بريطانيا أزمة المحافظين تزداد حدةً

بريطانيا: أزمة المحافظين تزداد حدةً

بريطانيا: أزمة المحافظين تزداد حدةً

 العرب اليوم -

بريطانيا أزمة المحافظين تزداد حدةً

بقلم - جمعة بوكليب

الأزمة الطاحنة في حزب المحافظين البريطاني الحاكم ليست وليدة اليوم، بل قديمة، وتعود إلى السنوات الأخيرة في فترة زعامة السيدة مارغريت ثاتشر. ورئيس الحكومة الحالي السيد ريشي سوناك ورثها كما ورثها مَن سبقوه. وحكايتها لا تختلف عن حكاية علبة صفيح أُلقيت في منتصف طريق عام، وصار كل مَن يمر بالطريق يركلها بقدمه، من دون أن يجرؤ أحد على التقاطها ووضعها في صندوق قمامة. الأزمة التي وقع في أوحالها السيد سوناك، سببها الصراع المحتد بين تيارين في الحزب: اليمين المتشدد واليمين المعتدل. وهي موثقة جيداً لكل المتابعين للتطورات على الساحة البريطانية. هذا من جهة.

من جهة أخرى، يمكن القول إن الأزمة المذكورة أعلاه، ربما تشبه، إلى حد ما، نظيرتها التي عصفت بحزب العمال، خلال فترة حكم السيدة مارغريت ثاتشر نفسها في الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي. وجه الشبه أن الصراع في الحزبين تمحور على أرض نزاع حول الهوّية السياسية للحزبين.

في حالة حزب العمال كان الصراع بين اليسار المتشدد واليسار المعتدل. زعيم الحزب الأسبق السيد نيل كينوك تمكّن من حسم الصراع نهائياً لصالح المعتدلين. وحين وصل توني بلير إلى كرسي الزعامة عام 1994، لم يجد صعوبة في تشكيل هوّية الحزب وفق رؤيته ومن معه. وكانت نقطة الانطلاق بحرمان الاتحادات العمالية من أصوات الكتلة التي منحت قادتها امتياز ترجيح كفة كل من تقف معه في اختيار زعامات الحزب ورسم سياساته. النقطة الثانية كانت بتغيير الاسم من «حزب العمال» إلى «حزب العمال الجديد». وفي الحقيقة، لم يكن مجرد تغيير في الاسم، بل في الاتجاه والتوجه والروح، كما تبين واتضح فيما بعد.

الأزمة في حزب المحافظين تزداد حدة، لعدم قدرة زعمائه منذ فترة حكم جون ميجور إلى الآن، على توحيد الصفوف وراءهم، والعودة بالحزب إلى أرضه التي انطلق منها. الانقسام في الحزب كان وراء واحدة من أشد الهزائم الانتخابية التي عرفها المحافظون في عام 1997. تلك الهزيمة ركنت المحافظين على مقاعد المعارضة حتى عام 2010. الملاحظ، أن الأحزاب التي تخسر الانتخابات والحكم، عادة ما تستغل فترة وجودها في المعارضة في إعادة تنظيم صفوفها، وشحذ قواها، على أمل، وبهدف، محاولة تجاوز الأسباب والصراعات التي أدت إلى خروجها من الحكم، واستعادة ثقة الناخبين. وهذا، في نظري، ما لم يفعله المحافظون. ذلك أن تيار اليمين المتشدد، المعروف بمناوئته لوجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ازداد عدداً وقوة. وظل مثل خنجر في خاصرة كل زعيم جديد. حالياً، الانتخابات البرلمانية على الأبواب. المعلقون يقولون إنها ستكون في فصل الخريف المقبل. وكبار المسؤولين في حزب العمال يعتقدون بأنها ستكون في شهر مايو (أيار) المقبل، في تزامن مع الانتخابات المحلية، وأنهم على استعداد لها. وكل الدلائل والمؤشرات تسير وتؤشر في اتجاه واحد: خسارة حزب المحافظين. ورغم ذلك، لم يتعظ المحافظون، وبدلاً من السعي إلى وقف الحرب الانقسامية داخل الحزب، والتركيز على توحيد الصفوف وراء سوناك، فإنهم أخفقوا في تنفيذ تلك المهمة، وكأن شبح الهزيمة المقبلة أفقدهم الرشد. فإذا بنا نسمع ونقرأ في وسائل الإعلام عن سعي بعض النواب إلى سحب البساط من تحت قدمي سوناك قبل عقد الانتخابات. وأغلبهم يرفضون الفكرة، ويرون ضرورة تأجيل الانقلاب إلى ما بعد حدوث الهزيمة الانتخابية.

المعلقون يرون أن الدعوة الرامية إلى تغيير سوناك قبل الانتخابات تمثل انتحاراً سياسياً. ربما لذلك السبب، اضطرت أصوات كثيرة إلى التزام الصمت. لكن انسحابها المؤقت، أتاح الفرصة أمام أصوات أخرى ترى أنه لا مفرّ من الهزيمة في الانتخابات المقبلة. وكل ما يمكن فعله حالياً هو العمل على تخفيفها كي لا تكون مماثلة لما حدث عام 1997. أصحاب هذه الدعوة هم من المنادين بضرورة انتهاز فرصة سنوات وجود الحزب في المعارضة لإعادة رسم خط سير الحزب، وفقاً لبرنامج سياسي، يأخذ في اعتباره التغيرات التي طرأت في بريطانيا، وفي أوروبا وأميركا.

ومن الممكن القول، نظرياً على الأقل، إن وصول المرشح الجمهوري الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهو متوقع جداً، سوف يزيد في حظوظ التيار اليميني المتشدد في حزب المحافظين ويعزز من قبضته على الحزب. هذا مشروط بتمكن نواب هذا التيار من المحافظة على مقاعدهم البرلمانية في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

التقارير الإعلامية واستبيانات الرأي العام مؤخراً تشير إلى أن حظوظ نواب التيار اليميني المتشدد في الحزب لن تكون جيدة في الانتخابات المقبلة. وأن أغلبهم سيفقدون مقاعدهم. وأن أغلبية النواب المحافظين في الدورة البرلمانية لما بعد الانتخابات سيكونون من تيار يمين الوسط. مما يعني أيضاً أن كرسي الزعامة سيكون من نصيبهم، وليس من نصيب الشعبويين. وهذا، في حالة حدوثه، سيمنح المعتدلين في الحزب فرصة لإعادة تصحيح مسار الحزب والعودة به إلى الاعتدال وتصميم خريطة طريق سياسية لما سيأتي من أعوام.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريطانيا أزمة المحافظين تزداد حدةً بريطانيا أزمة المحافظين تزداد حدةً



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab