ليبيا ما الذي يحدث

ليبيا: ما الذي يحدث؟

ليبيا: ما الذي يحدث؟

 العرب اليوم -

ليبيا ما الذي يحدث

بقلم - جمعة بوكليب

القولُ إن «أهل مكة أدرى بشعابها» يتسق والمنطق العقلاني على وجه العموم. فالمرءُ منّا يتوقع من أهل بلد ما، في أي بقعة من العالم، أن يكونوا، أكثر من غيرهم، على دراية بما يحدث في ديارهم أولاً بأول، وما يتعلق بشؤون حيواتهم. لكنّي، مؤخراً، تبيّن لي أن المثل المذكور قد لا يكون ملائماً تماماً، في بعض الحالات، ويقصر عن تحقيق ما يَعِدُ به سامعيه. ولا ذنب للمثل في ذلك، وإنّما يقع اللوم على شدّة تعقّد الوضع أو الأوضاع، في بلد ما، وغياب الشفافية فيه، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان على أهله معرفة خفايا ما يحدث ويدور وراء أبواب مغلقة، وفي كواليس معتمة. وعلى سبيل المثال، لو حاولنا تطبيق المثل على مدى فهم أهل ليبيا لما يحدث في شعاب بلادهم، من خلال إجراء استبيان شعبي مع نسبة كبيرة من سكانها، من مختلف الأعمار، ومن الجنسين، وفي مختلف المناطق، سوف يتبيّن لنا أن الليبيين رغم حيوية وجودهم وتفاعلهم الحياتي فوق أرضهم، قد لا ينطبق المثل عليهم، وأنهم تنقصهم معرفة ما يدور من أوضاع، ويحيّرهم، مثل غيرهم، ما يحدث من تبدّلات وتحوّلات وحوادث، بين مختلف الفرقاء المتصارعين على السلطة والثروة والنفوذ في بلادهم.
في الآونة الأخيرة، تبدّتْ هذه الحيرة أوضح ما يكون، لدى قيام بعض مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية، بوضع خرائط رادارية ترصد حركة الطيران فوق الأجواء الليبية وفي مختلف المطارات. ما يميّز تلك الخرائط المنشورة، أنّها تسجل حركة غير عادية لطائرات شحن عسكرية بريطانية وأميركية وتركية، تحطّ وتغادر، في مطارات معيتيقة بطرابلس، ومصراتة، والوطية قرب الحدود التونسية. حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التزمت الصمت. والأجهزة الأمنية، بطبيعتها، اكتفت بالسكوت.
والأسئلة حول طبيعة تلك الرحلات المكوكية، وما تحمل تلك الطائرات من شُحنات مجهولة تتزايد يوماً بيوم، من دون أن تجد إجابات. هذا الصمتُ الحكومي، وتلك التحركاتُ العسكرية المقلقة، أفضت بالضرورة إلى فتح الأبواب أمام الشائعات والتأويلات. البعض يقول إن تلك الطائرات تحطُّ محملة بأسلحة عسكرية ومعدات وذخائر، استعداداً لتنفيذ خطة حربية تستهدف اقتلاع قوات فاغنر الروسية، المتخندقة في مدينة سرت ومنطقة الجفرة. وهو تأويل، في رأيي، يتعارض ومنطق الأحداث، لأن تصدير السلاح إلى ليبيا محظور قانوناً بقرار من قبل مجلس الأمن الدولي، وبالتالي يصير من غير الممكن على دولتين دائمتي العضوية خرق قرار مجلس الأمن الدولي.
البعض الآخر يقول إن تلك الطائرات العسكرية تأتي فارغة إلى ليبيا لتحمل شحنات من السلاح والذخائر إلى أوكرانيا. وفي تفسيرهم لذلك يقولون إن أغلب أسلحة الجيش الأوكراني قديمة من صنع روسي. وإن مصانع الغرب العسكرية لا تستطيع توفير ذخائر وقطع غيار وبدائل لما يتعرض منها للضرر. وإن واشنطن ولندن وأنقرة تولت توفير البديل المفقود من ذلك السلاح من السوق الليبية، حيث ينتشر السلاح الروسي القديم الصنع، وتتوفر أسواقه.
وهذا التفسير أقرب إلى المنطق؛ إذ سبقه قيام الحكومة البريطانية بإعادة فتح سفارتها في طرابلس رسمياً. وهذا ربما يفسر أن توقيت عودة السفارة إلى العمل في طرابلس كان بغرض تولي الإشراف على عمليات شراء الأسلحة وشحنها إلى أوكرانيا، عبر أحد البلدان المجاورة. لكن في غياب الشفافية، يظل الحالُ على ما هو عليه، أي في حاجة إلى توضيح رسمي. ومن غير الممكن على متابع بناء تحليل سياسي موضوعي من دون توفر معلومات مؤكدة، ومن مصادر لا تطولها شوائب. والاعتماد على الشائعات، والتكهنات، والتفسيرات المتعددة لا طائل من ورائه، لأنها في الحقيقة تخرّصات، ومحاولات يائسة لملء فراغات في اللوحة، قد تساعد على فهم ذلك الحدث، نظراً لأن الجهات الرسمية المسؤولة ذات الصلة، مثل وزارات الخارجية، أو الدفاع، أو الداخلية، أو حتى مصلحة الطيران المدني وشؤون المطارات، لم يبدر منها أي رغبة للتوضيح.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا ما الذي يحدث ليبيا ما الذي يحدث



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab