أوروبا والقاموس الدبلوماسي

أوروبا والقاموس الدبلوماسي

أوروبا والقاموس الدبلوماسي

 العرب اليوم -

أوروبا والقاموس الدبلوماسي

بقلم:جمعة بوكليب

ما أطلقتْ عليه وسائلُ الإعلام الأميركية، والغربية عموماً، اسم «فضيحة سيغنال» وما كشفته من اختراقات أمنية على أعلى مستوى في الإدارة الأميركية، والضجة التي أثارتها وانعكاساتها السياسية والأمنية، سواء على المستوى الأمني الأميركي أو على مستوى التعاون الاستخباراتي الأمني مع الحلفاء الأوروبيين، ليس من السهل تجاوزها، أو التقليل من شأنها بالإدلاء بتصريحات، أو إصدار بيانات عبر ناطقين رسميين. الخرق تجاوز كل الخطوط الحمراء.

هناكَ خللٌ واضحٌ في الإدارة الأميركية الحالية ذو صلة بالسؤال حول مدى مهنية أفراد وشخصيات الدائرة الأولى المحيطة بالرئيس ترمب في البيت الأبيض. الرسائل المتبادلة عبر موقع إلكتروني غير مؤمّن، وممكن اختراقه، وغير رسمي، توضح مدى حجم وخطورة الخرق البروتوكولي المخالف للوائح المنظمة للاتصالات الرسمية. وبالتأكيد، تعيد الحادثة للأذهان ما حدث في انتخابات 2016 الرئاسية، حين أدان المرشح الجمهوري آنذاك دونالد ترمب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بتهمة الإهمال واللجوء إلى استخدام بريدها الإلكتروني الخاص في مراسلات رسمية، والتعهّد بسجنها في حالة نجاحه في الانتخابات.

الحكايةُ معروفة، وليست في حاجة إلى إعادة سرد، ويكفي التذكير بأنها السبب وراء هزيمة كلينتون في الانتخابات، كما يؤكد أغلب المعلقين والمحللين.

خطورةُ الخرق الأمني الأخير أدّى بالضرورة إلى استقطاب اهتمام أغلب المعلقين والسياسيين، على حساب مسألة أخرى وردت في الرسائل المتبادلة والمنشورة بين أعضاء الفريق الأميركي، متمثلة بوضوح في مشاعر المقت والازدراء التي أظهروها نحو حلفائهم الأوروبيين بوضوح، واعتبارهم كائنات طفيلية. الأمر الذي يفسّر، إلى حدّ بعيد، العديد من تصريحات وقرارات الرئيس ترمب، خاصة المتعلق منها بانتقاداته للحلفاء في حلف «الناتو»، وموقفه المخالف لأوروبا فيما يتعلق بالموقف من روسيا، والموقف من أوكرانيا، ودوافعه وراء فرض زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الأوروبية إلى أميركا. وبات واضحاً أن أميركا وحلفاءها الأوروبيين يسيرون في اتجاهين متعاكسين الآن.

في إحدى الرسائل المتبادلة والمنشورة، يعلق نائب الرئيس جي دي فانس على الغارة بقوله إنه يكره إنقاذ الأوروبيين مرّة ثانية. ويضيف أن الغارات الأميركية على مواقع الحوثيين في اليمن مفيدة للأوروبيين وليس لأميركا. ويتلقى رداً من وزير الدفاع بيت هيغسيت يقول فيه إنّه يشاركه ازدراء الأوروبيين. وفي نفس السياق، يتدخل عضو آخر في الفريق ويقول صراحة إن على أوروبا تعويض أميركا عن العملية الجوّية.

إلا أن هذا لا ينفي حقيقة مهمة، وهي أن التطرق إلى التعويض المالي عن العملية يبدو نشازاً عالياً؛ لأن واشنطن، حسب آراء المعلقين، لم تتلقَّ طلباً من أوروبا للقيام بالعملية.

ورغم قِصر مدّة وجوده في البيت الأبيض، فإن الرئيس ترمب وأعضاء فريقه الاستشاري والوزاري يسيرون في خط معاكس بوضوح للخط الأوروبي، وبأجندة سياسية لا يصعب تبيّن اختلافها، ناجمة عن اتخاذ إدارة الرئيس ترمب طريقاً مخالفاً لما انتهجه رؤساء أميركا السابقون، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، في العلاقة بأوروبا.

في تصريح موثّق بالصوت والصورة، قال الرئيس ترمب بوضوح إنّه لا يتوقع من الحلفاء الأوروبيين نجدة أميركا في حالة تعرضها لاعتداء، وذكر فرنسا بالاسم، مضيفاً أن هناك بلدين آخرين يحجم عن ذكرهما. وفي نفس السياق، من الممكن التذكير بما قاله نائب الرئيس جي دي فانس إلى المؤتمرين في مؤتمر الأمن الأوروبي بميونيخ. وكذلك تصريحه مؤخراً في جزيرة غرينلاند ضد الدنمارك، مندداً بتقصيرها في الاهتمام بالجزيرة وبأهلها، وتأكيده أن أميركا قادرة على إحداث تغييرات إيجابية للجزيرة وللسكان كفيلة بجعل الحياة أفضل. وقد يؤخذ التصريح على أنه يتسق والأجندة الأميركية المعلنة للاستحواذ على الجزيرة، إلا أنّه، في ذات الوقت، يفصح عن عمق مشاعر الازدراء الأميركية نحو الحلفاء الأوروبيين، وانتهاز كل فرصة تتاح للنيل منهم، والحط من قدرهم.

ومن دون شك، يدرك الحلفاء الأوروبيون تلك المشاعر الأميركية، ويحاولون بالصمت أو بالدبلوماسية امتصاص ما يصدره المسؤولون الأميركيون من تصريحات عدائية من دون مواربة ضدهم، إلا أنّهم، واقعياً وفعلياً، عاجزون عن الرد، خشية من رد الفعل. ولذلك السبب، صاروا مؤخراً يرجعون بكثرة إلى استخدام القاموس الدبلوماسي، لاختيار أكثر مفرداته ليونة ومرونة إن اضطروا للرد.

 

arabstoday

GMT 08:37 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

الصّواريخ المعلومة

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

سوريا استعادت “مفتيها”: ماذا عن دولة الأكثريّة؟

GMT 08:28 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

ترامب وبايدن: إدارتان تتقاسمان مآزق المنطقة

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

صرخة غزّة... في وجه «حماس» ونتنياهو

GMT 08:16 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

صلاة الفجر في مكة

GMT 08:10 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

جلسة «مقيل» أميركي في صعدة

GMT 08:08 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

غرينلاند في منظور الأمن الأميركي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا والقاموس الدبلوماسي أوروبا والقاموس الدبلوماسي



نجمات الموضة يتألقن بأزياء شرقية تجمع بين الأناقة والرقي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:02 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

أفكار لديكور حفلات الزفاف في ربيع وصيف 2025
 العرب اليوم - أفكار لديكور حفلات الزفاف في ربيع وصيف 2025

GMT 10:35 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

وفاء عامر تكشف كواليس جديدة في "جودر"
 العرب اليوم - وفاء عامر تكشف كواليس جديدة في "جودر"

GMT 03:19 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

نتنياهو وإسرائيل... مَن يحدد مصير الآخر؟

GMT 03:24 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

أهل غزة ضد الحرب

GMT 03:26 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي واغتيال الخيال

GMT 03:28 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

رمي السلاح

GMT 03:16 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

أوروبا والقاموس الدبلوماسي

GMT 02:59 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

أعمدة أسفل هرم خفرع!

GMT 02:56 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

هدايا حماس السبع!!

GMT 03:01 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

من الذى فعلها فى (لام شمسية)؟!

GMT 03:14 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

حقل كركوك... إعادة تطويره في مئويته

GMT 02:38 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

فى حب الوطن

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

فى ذكرى جلال الشرقاوى

GMT 02:36 2025 الثلاثاء ,01 إبريل / نيسان

كبوة د. خالد عبدالغفار!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab