السودان في العام الثاني من الحرب

السودان في العام الثاني من الحرب

السودان في العام الثاني من الحرب

 العرب اليوم -

السودان في العام الثاني من الحرب

بقلم - جمعة بوكليب

الذكرى الأولى للحرب الأهلية في السودان مرّت علينا، من دون أن تتمكن رادارات وسائل الإعلام العربية والدولية من التقاطها، نظراً لانشغالاتها بزحمة تطورات أزمات الحروب الدائرة في أوكرانيا، وقطاع غزة، وأخيراً تصاعد حدّة الموقف العسكري بين إيران وإسرائيل، وما ينذر به من أخطار وكوارث على منطقة الشرق الأوسط والعالم عموماً.

تقارير منظمات الأمم المتحدة ذات الصلة باللاجئين والإغاثة تؤكد أن حصيلة عام من الاقتتال في السودان كلفت 15600 قتيل، وأن 8.6 مليون سوداني تركوا بيوتهم هرباً من الموت. وتسببت الحرب في أكبر كارثة تعليمية، نتيجة دمار وإقفال المدارس والمعاهد والجامعات.

العاصمة الخرطوم، أضحت مدينة مدمرة، وكذلك أمدرمان وغيرهما من المدن. وما حدث ويحدث في غرب البلاد، في منطقة دارفور، يمكن التحقق منه بالاطلاع على ما تنشره منظمات الإغاثة ورعاية اللاجئين الدولية من إحصائيات عن أعداد اللاجئين الذين يعيشون بمخيمات في تشاد، وما يواجهونه من ضنك وآلام وأمراض، وما يعانونه من مجاعة بخاصة بين الأطفال.

عام مضى، والحرب دائرة بلا توقف. كرٌّ وفرُّ في شوارع المدن السودانية، بجميع أنواع الأسلحة، بما في ذلك الطائرات. والعالم يدير ظهره لها.

الجنرالات العسكريون، على اختلافهم، في العادة لا تطولهم الحروب أو تطول عائلاتهم وممتلكاتهم بضرر أو بسوء. هذه حقيقة. هم يشعلون الحروب، ويضرمون النيران في سبيل الحصول على مكاسب شخصية لهم ولأنصارهم. المتضررون في السودان من الحرب مواطنون مدنيون، لا حول لهم ولا قوة. تركوا بيوتهم وفروا هاربين مشردين من أجل النجاة بحيواتهم من موت يلاحقهم، والتجأ من استطاع منهم إلى البلدان المجاورة، بخاصة مصر وتشاد. التقارير الصادرة عن مكاتب المنظمات الدولية ذات الصلة تقول إن عددهم في البلدين وصل إلى 1.8 مليون لاجئ سوداني. ومن لم يستطع نزَح هارباً إلى مناطق نائية في السودان، بحثاً عن ملجأ آمن. وهناك 6.6 مليون مشرد في السودان، وفق التقارير نفسها.

اللافت للاهتمام أن تقارير منظمات الإغاثة الدولية، وفق متابعتي واطلاعي، فاتها رصد أعداد اللاجئين السودانيين، الذين قطعوا الصحراء، وعبروا البحر إلى أوروبا. وكذلك أعداد الواصلين مؤخراً إلى مدينة الكُفرة الليبية. أحد مواقع التواصل الاجتماعي الليبية على الإنترنت نشر الخبر التالي:

إسماعيل العيضة مدير مستشفى الكفرة التعليمي قال: «إن أعداد اللاجئين القادمين من السودان إلى الكفرة تصل إلى 1500 لاجئ. خلال شهرين سجلنا بين القادمين 45 إصابة بفيروس نقص المناعة (الإيدز) و28 حالة إصابة بالدرن، و102 حالة إصابة بالملاريا، و798 حالة إصابة بفيروس الكبد الوبائي B وC والأعداد في تزايد. وأكد أن الجهات الصحية بالمدينة لم تتلقَ أي مساعدات من أي جهة باستثناء وزارة الصحة الليبية. وأوضح أن اللاجئين السودانيين موجودون بأماكن متفرقة في المدينة. ويرفض أهالي المدينة فكرة إنشاء ملاجئ ومخيمات لهم، ويطالبون بالتعامل معهم إنسانياً».

الفرار من القذائف والرصاص والقنابل لا يفضي إلى النجاة من الموت دوماً، لأن التشرد والجوع وقلة الدواء وانعدام الرعاية الصحية لها نفس مفعول الرصاص والقذائف. والذين عاشوا منّا تجربة الحروب الأهلية في بلدانهم، يعرفون جيداً أكثر من غيرهم، أنها كارثية النتائج على أهل البلاد. وكما هو الحال في الحروب، فكما أن هناك متضررين فإن هناك أيضاً مستفيدين. في الحروب الأهلية المستفيدون في العادة هم ممن يتربصون بالبلاد من أعداء، أو ممن يتأهبون للانقضاض على ثرواتها.

وهؤلاء وأولئك ليس من مصلحتهم توقف الحرب، لذلك يعملون على استمرارها من خلال تزويد الأطراف المتحاربة بالمؤن والسلاح والوقود والذخائر.

الجنرالان المتخاصمان، حتى هذه الساعة، يرفضان بعناد دعوات وقف الحرب والتفاوض. وكلاهما يصرُّ على مواصلتها حتى تحقيق النصر النهائي. وهذا يعني حرفياً أن السودان، قد يبقى يعاني من ويلات الحرب والموت والدمار لسنوات مقبلة. والسؤال: ما الجدوى من تحقيق نصر عسكري، يفضي إلى تدمير السودان وتفريغه من أهله؟ إن تجارب الحروب الأهلية، تؤكد أنه لن يخرج منتصراً من حرب السودان إلا أعداؤه.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان في العام الثاني من الحرب السودان في العام الثاني من الحرب



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 09:50 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

تعليق غريب من محمد فؤاد حول حفله بالكويت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab