ليبيا لعبة تدوير الأوهام

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

 العرب اليوم -

ليبيا لعبة تدوير الأوهام

بقلم : جمعة بوكليب

 

الضحكُ على الذقون ليس متاحاً إلا للدُّهاة من الناس. وأصحابه دهاقنة يكيدون للناس، بالمخاتلة والاحتيال والكذب والتضليل، حتى يحققوا مآربهم. وهم مثلهم مثلُ من يفرش بَسطة على شاطئ بحر بنيّة بيع الريح للمراكب.

في هذا الخضم تخطر ببالنا اجتماعات بوزنيقة في المغرب. وهي، في جوهرها، وَهْمٌ يتمُّ تدويره وبيعه لليبيين، بهدف إحباط أي محاولة للخروج من النفق المعتم الذي يعيش حبيساً داخله 6 ملايين مواطن.

أصحاب ذلك الوهم، بدلاً من أن يفيقوا للأمر، ويحتاطوا له بالسعي، إلى اختراع حيل وألاعيب جديدة مقنعة، ما زالوا يصرون على تكرار نفس اللعبة المملة، وبنفس الممثلين، وعلى نفس الخشبة. رئيسا مجلسي النواب والدولة، فاقدا الصلاحية والشرعية، رفقة جوقة المتواطئين معهما، يتولون بهمة ونشاط القيام بالمهمة.

الحكايةُ من آخرها، وباختصار، هي أنّه كلما تولّت وسائل الإعلام نقل أخبار تتعلق بمشاورات ومباحثات ولقاءات تجري حول عقد انتخابات رئاسية ونيابية، من قبل مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة، يسارع المسؤولون، شرقاً وغرباً، إلى الكواليس، ويبدأون في نسج الخيوط لوضع العصي في الدواليب.

العادةُ جرتْ أن يظهروا فجأة في وسائل الإعلام، يعقدون اجتماعات في بوزنيقة تستمر عدة أيام، وتنتهي بإخراج المحاضر القديمة ونشرها بتواريخ جديدة. اللقاءات تلك، يحرص أصحابها على عقدها في نفس المكان والصالة. وبالإمكان اختيار أي صورة قديمة، من تلك اللقاءات لترافق الخبر؛ لأن المفاوضين هم أنفسهم لم يتغير منهم أحد. اللافت للاهتمام أن نتائج تلك الاجتماعات تُقبر في الأدراج بمجرد تحقيق الهدف منها، وتكون جاهزة للاستخدام في اللقاء المقبل.

الآن، وقد حَظيتْ، في الأسبوع الماضي، مبادرة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بموافقة مجلس الأمن الدولي، وبدأت السيدة ستيفاني خوري الإعداد لوضع النقاط فوق الحروف عملياً، بدأتْ تحركاتُ المجلسين بسرعة لافتة. وتولّت القنوات التلفزيونية المحلية نقل صور لأعضاء من المجلسين يتفاوضون في الصالة نفسها، في الفندق نفسه، في بوزنيقة. المختلف هذه المرّة، هو أنهم، ولكي يسبكوا نسج الخيوط، أضافوا إلى السيناريو تفاصيل أخرى؛ إذ خرجوا علينا بتعيين ست لجان لمعالجة قضايا لا علاقة لها بالانتخابات.

لنكن واقعيين ونعترف بأن الانتخابات في ليبيا لن ترى النور؛ ذلك أن كل المحاولات التي جرت على أمل عقدها تقف في عقبة واحدة لا غير. العقبة تتمثل في رفض الإسلاميين في المنطقة الغربية القبول بدخول المشير خليفة حفتر الانتخابات إلا بعد التخلّي عن جنسيته الأميركية، وتقديم استقالته من منصبه في الجيش. والمشير بدوره يرفض ذلك. وأفضى هذا إلى استمرار دوران ثور الساقية مغمض العينين، في المكان نفسه.

لنكن واقعيين ونقرَّ عَلناً أن الانتخابات في ليبيا لن تُعقد، وأن المبعوثة الأممية الحالية تحرث في ماء بحر أُجاج، كما فعل من سبقوها. والسبب أن لا أحد من الممسكين بمقاليد الأمور، في غرب ليبيا أو في شرقها، يرغب في إحداث تغيير.

الأخبارُ هذه الأيام تتحدث عن الرغبة في تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، بمهمة واحدة وهي العمل على إجراء انتخابات. المقصود من هذا إبعاد رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة. والأخير جاء إلى الحكم بشرط العمل على إجراء انتخابات خلال عام واحد. وها نحن في العام الرابع أو الخامس ولم يغادر المنصب، أو تُعقد انتخابات، وبدلاً من ذلك تشكلت حكومة ثانية في شرق البلاد!

رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة قال بصريح العبارة إنّه لن يسلم مقاليد الحكم إلا إلى حكومة منتخبة. ويصرُّ على عقد استفتاء على مسوّدة الدستور غير المنتهية نتيجة خلافات بين أعضاء لجنة وضع الدستور. هذا التشابك والتعقيد لم يأتِ عفواً، بل مصمم بدهاء ومكر، يجعل من المستحيل تقريباً، التخلص من اللاعبين المسيطرين على مجرى الأحداث.

اللعبة لم تعد تنطلي على أحد. ورئيسا مجلسي النواب والدولة يصران، في كل عام، على تكرارها، بالذهاب شخصياً، أو بترشيح من يمثلونهما، إلى بوزنيقة في المغرب. وفي العادة، واستكمالاً للسيناريو، يتزامن ذلك بقيام الجماعات المسلحة في غرب البلاد بالدخول في مناوشات عسكرية، تؤدي في أغلب الأحوال إلى قتال بينهم في شوارع المدن. وكل ذلك يتم بهدف تخريب أي محاولة للخروج من النفق الحالي. والنتيجة: تواصل وقوف حمار الشيخ في العقبة.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

GMT 03:36 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا لعبة تدوير الأوهام ليبيا لعبة تدوير الأوهام



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab