بيان اجتماع القاهرة بين الليبيين لن يغير الأمور

بيان اجتماع القاهرة بين الليبيين لن يغير الأمور

بيان اجتماع القاهرة بين الليبيين لن يغير الأمور

 العرب اليوم -

بيان اجتماع القاهرة بين الليبيين لن يغير الأمور

بقلم:جمعة بوكليب

القارئ المُحنّك يجتهد في قراءة ما بين السطور. والأخبار، هذه الأيام، عن الأزمة الليبية بدأت تدريجياً تعود إلى الصفحات الإخبارية الداخلية، وهو أمر ليس مكروهاً، عملاً بالمثل الشعبي الليبي الذي يؤكد على أن: «البصص خير من العمى». ويقيناً أفضل من أخبار التحشيدات والتقاتل. آخرها، كان خبراً نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»، يوم الاثنين المنصرم، ويتمحور حول اجتماع عُقد في اليوم السابق في القاهرة، دعا له أمين الجامعة العربية السيد أحمد أبو الغيط كلاً من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة السيادي الدكتور محمد تكالة.

وقال البيان الختامي: اتفق الحاضرون «على وجوب تشكيل حكومة موحدة، تكون مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية، وتقديم الخدمات الضرورية للمواطن، بالإضافة إلى توحيد المناصب السيادية بما يضمن تفعيل دورها المنوط بها على مستوى الدولة الليبية».

وأضاف البيان: «واتفق الحاضرون على تشكيل لجنة فنية، خلال فترة زمنية محددة، للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة (6+6) المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة».

الملاحظة الأولية التي قد لا تفوت المتابع، هي الإشادة والترحيب بأي بادرة سلام ومن أي جهة تسعى بنية إلى إيجاد حل للأزمة الليبية، وليس لحساب تحقيق مصالح غير معلنة لكنها معروفة. وفي ذات الوقت، لن يتمكن من إخفاء استغرابه من الأسباب التي دعت الجامعة العربية إلى الالتفات والاهتمام بالأزمة الليبية، بعد سنوات من التجاهل الكلي، أو الاقتراب الخجول من مسافة بعيدة، وكأن ليبيا تقع جغرافياً في جزر «الواق واق»، وليست بلداً عربياً عضواً في الجامعة العربية. لكن كما يقول مثل إنجليزي مشهور: «أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي مطلقاً».

الملاحظة الثانية قد تجعله يبتسم بسخرية وبألم، وتتعلق بما أشار إليه البيان من حرص المجتمعين على تشكيل لجنة فنية للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق... إلخ. تلك الإضافة هي مربط الفرس في نظري؛ لأنها تأكيد على مواصلة وضع العربة أمام الحصان. هناك قاعدة بيروقراطية قديمة تقول: إذا أردت إجهاض أي مشروع أو خطة أو مقترح شكّل له لجنة. المشكلة هي في الخلافات حول التعديلات؛ كون كل طرف يريدها مفصّلة على مقاس مصالحه.

الملاحظة الثالثة، أن البيان الصادر عن الاجتماع قوبل بالصمت من قبل حكومة «الوحدة الوطنية» في طرابلس ونظيرتها في بنغازي. ولم يصدر عن الحكومتين أي بيان بالرفض أو بالترحيب. كما قوبل أيضاً بصمت مريب من كل عواصم الأطراف العربية والإقليمية والغربية ذات الصلة بالأزمة الليبية، وكأن الجميع في حالة انتظار لمن يبدأ بمبادرة الرد على مخرجات الاجتماع.

الملاحظة الرابعة، أن المجتمعين حول منضدة الاجتماع يدركون تمام الإدراك أنه ليس من المهم عقد الاجتماعات وإصدار البيانات، وأن المحك الحقيقي في التنفيذ. وأن لا أحد ممن يسيطرون على مقاليد الأمور على الأرض في كل أنحاء ليبيا سيقبل بالتخلي عن امتيازاته ونفوذه ومصالحه، ويهرول باتجاه قبول ما اتفق عليه المجتمعون في القاهرة.

الملاحظة الخامسة، أن ليبيا ذاهبة بعينين مفتوحتين إلى هوة التقسيم رسمياً؛ فهي حالياً مقسومة نصفين. وأن اجتماع القاهرة حدث، كما عُقد غيره في عواصم عربية وأوروبية، لاستحالة عقده في ليبيا، بسبب اشتداد حالة العداء والخصومة. وأن المستشار عقيلة صالح، وفقاً للوضع الراهن، لن يمكنه وضع قدم واحدة في طرابلس من دون حصوله على موافقة من يسيطرون على مقاليد الأمور بها، ولن يمكن كذلك للسيد تكالة حتى التفكير في الذهاب إلى بنغازي في ظل تدهور الأوضاع الحالية!

الاجتماعات التي تُعقد وتنفض في أماكن عدة، وما يصدر عنها من بيانات، هي في رأيي لا تساوي الحبر الذي كُتبت به، وكلها تقريباً تتشابه إلى حد بعيد مع البيان الأخير الصادر في القاهرة. والحقيقة التي لا مفر من مواجهتها، وإعادة التأكيد عليها مراراً، هي أن مفاتيح الأزمة الرئيسية ليست في طرابلس أو بنغازي أو فزان، بل في الخارج. وأن مهمة الوكلاء المحليين هي تنفيذ التعليمات. وأن المستحوذين على المفاتيح مشغولون بقضايا أخرى، والأزمة الليبية لا تشملها قوائم أولوياتهم، ولن يضيرهم استمرار الحالة الراهنة، أو تردي الأحوال المعيشية لليبيين، وانعدام الرعاية الصحية، وتدهور الوضع التعليمي، وانخفاض سعر الدينار الليبي أمام الدولار وغيره من العملات الأخرى.

الملاحظة السادسة والأخيرة، التأكيد على أن الملاحظات الخمس أعلاه شخصية، وكاتبها يعتقد أنه ليس الوحيد من يعتقد بذلك، بل إن كثيرين جداً من الوطنيين الليبيين يشاركونه الرأي ويتفقون معه. وأن حل الأزمة الليبية لا يأتي من أروقة الجامعة العربية أو أروقة الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي، أو من بروكسل. وأن السلام المنشود الذي يؤدي إلى استقرار ووحدة البلاد وهناء العباد ليس مستحيلاً، فقط لو خلصت النيات، وتقلّص حجم المطامع الشخصية.

 

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيان اجتماع القاهرة بين الليبيين لن يغير الأمور بيان اجتماع القاهرة بين الليبيين لن يغير الأمور



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 23:13 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة "ريز" في إيران

GMT 08:44 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشرى تكشف أولى مفاجآتها في العام الجديد

GMT 09:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

شهداء وجرحى في قصف متواصل على قطاع غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab