الميليشيات لا تبني دولاً ولا حضارات

الميليشيات لا تبني دولاً ولا حضارات

الميليشيات لا تبني دولاً ولا حضارات

 العرب اليوم -

الميليشيات لا تبني دولاً ولا حضارات

بقلم - داود الفرحان

تحولت الميليشيات في دول مختلفة إلى مصانع لتفريخ ميليشيات جديدة. وهي مهنة مَن لا مهنة له. بدأت هذه الميليشيات بصيغة كتائب قتالية أو أمنية، وتطورت إلى صيغة تنظيمات خاصة أو مجموعات حربية على شكل يقترب من تشكيلات عصابات، تتولى حماية منشآت مهمة أو شخصيات تتولى مسؤوليات حساسة. وفي العادة تلجأ النظم غير المستقرة أو الدول شبه الفاشلة أو الحكومات الفاسدة، إلى عصابات مسلحة تتولى حماية ما يمكن حمايته من منشآت، أو تنفيذ مهمات خارج القانون.

وكان لـ«الحرس الثوري» الإيراني السبق في الحرب بسوريا، من خلال ميليشياته المتعددة، ومن أبرزها: «جيش المهدي»، و«عصائب أهل الحق»، و«سرايا الخرساني»، و«حركة النجباء»، و«كتائب الإمام علي»، و«حزب الله العراقي»، و«الزينبيون». وتفرعت من كل تنظيم عشرات الفصائل في المحافظات العراقية، وسوريا، والحدود العراقية– الإيرانية، والمنصات في مياه العراق الخليجية، والبصرة.

وعمل قاسم سليماني قبل اغتياله من قبل الولايات المتحدة على بناء وتشكيل «الحشد الشعبي». وهذا التنظيم المدرع يتفوق في تسليحه على مجموعة «فاغنر» الروسية، إلا أنه أقل خبرة وانضباطاً وتدريباً. وتردد أن المشرف على «الحشد الشعبي العراقي» ينوي وضعه تحت سيطرة الحكومة لتحديد واجباته وتحركاته. ويسعى ما يسمى «الإطار التنسيقي» -وهو تنظيم موالٍ لإيران- لزيادة قوات «الحشد» إلى 238 ألف شخص، بزيادة تصل نسبتها إلى 95 في المائة في عدد الميليشيات التي تمولها الدولة.

قبل الإعلان عن مجموعة «فاغنر»، كانت مجموعة «بلاك ووتر» هي أشهر ميليشيا مرتبطة بالجيش الأميركي. وقد أدت دوراً تدميرياً في العراق بعد الاحتلال الأميركي في 2003. وقد تأسست في عام 1997 على يد رجل الأعمال وضابط البحرية الأميركية السابق إيريك برنس، لتقدم في البداية خدمات الحراسات الخاصة والتدريب. واشتهرت «بلاك ووتر» ذات السمعة السيئة بجرائمها ضد مدنيين عراقيين، وقتلها 14 مدنياً عراقياً بينهم طفلان في عام 2007، في مجزرة أدت إلى الحكم المؤبد أو 30 سنة على 4 من المرتزقة، إلا أن الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب أصدر عفواً عن المجرمين، ما أثار استياء الشعب العراقي. واضطرت الشركة لتغيير اسمها إلى «أكاديمي». ومرتزقة هذه الشركة خليط من جنسيات: كولومبيا، وجنوب أفريقيا، والمكسيك، وبنما، والسلفادور، وتشيلي.

وبدأت شركة «فاغنر» الروسية أعمالها في السودان منذ عام 2018، تحت غطاء شركة تبحث عن الذهب. وكان اسم هذه الشركة يتردد في كل صباح في الحرب الأهلية الحالية في السودان. وتنتشر عناصر «فاغنر» في بلدان أفريقية لتوفير الدعم والأمن لشركات التعدين الروسية والشركات التي تعمل معها. وجرى اتهام روسيا باستخدام «فاغنر» للسيطرة على الموارد الطبيعية في أفريقيا، خلفاً للاستعمار الأوروبي للقارة منذ القرن الثامن عشر الميلادي. وتسعى «فاغنر» إلى التأثير على الشؤون السياسية والصراعات الشخصية، في دول مثل ليبيا والسودان ومالي ومدغشقر.

لقد تحولت هذه الميليشيات الدولية إلى «جيش تحت الطلب»، مثلها مثل الميليشيات المحلية في العراق التي غرقت في سوق الفساد، من تهريب الأموال والمخدرات، واغتيال النشطاء الوطنيين الذين يرفضون هيمنة النظام الإيراني على المؤسسات السيادية العراقية.

الذين يقلبون أوراق لبنان السياسية في أيام العز من الخمسينات إلى الثمانينات، لم يقرأوا أخباراً عن الإرهاب أو الميليشيات بشكلها الحالي المعروف عن «حزب الله» الذي تغوَّل إلى دولة داخل الدولة.

الدولة القوية لا تحتاج إلى ميليشيات؛ لكنها تحتاج إلى حلول سياسية وتهدئة ومشروعات واستقرار وتنمية، مثلما فعل مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأشهر، ومثلما عمل لي كوان يو رئيس وزراء سنغافورة لثلاثة عقود، التي تحولت من ميناء متواضع شبه مظلم إلى دولة تشع بالأنوار والرافعات العملاقة وسفن النقل الضخمة، ومطار لا يتوقف لحظة واحدة، وليست فيه طائرات ركاب تظل تحوم في فضائه أكثر من ساعة لتجد فراغاً تهبط فيه بسلام.

كان مؤسس سنغافورة الحديثة يؤمن بأن القائد الذي يحظى بالاحترام هو ذو القبضة الحديدية؛ حيث قال: «إنه يعمل على هدم المعارضة. لماذا لا نهدمها قبل أن تبدأ؟ لأنها بمجرد أن تبدأ سيكون من الصعب علينا هدمها».

مختصر مفيد: الميليشيات لا تبني دولاً ولا حضارات، ولا تقيم علاقات متكافئة مع دول العالم؛ لكنها مصدر أساسي للفساد الحكومي والاغتيالات والإرهاب، وتدمير كل التوجهات المدنية لتقدم أي بلد.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الميليشيات لا تبني دولاً ولا حضارات الميليشيات لا تبني دولاً ولا حضارات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab