ألمانيا والمعركة ضد التطرف

ألمانيا والمعركة ضد التطرف

ألمانيا والمعركة ضد التطرف

 العرب اليوم -

ألمانيا والمعركة ضد التطرف

جمعة بوكليب
بقلم جمعة بوكليب

صباح الأربعاء الماضي، والعالم لم يفق بعد من مفاجأة هزيمة المنتخب الإسباني، في الليلة السابقة، على يد المنتخب المغربي، في بطولة كأس العالم لكرة القدم، في قطر، فاجأتنا وسائل الإعلام بخبر معاكس للتوقع، ويصعب تصديقه.
العادة جرت، منذ الخمسينات من القرن الماضي، أن تقترن أخبار الانقلابات ببلدان أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، في حين أن بلدان أوروبا الغربية، باستثناءات نادرة، اليونان مثلاً، ظلت في منأى عن تلك الخطوب الدامية. هذه المرة، وللمرة الأولى، اقترنت أخبار مؤامرة الانقلاب بألمانيا، أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي.
وما حدث، وفقاً لوسائل الإعلام، أن السلطات الألمانية أعلنت إحباطها لأكبر مؤامرة انقلابية من قبل اليمين المتطرف في تاريخ ألمانيا الاتحادية منذ 73 عاماً. أكثر من 3000 شرطي ألماني، تحركوا، منذ ساعات الصباح الأولى، في مختلف المدن الألمانية، مع نظراء لهم في النمسا وإيطاليا، لاعتقال أعضاء تنظيم ألماني يميني متطرف، يسمى «مواطنو الرايخ» يسعى بالغاية والوسيلة إلى القضاء على النظام الديمقراطي الألماني. الخطة الانقلابية تهدف إلى الهجوم على البرلمان ومقرات الحكومة والاستيلاء عليها، واعتقال النواب والوزراء، وإعلان حكومة جديدة.
المعتقلون، وفقاً لوسائل الإعلام، ليسوا أشخاصاً عاديين. على رأس القائمة نبيل أرستقراطي، من عائلة بدماء ملكية. الرجل الثاني ضابط سابق، برتبة عالية في القوات الألمانية الخاصة، بالإضافة إلى ضباط سابقين وعاملين في الشرطة والجيش. ومن بين المعتقلين امرأة برلمانية سابقاً، وقاضية حالياً.
المنتمون للتنظيم المذكور لا يعترفون بالدولة الألمانية القائمة، ويرون أنها لا تزيد على كونها شركة أميركية. وهدفهم العودة بالدولة لما كانت عليه ألمانيا الإمبراطورية، قبل الحرب العالمية الأولى. انتشار التنظيم في أجهزة الشرطة والجيش الألماني ليس بالأمر المفاجئ. في شهر يوليو (تموز) 2020 أمرت الحكومة الألمانية بحل وحدة كوماندوز عسكرية بعد أن اتضح أن أفرادها ينتمون إلى تنظيمات يمينية سرية بآيديولوجيات متطرفة. واتضح الآن، عقب إحباط المؤامرة، أن الاختراق اليميني المتطرف للجيش والشرطة أكبر وأخطر مما كان يتوقع المسؤولون الألمان.
الأجهزة الأمنية الألمانية تقول إن التنظيم تأسس في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. وزعيمه الأرستقراطي الذي اختير، وفق الخطة، ليكون رئيساً للدولة، عُرفَ بازدرائه للدولة الألمانية، ومعروف للأجهزة الأمنية الألمانية. لكن وسائل الإعلام تعتقد أن الرئيس الفعلي للتنظيم، هو الضابط السابق في القوات الخاصة. زعيم التنظيم الأمير هنريش الثالث عشر، حسب وسائل الإعلام، من المتعاطفين مع الرئيس الروسي بوتين، وقيل إنه قام بالتواصل مع عدة مسؤولين روس، لتأسيس نظام سياسي جديد في ألمانيا، الأمر الذي دفع الحكومة الروسية، عقب الإعلان عن اكتشاف المؤامرة، وما رافقها من تسريبات عن وجود علاقة بموسكو، إلى إصدار بيان تنفي فيه بشدة أي علاقة لها بالتنظيم وخطته الانقلابية.
ظهور تنظيم يميني متطرف في ألمانيا، ليس أمراً مفاجئاً، أو خارج دائرة التوقعات. ذلك لأن ألمانيا، منذ خسارتها في الحرب العالمية الأولى، أضحت ساحة مواتية لظهور ونشاطات حركات وتنظيمات يمينية متطرفة، تسعى لاستعادة ما تطلق عليه اسم المجد الألماني. النازيون نجحوا في الوصول إلى الحكم، لكن الحلم باستعادة المجد، استحال إلى كارثة.
بعد الهزيمة في الحرب الكونية الثانية، لم تتوقف التنظيمات المتطرفة من الطفو فوق السطح والاختفاء. وظلت هامشية، ما قلل من أهميتها في الحراك السياسي، طيلة أعوام طويلة. لكن انبثاق الحركات الشعبوية في أوروبا بشعاراتها العنصرية والمعادية للنخبة السياسية الحاكمة، مضافاً إليها تدفق موجات الهجرة غير المشروعة التي شهدتها أوروبا في عام 2015، كل تلك العوامل تضافرت معاً، وضخت في عروق اليمين المتطرف الألماني بدم الحياة، ووفرت له بيئة سياسية مثالية، ثم حل الوباء الفيروسي، وفُرض الإغلاق العام، فزاد من مساحة السخط الشعبي، وفي نشاط المجموعات المتطرفة. وفي شهر سبتمبر (أيلول) عام 2020، حاولت مجموعات منهم اقتحام البرلمان الألماني بالقوة، وكادت تحدث كارثة. ووُصفَ ذلك اليوم بكونه الأسوأ في تاريخ الديمقراطية الألمانية. وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تمكن حزب البديل الألماني اليميني المتطرف من تحقيق نجاح غير مسبوق، وأضحى قوة برلمانية مشروعة.
بعد أحداث يوم 6 يناير (كانون الثاني) 2021 في واشنطن، والهجوم على الكونغرس من قبل يمينيين متطرفين هدفهم إجهاض العملية الديمقراطية، بمنع انتقال السلطة دستورياً وسلمياً، تساءل المعلقون السياسيون حول ما كان سيؤول إليه الوضع في أميركا، لو أن الأجهزة الأمنية والسياسية الأميركية أخفقت في التحرك والقضاء سريعاً على المؤامرة. من حقنا أن نعيد طرح السؤال بتغييرات طفيفة: ماذا كان سيحدث لألمانيا، لو أخفقت الأجهزة الأمنية الألمانية في اكتشاف المؤامرة اليمينية المتطرفة في الوقت المناسب، والتمكن من إحباطها بسرعة؟

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألمانيا والمعركة ضد التطرف ألمانيا والمعركة ضد التطرف



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab