لعنة العسكر ومستقبل السودان

لعنة العسكر ومستقبل السودان

لعنة العسكر ومستقبل السودان

 العرب اليوم -

لعنة العسكر ومستقبل السودان

بقلم - جمعة بوكليب

حين يكون الحديث عن وطن، فإنه يعني علاقة انتماء شعب أو أمة إلى بقعة جغرافية محددة، تجمعهم، ويتشاركون في تاريخ ولغة ودين وتقاليد وعادات وآمال مستقبلية.

وفي حكم المتعارف عليه، فإن الدفاع عن الوطن فرض وجوب، وهو أيضاً حق مشروع على القادرين من مواطنيه في آن معاً. فهو واجب، لأنه يلزم الفرد من مواطنيه التضحية بالغالي والنفيس ضد من تسوّل له نفسه الاعتداء عليه، وبهدف أن يعيش حراً من أغلال الاستعباد وأصفاده. وهو حقٌ، لأن الانتماء إلى وطن يمنح بالضرورة مواطنيه حقوقاً، ومن ضمنها، وفي مقدمتها، يبرز الحق في الدفاع عنه.

إلا أن واجب أو حق الدفاع عن وطن، مثل غيرها من الواجبات والحقوق الأخرى، كثيراً ما تكون عرضة، في كثير من الأوطان، إلى التضييق أو التغيير. فتصير الواجبات، وما يترتب عليها قانوناً من عقوبات إزاء التهاون في أدائها، حكراً على فئات كثيرة من الشعب أو الأمة. وتصبح الحقوق، وما يترتب عليها من امتيازات، حكراً على فئة صغيرة.

وما دعاني للحديث عن هذا الموضوع، هو أنني، في الأسبوع الماضي، من خلال متابعتي لأخبار جريمة الحرب الدائرة في السودان بين قادة الجيش و«قوات الردع السريع»، لفت انتباهي خبر يتناول دعوة وجّهها الجنرال عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، عبر القنوات التلفزية، إلى الشباب السوداني بالمسارعة بالتطوع في الجيش للدفاع عن الوطن!!

تلك الدعوة تستدعي بالضرورة سؤالاً؛ عن أي وطن كان الجنرال البرهان يتحدث، ويطلب من الشباب المسارعة إلى الدفاع عنه؟ هل كان، مثلاً، يقصد بالوطن، السودان الذي كان يتقاسم حكمه منافسه وعدوه في آن الجنرال حميدتي، أم كان يقصد بالوطن، السودان الذي كان الشباب السوداني يتعرضون إلى الموت في سبيله، في شوارع العاصمة الخرطوم، برصاص الجيش و«قوات الردع السريع» معاً، في الأيام السابقة للحرب، وهم يطالبون بالعودة إلى الحكم المدني والديمقراطية؟

هل نلوم ذاكرة الجنرال عبد الفتاح البرهان في قدرتها على محو جرائم القتل تلك التي ارتكبتها قواته بالمشاركة مع قوات شريكه سابقاً ضد الشباب السوداني، عقب انقلابهما الفجائي على الحكومة المدنية، وفرض الحكم العسكري مجدداً؟

ولماذا، وبأي منطق، يسارع شباب في مقتبل العمر، إلى التضحية بحيواتهم بالتطوع في قوات جيش وقوات ميليشوية كانوا يوجهون رصاص بنادقهم إليهم في شوارع الخرطوم، لا لشيء إلا لاحتجاجهم سلمياً ضد تواصل الحكم العسكري، ولمطالبتهم سلمياً بخروج العسكر إلى معسكراتهم، وإجراء انتخابات ديمقراطية؟

لعنة حكم الجنرالات لعنة قديمة في السودان، بدأها الفريق إبراهيم عبود، مروراً بحكم الجنرال جعفر النميري، والجنرال البشير، ووصولاً إلى الجنرال البرهان وحليفه سابقاً، وعدوه حاضراً، الجنرال حميدتي. تلك اللعنة أعاقت نموه منذ بداية الاستقلال، وقادته نحو طرق المهالك، وأدت إلى تقسميه، وحرمته من نعمة الاستقرار والازدهار. وها هي تقوده الآن نحو هاوية الدمار، وتحوّل شعبه إلى قوافل من نازحين ومشردين ومهاجرين، وإلى جرحى وقتلى تحت الأنقاض، وتتيح فرصة تاريخية أمام أعدائه للانقضاض عليه، والتهامه.

متابعة أخبار الحرب الدائرة في شوارع وأحياء العاصمة السودانية وغيرها من المدن، في وسائل الإعلام، مدعاة للحزن والتأسي والألم. والذين أشعلوا نيرانها يعرفون مسبقاً نتائجها المأسوية، ومن سيدفع أثمانها المكلفة، إلا أنهم كعادتهم لا يبالون بالدمار وبالقتل، في سبيل الوصول إلى أهدافهم. كان الله في عون أهلنا وإخوتنا في السودان.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعنة العسكر ومستقبل السودان لعنة العسكر ومستقبل السودان



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab