الإنسان بين السكينة والحروب

الإنسان بين السكينة والحروب

الإنسان بين السكينة والحروب

 العرب اليوم -

الإنسان بين السكينة والحروب

بقلم : جمعة بوكليب

 

هل السّلامُ سَرابٌ؟ سؤالٌ مشروع من حقّنا سؤاله، في عالم لا يتوقف عن التقاتل والحروب. إلا أن حقّنا في السؤال لا يعني ضمنياً ضمان حقّنا في الحصول على إجابة، لعدم توفّرها حتى الآن.

السّلامُ اسمٌ من أسماء الله الحُسنى، وصفةٌ من صفاته تعالى. والمعاجمُ اللغويةُ، القديم منها والجديد، تزدحم بالمفردة، بمختلف الألسنة والأبجديات. والحركات السياسية والمنظمات الدولية المهتمة بالسلام تكاد لا تخلو منها دولة، حتى الفقيرة والصغيرة منها. وكثير من الأحزاب السياسية تجعل من السّلام اسماً، وترفعه شعاراً تزيّن بها راياتها. وحمامة الفنان الإسباني بابلو بيكاسو البيضاء المشهورة التي تطير في الهواء، حاملة في منقارها غصن زيتون مبشّرة بالسلام، ما زالت تذكر الإنسان، أينما كان وحلَّ، بما يفتقد ويشتهي.

السّلام، في الواقع البشري منذ آلاف السنين، وهمٌ من أوهامٍ كثيرة، اخترعتها البشرية بأمل تحقيقها وبهدف التنعّم بحياة خالية من الخوف والقلق الذي تسببه الحروب، وضلت الطريق نحوه. ويبدو مستحيل التحقق. وما يظهر منه قصير زمنياً، ولا يختلف عن هدنة راحة قصيرة في حرب طويلة الأمد. ويكاد يشبه طريدة مراوغة، في أحراش غابة، أو في شعابٍ جبلية وعرة، أو بين كثبان صحراء مهلكة، تظهر للصائدين خطفاً، مثل إيماضة حلم جميل، وتختفي بمثل السرعة التي ظهرت بها، فيسارعون بالمطاردة. وفي نهاية اليوم يعودون إلى بيوتهم خاوي الوفاض. ورغماً عن ذلك، يبدأون النهار التالي بمغادرة بيوتهم ومعاودة المطاردة، باقتفاء أثر الطريدة. وفي لحظة أشبه ما تكون بين نوم ويقظة تظهر لهم ثانية. فتحيي في قلوبهم ما احتضر يأساً من آمال وأحلام.

لا أحد بمقدوره التكهن بإمكانية حصول الصائدين على الجائزة المأمولة. إلا أنّ الكَرّ والفَرّ لا يتوقفان. وكأن الحلم الإنساني بإمكانية تحقيق سلام نهائي لا تصدّه حدودٌ، ولا تحجزه موانع أو مصاعب، ولا يعترف بإجهادٍ وتعبٍ وإرهاق. السؤال: إلى متى؟

التطورُ الإنساني في مجال العلوم والتكنولوجيا أحدث ثورة غير مسبوقة في مجالات الحياة كافة. إلا أنّه بدلاً من تقريب المسافة بيننا وبين السّلام في العالم وتحقيقه، زاد في تعميق الهوّة واتساع المسافة. إذ بقدر ما ضيّقت التكنولوجيا المسافات بين دول العالم وأممه وشعوبه، حتى أضحى قرية كونية، عملت في الوقت ذاته على تزايد توالد التوتر والقلق والخوف في القلوب. إذ لا أحد في عصر الأسلحة التكنولوجية المتطورة بمأمن من شرور الحرب، حتى القبائل البدائية الصغيرة المسالمة في أقصى غابات الأمازون. بل إن الصراع بين الدول الكبرى انتقل مؤخراً إلى كواكب أخرى.

التقارير الإعلامية هذه الأيام لا تكفّ عن الحديث حول آخر التطورات في الصراع الأميركي - الصيني حول استعمار القمر والمريخ. الصراع المقبل في كواكب بعيدة يذكر بالصراع الاستعماري الأوروبي للاستحواذ على أمم وشعوب أفريقيا وآسيا والاستيلاء على ثرواتها، وما سبّبه من كوارث. وهذا يعني أن إمكانية الحياة البشرية في كواكب أخرى، لو تحققت، لن تكون مختلفة عن الحياة الأرضية. أي أنّها لن تعرف السّلام. وهو ما سيقودنا إلى متاهة جديدة، تضاف إلى ما عرفنا من متاهات بلا مخارج قد تقود الإنسان إلى تحقيق حلمه وأمله في العيش في كون خالٍ من الحروب. وكأن قدر الإنسان، منذ إطلاقه صرخة الميلاد الأولى إلى الغرغرة الأخيرة من أنفاسه، أن يعيش مسكوناً ومهجوساً بالقلق وبالخوف من حروب، تحول بينه وبين السكينة والاطمئنان، بتهديد متواصل لحياته.

arabstoday

GMT 05:55 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 09:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

الثرثار الرائع

GMT 09:38 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لماذا يتفوق العلم؟

GMT 09:36 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

رمزان من القوى الناعمة فى مصر

GMT 09:35 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أغانى المهرجانات التى نتعالى عليها!!!

GMT 09:33 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

صور متخيلة لعالم وهو ينتقل من عام إلى آخر

GMT 09:31 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أزمة السودان وخطاب الإقصاء

GMT 09:29 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان بين السكينة والحروب الإنسان بين السكينة والحروب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab