ليبيا مَحلّكْ سِرْ

ليبيا... مَحلّكْ سِرْ

ليبيا... مَحلّكْ سِرْ

 العرب اليوم -

ليبيا مَحلّكْ سِرْ

بقلم:جمعة بوكليب

انتهت تونس من انتخاباتها الرئاسية مؤخراً من دون ضجيج. وقبلها فعلت الجزائر. إلا أنّ حمار الشيخ، المشهور في التراث الشعبي العربي، ما زال واقفاً مسمّراً بمسامير من قوائمه الأربع في مكانه، غير قادر على إكمال مسيره، وتجاوُز العقبة التي واجهته عند الحدود مع تونس، والوصول إلى ليبيا.

تبدو العاصمة طرابلس للزائر والغريب، مدينة من طراز مختلف عن غيرها من مدن العالم، كونها تزخر بالمتناقضات. فهي أقرب ما تكون إلى مدينة تدور حول نفسها في مكان واحد، بدل أن تتحرك إلى الأمام، وتستحوذ على ما تستحقه تاريخياً من مكانة بين مدن العالم، رغم أنها تتموضع في موقع متقدم في قائمة الدول العتيقة، بجذور ضاربة في التاريخ.

ليبيا بلدٌ قد يُذكر الزائر، خلال السنوات الأخيرة، بحكاية ذلك الغراب الغبي الذي حاول تقليد مشية الحمامة فنسي مشيته، وصار يتقافز في مشية غريبة تميّزه عن سائر الطيور. فهي جغرافياً على بُعد مسافة قصيرة من المركز الأوروبي، إلا أنّها ظلت دوماً تستريب في كل من يأتيها من الضفة الشمالية المقابلة، ولم تنسَ مطلقاً ما فعلوه بها في مختلف الحقب، ولكن من بعيد لا تُخفي إعجابها حدّ الانبهار. وفي الوقت ذاته، تعلمت أن تنظر إلى ما وراء الصحراء نظرة ازدراء، رغم أنها لم ينلها سوءٌ مطلقاً من جيرانها الأفارقة. وهي مع كل مئذنة جديدة، تتوطد في الأرض، وترتفع عالياً نحو السماء ترسيخاً لهوّيتها الإسلامية التاريخية، وعلامة على تدينّها، تزداد قدماها غوصاً في المستنقع المادي الدنيوي. إذ كلما امتلأت قاعات مساجدها بالعابدين، تزداد أعداد المحتالين والنصابين واللصوص ومهربي المخدرات والبشر في أسواقها.

ليبيا حالياً، وصلت سياسياً إلى ما يمكن أن يطلق عليه «السير في المكان». فالزمن يتحرك للأمام، ومعه تتحرك الدنيا وأهلها. لكنَّ العملية السياسية في البلاد لم تتمكن بعد من الخروج من عنق الزجاجة. الأسباب معروفة بالطبع. ذلك أنَّ مَن تآمروا على إدخالها في هاوية الفوضى السياسية، منذ فبراير (شباط) 2011، باستحواذهم على مقاليد الأمور، ما زالوا متخندقين في أماكنهم، يرفضون التنحي، ويحرصون على استمرارية ما عُرف باسم فرض الأمر الواقع، بوضع العصيّ في الدولايب. إذ كلما بدأت تظهر مؤشرات على إمكانية تجاوز العقبة، وفتح الطريق أمام عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية، تشتعل بغتة نيران الحرب. الشرارة تأتي من أي جهة، وتنقلب الأمور رأساً على عقب. ثم تنتهي الحرب، وتُطفأ النيران، لكنَّ مجرى الحوار السابق لها، يتحول من السعي إلى خلخلة الحواجز السياسية أمام عقد الانتخابات إلى مجرى مختلف، ويدخل الجميع في مجرى آخر، يدور حول ضرورة عقد مفاوضات برفع الحواجز المسلحة من الطرقات، والسماح بعودة الحياة.

وفي طرابلس، تبدو الحياة عادية للزائر. يمارس سكانها حيواتهم، وتعمر مقاهيها بالرواد إلى ساعات متأخرة في الليل، وتختنق شوارعها بازدحام السيارات، والمصارف، الحكومية والخاصة، تخلو خزائنها من السيولة النقدية، لكنّ الناس تعودوا على ذلك ولم يعد يشغلهم شاغل سوى الوقاية من ويلات اشتعال حرب أخرى بين جماعاتها المسلحة. وهذا ربما يترك لدى الزائر انطباعاً مفاده أن الناس في وادٍ، والساسة والقادة في وادٍ آخر. وما ينطبق على العاصمة طرابلس يكاد ينطبق على بقية مدن الجهة الغربية من ليبيا. أما الجهة الشرقية، فإنها في منأى عن هذا الخوف تحديداً، وليس من الخوف عموماً. فالسلام والاستقرار لا يأتيان مجاناً، من دون دفع أثمان!

قضيت أسبوعاً كاملاً في طرابلس، ولم أسمع، ولو صدفة أو عرضاً، حديثاً عن عقد انتخابات. وسائل الإعلام المحلية، سواء المقروء منها أم المرئي، تنشغل بأمور كثيرة، ليس من ضمنها الانتخابات. ويظل موضوع تقلبات أسعار الدولار في السوق السوداء أهم شاغل لكل الليبيين والليبيات. ومن الواضح أن حلّ أزمة مصرف ليبيا المركزي بالاتفاق على تعيين محافظ جديد، لم تؤدِّ كما كان متوقعاً إلى انفراجة عامة، برفع سعر الضريبة الزائدة على سعر بيع الدولار في المصارف. وما حدث هو أن رئيس البرلمان فاقد الصلاحية، أصدر قراراً مؤخراً، بتخفيض قيمتها من 27 في المائة إلى 20 في المائة، مما تسبب في موجة إحباط عامة لا تَخفى.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا مَحلّكْ سِرْ ليبيا مَحلّكْ سِرْ



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab