ليبيا ما يشبه عودة الروح

ليبيا: ما يشبه عودة الروح

ليبيا: ما يشبه عودة الروح

 العرب اليوم -

ليبيا ما يشبه عودة الروح

بقلم - جمعة بوكليب

يوم الأحد الماضي قد يُعدُّ استثنائياً بكل المقاييس، مقارنةً بما سبقه من أيام، لكل من تعوّد، أولاً بأول، رصد ومتابعة ما يُنشر من أخبار وتطورات سياسية وعسكرية، على مواقع على وسائل التواصل الاجتماعي الليبية، خصوصاً من كانوا مثلي، ووُجدوا على مسافة بعيدة من ليبيا جغرافياً.
في الفترة الصباحية، بدأت تلك المواقع تتناول الحديث عن آخر التطورات في أخبار العاصمة، التي شهدت في الأيام الأخيرة مواجهة عسكرية ساخنة، بعد فترة هدوء، أتاحت لسكان المدينة تنفس الصعداء، والعودة إلى ممارسة روتينهم الحياتي. إلاّ أن الاشتباكات الأخيرة أعادت التوتر إلى المدينة، وأعادت معه الخوف إلى القلوب. نسبة التوتر ازدادت عُلواً لدى تسارع الأخبار عن اشتباكات مسلحة أخرى تلتها مباشرة، في مدينة الزاوية، على بُعد 40 كيلومتراً غرب طرابلس.

أهم الأخبار، في تلك الفترة الأولى، كان قيام مجموعة مسلحة، وُصفتْ بأنها مجهولة الهويّة، بالهجوم على مقر جهاز الأمن الخارجي في طرابلس، وسرقة ملفات أمنية سرّية، قيل إنها ذات صلة بشخصيات سياسية وعسكرية على الساحة. وبعضها، حسب الأقاويل، يتعلق بأمن دول مجاورة، وقيام الأجهزة الأمنية بمطاردة الفاعلين المجهولين، بهدف استرداد الملفات المسروقة. تعددت الجهات التي كانت محط استقطاب أصابع الاتهام. لكن هناك شبه اتفاق، في تلك المواقع، على أن الفاعلين على علم ومعرفة بما تحتويه الملفات، وعلى دراية بأماكن وجودها، وأنهم اتجهوا، بعد الاقتحام مباشرةً، نحوها، ولم يتعرضوا لما عداها!
عقب ساعات قليلة، بدأت تتسرب أخبار عن سماع أصوات إطلاق نار بالقرب من مقر رئيس الحكومة في طرابلس. ولم يمضِ سوى وقت قصير حتى سرى الخبر إلى كل المواقع. أغلب التكهنات تمحورت حول سؤال يتعلق بمكان وجود رئيس الحكومة السيد عبد الحميد الدبيبة وقت الاشتباكات. وتبيّن فيما بعد أن الاشتباكات ليست ناجمة عن هجوم على مقر رئيس الحكومة، بل داخلية، نشبت بين أفراد كتيبة الحراسة بالمقر، نتيجة خلاف على تقسيم مكافآت مالية مُنحت للكتيبة، مقابل ما قامت به من جهود في الدفاع عن الحكومة ورئيسها، خلال الاشتباكات التي حدثت في الأيام السابقة.
في المساء، ومن دون سابق إنذار، انقلبت الأمور في تلك المواقع بواقع 180 درجة، عقب دقائق قليلة من إعلان نتيجة جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، وتأكد فوز كاتب شاب ليبي، اسمه محمد النعاس، بالجائزة. بقدرة قادر، اختفى خطاب الكراهية والبذاءة، وذاب دعاة الانفصال والتقسيم مثل فص ملح في كوب ماء، وتحولت تلك المواقع إلى حالة هستيرية من فرح وبهجة وسرور. وبدأت صور الكاتب الشاب تستحوذ على العناوين في تلك المواقع، مرفوقة بصورة غلاف روايته الفائزة، وتتوالى التهاني والتبريكات من مختلف مناطق البلاد، وبدا الأمر كأن ليبيا فازت بكأس العالم في كرة القدم، أو بالأحرى، كأن روحاً مغيّبة قسراً عادت فجأة، وأعادت في لحظات قصيرة توحيد قلوب الليبيين. وأنا على ثقة بأن أكثر من 95 في المائة من المهنئين لم يعرفوا محمد النعاس، ولم يسمعوا باسمه من قبل، وربما أغلبهم لم يقرأ رواية في كل حياته. لكن خبر فوز ليبي مثلهم نزل على قلوبهم برداً وسلاماً، وأحيا فيها أملاً كان محتضَراً، وأعاد إليهم الفخر بهويّتهم الليبية التي تضمهم، وكادوا، خلال أيام الاشتباكات الأخيرة وما قبلها يكفرون بها بسبب ما تعرضوا له من معاناة في الأعوام الماضية. ولو صدف ووجد الكاتب الشاب بينهم تلك اللحظات، لكانوا رفعوه فوق الأكتاف، وطافوا به شوارع كل المدن الليبية.
والحقيقة أن خبر فوز الكاتب الليبي محمد النعاس كان استثنائياً. أولاً، لأنها المرّة الأولى التي يحظى فيها كاتب ليبي بهذه الجائزة الأدبية، رغم أن القائمة الطويلة للجائزة، في الأعوام الماضية، شملت أسماء ليبية كثيرة من الجنسين، ولم يدخل القائمة القصيرة منهم إلا كاتبة ليبية اسمها نجوى بن شتوان عام 2016. وثانياً، أن اسم ليبيا، كلما ظهر في وسائل الإعلام العربية والعالمية، في أغلب الأحوال، لا يأتي مرفوقاً إلا بأخبار الحرب والقتل والدمار والإرهاب، وكأن ليبيا على خصومة دائمة مع الأخبار السارة والمفرحة.
وأذكر أن كاتباً ليبياً اسمه هشام مطر، فاز في عام 2017 بجائزة البوليتزر العالمية، عن كتابه المعنون «العودة»، وسعى كثير من الليبيين وغيرهم إلى التقليل من شأن ذلك الإنجاز الأدبي العالمي، من خلال الهمز واللمز، أو التصريح العلني، بكون الكاتب يعيش خارج ليبيا، ويكتب بغير اللغة العربية. وتجاهلوا الإشارة إلى حقيقة مهمة، وهي أن هشام مطر، هو ابن المناضل الوطني جاب الله مطر. وأن كل ما كتبه هشام وصدر منشوراً وحظي بالانتشار والترجمة بعدة لغات، كان يتمحور حول بلده ليبيا، ومأساته الشخصية بفقدان والده المناضل، ومعاناة عائلته طيلة سنوات طويلة منذ اختطافه من النظام السابق وسجنه. ولم يعثر له على أثر حتى الآن. وعُدَّ في قائمة المفقودين.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا ما يشبه عودة الروح ليبيا ما يشبه عودة الروح



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab