ترمب لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ

ترمب... لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ

ترمب... لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ

 العرب اليوم -

ترمب لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ

بقلم : نبيل عمرو

 

دونالد ترمب يستحق أن يوصف بالظاهرة، ونادراً أن ما يحدث معه يحدث مع غيره، إذ فاز أول مرة ليقود أقوى وأكبر دولة في العالم لمدة أربع سنوات.

وفشل في الانتخابات التالية وكاد يحرق أميركا التي «زوّرت» الانتخابات للحيلولة دون عودته للرئاسة.

خلال ولايته الأولى فعل ما لم يجرؤ غيره على فعله، إذ لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يُقتحم الكونغرس وتطلق النار في داخله، بما هو شبيه بانقلابات دول العالم الثالث.

وفي مجال العلاقات الدولية فما فعله في أيام، لم يكن غيره ليفعله في عقود، إذ ألغى الاتفاق النووي مع إيران، ومنح الجولان السوري المحتل لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، واقتطع في خريطة رسمية ثلث الضفة الغربية ليمنحها لإسرائيل.

ومن غير دونالد ترمب أسس لعملية تطبيع بين العرب وإسرائيل، حققت نتائج مهمة في عهده، وتواصلت حتى بعد سقوطه، وستتواصل بوصفها نهجاً أساسياً للدولة العظمى بكل إداراتها إلا أنه دخل التاريخ ممهوراً بختم ترمب.

ومن غيره من الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه، تعامل مع المتراس الأمامي المتقدم لأميركا «أوروبا» مثلما تعامل هو مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى مع كوريا الشمالية وروسيا والصين.

ولسوء حظ أوكرانيا كما يقول، أن الغزو الروسي لها تم بعد سقوطه، ولو كان في البيت الأبيض لما حدث.

كانت أربع سنوات غيّر فيها ترمب الكثير مما كان يعد ثوابت لا تتغير في السياسة الأميركية.

في انتخابات 2020 عوقب على كل ما فعل، وكل ما كان سيفعل، غير أنه فاجأ الأميركيين والعالم بقدرة فائقة على عدم الاستكانة والتسليم بالسقوط كما فعل كل أسلافه من قبل، كان وهو خارج البيت الأبيض، وحتى في أروقة المحاكم يعمل بصفته رئيساً ظل يتحرك بلا كلل أو ملل، ليعود إلى مقعده «المغتصب» في البيت الأبيض.

سيطر على الحزب الجمهوري إلى الحد الذي لم يجرؤ أحد من قادته وأعمدته على طرح نفسه مرشحاً للرئاسة، فقد رأى فيه الحزب التقليدي العريق الأمل الوحيد للعودة إلى القيادة وهزيمة الخصم الديمقراطي، فاتحد خلفه ومنحه ولاءً مطلقاً أثبت في عام 2024 أنَّه جدير به.

عاد ترمب إلى البيت الأبيض وكان فوزه في الانتخابات متكاملاً، ما جعل من أربع سنوات بايدن مجرد وقت مستقطع بين ولايتين له. عاد بعد موسم انتخابي صاخب، حفل بكمٍ هائل من التقديرات الخاطئة والمضللة، أبرزها طغيان مصطلح التوازن الدقيق في الفرص بينه وبين منافسته كامالا هاريس، حتى إن معظم الاستطلاعات أعطتها تفوقاً عليه، فإذا بنا حيال ميلان فادح للميزان لمصلحته ليس في أمر الرئاسة، بل وفي الكونغرس والرأي العام الشعبي الأميركي.

بعد أسابيع قليلة، سوف يمارس الرئيس الجديد عمله، ممتلئاً بيقين طالما تغنّى به، وهو أنه أقوى رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، والأكثر قدرة على تغيير أميركا بما في ذلك تغيير العالم كله.

بعد أسابيع قليلة وربما قبل أن تنقضي سيتعرف الأميركيون والعالم على أركان قيادته من خلال التركيبة الموعودة لتحقيق الأهداف الكبيرة التي حددها وألزم نفسه بها.

نحن أهل الشرق الأوسط، ما زال كثيرون منا بل ربما الأكثر، لا يعرفون أميركا حق المعرفة، ولا يجيدون التعامل معها بمنطق المصالح وكيفية التأثير على الحسابات، وليس أدل على ذلك من السؤال المتداول حول علاقتنا بأميركا... هل الديمقراطيون أفضل بالنسبة لنا من الجمهوريين؟ هل كامالا هاريس أفضل من دونالد ترمب؟ وهل ما زال مقياسنا في المفاضلة هو... بين السيئ والأكثر سوءاً؟

سؤال أساسه خاطئ ولا لزوم له، ذلك أن أميركا الدولة الأكثر توغلاً في قضايانا وحتى في حياتنا ومصائرنا، ليست بالبساطة التي نقوّم سياساتها بها.

رغم ما يتمتع به رئيسها من صلاحيات دستورية، تبدو فوق صلاحيات المؤسسات الرئيسية، فإنه لم ولن يكون استثناءً من القاعدة الثابتة في سياسات الدول «المصلحة أولاً وأخيراً» ولا يحلمّن أحد بتغيير، ولو بصورة طفيفة للسياسات والقرارات، إن لم ندخل، نحن العرب، إلى صلب حسابات المصالح الأميركية بحيث تحسب القرارات بميزان الربح والخسارة، وليس بميزان الحق والعدل وأدبيات حقوق الإنسان.

بعد أسابيع قليلة سيجلس دونالد ترمب في البيت الأبيض، بكل ما عليه من كثير فعل ولما ليس له من قليل، فليكن التعامل معه وفق مبدأ: «هذا ما لدينا وما نحتاج إليه، وهذا ما لديكم وما تحتاجون إليه».

وفي هذه المعادلة ينبغي ألا يوجد مكان للمجاملات المجانية ولا مكان لدفع الأثمان المسبقة لقاء الوعود... تأخذ قدر ما تعطي، وإذا ما حسبنا ما لدينا فهو كثير بالفعل، وسيكون فعّالاً قدر ما نجيد استخدامه في ميزان المصالح.

arabstoday

GMT 08:09 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟

GMT 08:04 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

مطرقة ترمب على خريطة العالم

GMT 08:02 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

والآن أميركا تنقض الحجر العالمي الأول

GMT 08:00 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

مستقبل الحرب في أوكرانيا

GMT 07:58 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

ضحايا لبنان والعدالة الانتقالية

GMT 07:55 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

« 50501 »

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ ترمب لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:15 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

غزة.. التي أصبحت محط أنظار العالم فجأة!

GMT 06:22 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

استعادة الدولة بتفكيك «دولة الفساد العميقة»!

GMT 19:00 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

لبنان يحذر مواطنيه من عاصفة "آدم"

GMT 06:23 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

السودان... تعثّر مخطط الحكومة «الموازية»

GMT 01:14 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

الإفراج عن صحفي تونسي بارز من معارضي سعيد

GMT 01:46 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

انفجارات عديدة تهز العاصمة الأوكرانية كييف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab