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab